حول موضوع ” تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام : الضمانات والصعوبات والرهانات”
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس محكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
السيد الوكيل العام لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة
السيد وسيط المملكة
السيد الوكيل القضائي للمملكة
السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم بنسليمان
السيدات و السادة المسؤولين القضائيين والإداريين
الحضور الكريم
في مستهل هذا اللقاء يطيب لي أن أجدد خالص التهاني لجناب السيد رئيس محكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ولجناب السيد الوكيل العام بنفس المحكمة، رئيس النيابة العامة على الثقة المولوية الغالية لجلالة الملك المنصور بالله بمناسبة تعيينهما على رأس الهرم القضائي الوطني، راجيا من العلي القدير أن يكتب لهما التوفيق والسداد لما فيه خير البلاد والعبادـ
ولا تفوتني الفرصة للتعبير لكم وللسيد وسيط المملكة عن جزيل الشكر وعميق الامتنان على تفضلكم بقبول التنظيم المشترك لهذا الحدث العلمي الهام، و الترحيب بكل الحضور الكريم في إدارة الجمارك برحاب معهد التدريب الجمركي، وهو فضاء حديث للتكوين الجمركي و العسكري،
تتشرف إدارة الجمارك بوضعه رهن إشارتكم لاحتضان الأنشطة العلمية و المهنية.
حضرات السيدات و السادة،
إن موضوع “تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة و أشخاص القانون العام : الضمانات و الرهانات” تحت شعار الموازنة بين الحقوق و الواجبات في استيفاء الدين العمومي مع الالتزام بضوابط المشروعية و ضمان حقوق الملزم، يكتسي أهمية بالغة بالنظر لما لتنفيذ الأحكام القضائية، لاسيما في المادة الزجرية من رهان مرتبطة بضمان الأمن المالي للدولة و حسن سير السياسة الجنائية و مكافحة الاغتناء من الجريمة، و تثبيت قواعد وأسس ثقافة المنافسة الشريفة وتحسين مناخ الأعمال و هيكلة الاقتصاد الوطني.
الموضوع يستمد كذلك أهميته المعتبرة في كفالة سيادة القانون واحترام الضمانات القانونية للملزمين واحترام الملكية الخاصة والمبادرة الفردية، التي تعد من الثوابت المقررة في دستور المملكة، ذلك أنه إذا كان الوصول إلى الحق و إصدار حكم نهائي يقتضي إنجاز مساطر وإجراءات قضائية، ويستدعي اجتهاد القاضي للبث في النزاع و النطق بالحكم داخل أجل معقول، تحقيقا للأمن القضائي للمتقاضين، فإنه من غير المقبول أن يتم تعطيل أو تعليق تنفيذ هذا الحكم لأن ذلك يعصف بالحق ويهدم العدل ويفرغ آلية التقاضي من معانيها و مبانيها.
وإذا كانت آلية الصلح المقررة قانونا في المادة الزجرية الجمركية تساعد على عقلنة و تحجيم المتابعات القضائية و في حل كثير من إشكالات تنفيذ الأحكام القضائية، فإن الغرامات و الإدانات النقدية تشكل الجزء الأكبر من الباقي استخلاصه من مستحقات الخزينة العامة، الشيء الذي يشكل عبئا على المالية العمومية من خلال انعدام فرص الاستخلاص في حالات كثيرة، فضلا عن انعكاسات ذلك على تراكم المتأخرات بمشاكل تدبيرية مؤثرة سلبيا على جوانب أخرى من نشاط الإدارات الجبائية.
وتتضاعف أهمية الموضوع والحدث باستحضار معادلة صعبة : تكمن في عيشنا في زمن نذرة الموارد المالية مقابل تعاظم الانتظارات المجتمعية من المالية العمومية، علاوة على معادلة أخرى، قوامها أن تحصيل الديون العمومية مؤطر بنصوص قانونية متعددة بين القانونين العام والخاص.
ولعل من الإشكالات الكبرى لتنفيذ الغرامات و الإدانات الجمركية، إشكال تداخل مساطر التنفيذ مع مسطرة العقل على الأموال المنقولة و العقارية للملزمين بصورة تؤدي إلى :
▪︎ توقف التنفيذ تماما وجعله مفتوحا إلى ما لا نهاية وعرقلة عملية تسوية المتأخرات و لو عبر الصلح،
▪︎ تراكم الباقي استخلاصه،
▪︎ تحمل أعباء تدبيرية بكلفة مالية تتحملها الخزينة العامة.
ولا يفوتني التنويه بالشراكات القائمة حاليا مع إدارة الجمارك من خلال :
▪︎ العلاقات اليومية مع أجهزة العدالة من نيابة عامة، قضاء تحقيق و هيئات الحكم و كتابة الضبط، وذلك في إطار ضابط القانون و خدمة الصالح العام،
▪︎ العلاقات مع وزارة العدل و المعهد العالي للقضاء في مختلف المجالات.
وهي شراكات لها أهميتها في دعم و تعزيز و مواكبة مجهودات إدارة الجمارك في المادة التنازعية و مراقبة نشاطها بوجه عام وإسنادها أيضا في مادة التنفيذ بوجه خاص.
ولذلك، تبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز أواصر التعاون و إلى تضافر الجهود من اجل تجويد أداء كافة الفاعلين والمتدخلين في موضوع التنفيذ، مع الإشارة إلى أهمية ما يلي :
أولا : مأسسة مثل هذه اللقاءات لتقاسم و تبادل التجارب و الممارسات الفضلى،
ثانيا : تعزيز أواصر التعاون و التنسيق بين مختلف الجهات المتدخلة،
ثالثا: تطوير التكوينات المتبادلة والشراكات بهذا الخصوص،
رابعا: استحضار أهمية وراهنية الاستناد على التقنيات الحديثة و الوسائل و الأنظمة المعلوماتية لما توفر من سرعة و دقة في أداء الخدمات و نجاعة في التدبير الإداري.
وفي هذا الإطار، فإن إدارة الجمارك تعرب لكم عن استعدادها التام لإرساء و تطوير تبادل المعطيات بشكل الكتروني مع كل المتدخلين، كما أنها لن تتردد في وضع خبرتها المتواضعة في هذا الشأن رهن إشارة مختلف مكونات منظومة العدالة.
حضرات السيدات و السادة،
أملنا كبير أن يكون النقاش في الموضوعات المدرجة خلال هذه التظاهرة العلمية، مثمرا و منتجا لحلول عملية لتجاوز المشاكل التي تعترض التنفيذ القضائي، وأن يشكل أرضية حقيقية لاستثمار التجارب والتراكمات المختلفة لتدليل الصعاب المطروحة.
و لي اليقين، حضرات السيدات و السادة، أن هذا اللقاء، ستنبثق عنه مخرجات وتوصيات كفيلة بتطوير نجاعة تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضف تعليقا