محور لقاء تفاعلي للجمعية المغربية للعدول الشباب
متابعة: د. يوسف الحزيمري (عدل موثق بمركز بوجدور)
في إطار اللقاءات التفاعلية التي تنظمها الجمعية المغربية للعدول الشباب تحت عنوان: )التوثيق العدلي بين تحقيق المطالب المشروعة وغياب المقاربة التشاركية( وبعد اللقاء الأول الذي عرف تفاعلا ونقاشا هاما يأتي اللقاء الثاني يوم الجمعة 29 أبريل 2022 والذي طرح من خلاله محور (حساب الودائع آلية وليست اختصاصا) بمشاركة ثلة من الأساتذة العدول الموثقين.
اللقاء كان من تسيير الأستاذ أحمد رغاي الكاتب العام لفرع الجمعية المغربية للعدول الشباب بأكادير الذي أطر للقاء ومناسبته وسياقه كونه يأتي في وقت تعرف فيه الساحة المهنية للسادة العدول نقاشا حول المسودة، وكذلك خلقا لبوابة إيصال المعلومة التي تفتقدها القاعدة المنتظرة لخروج قانون عصري يحفظ كرامتها ويواكب تطلعاتها.
البداية كانت مع الأستاذ سعيد الصروخ عضو الجمعية المغربية للعدول الشباب والتي أشار فيها إلى أن المهنة تعيش مرحلة فارقة مع ملفات حارقة، متسائلا: هل هناك مقاربة تشاركية حقيقية؟ وهل لجنة الحوار ملتزمة بالمصداقية وبشروط القاعدة ومطالبها؟ هل هناك حوار جدي ومسؤول من قبل لجنة الحوار خصوصا بعد إحالة المشروع المسودة على الأمانة العامة للحكومة وما يتخبط فيه السادة العدول من حيرة شديدة بخصوصه؟ وهل هناك من جدولة بعد الإحالة لتغيير المشروع؟ أجوبة هذه الأسئلة اعتبرها ضرورية لإزالة الشكوك حول اللجنة المحاورة واختبار مصداقيتها، خصوصا بعد ما صرح به الأستاذ ادريس طرالي ونور الدين حيار في لقاء سابق حول الأجواء الإيجابية للحوار، وأنه يسير في اتجاه احترام مطالب السادة العدول، وإذا ما تم رفض المطالب فإن اللجنة ستلجأ إلى النضال وإسماع صوت العدول.
مضيفا إلى أن اللجنة قد غيبت الصوت النسائي في الحوار، وهو ما أكدته الأستاذة سناء حمحم في اللقاء السابق، مؤكدا على أن الجمعية المغربية للعدول الشباب تؤمن بمقاربة النوع والمناصفة الدستورية، معتبرة إياه مفتاحا للأبواب المغلقة.
إن المقاربة التشاركية هي ركن من أركان الحكامة الجيدة إلى جانب التفكير الاستراتيجي والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن ثم كانت مداخلة الأستاذ يوسف آيت الحو رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط ليجيب عن تساؤلات المسير والتي انتخبها من تدخلات السادة العدول، فكيف يرى الأستاذ كفة المفاوضات وإيجابيتها وسلبياتها مع الوزارة ومدى تجاوبها؟، وكيفية تدبير المكتب التنفيذي للهيئة لجلسات الحوار؟، وهل تؤمن لجنة الحوار بفقه الأوليات؟.
وهي تساؤلات أجاب عنها الأستاذ المذكور بحسب ما يتوفر لديه من معلومات مضيفا إليها تساؤلات أخرى من قبيل ما هو السياق والظروف التي ظهرت فيها المسودة تشريعيا ونشرا وإحالة؟.
مشيرا إلى أنه في الوقت الذي ينتظر فيه السادة العدول قانونا مشرفا يستجيب لتطلعاتهم، يفاجؤون بمسودة سوداء منشورة ومحالة الأمر الذي يستوجب في نظره أكثر من وقفة وتساؤل لأخذ الدروس، فهل هذا يعني مقاربة تشاركية في نظر الهيئة؟ وهل كانت على علم بالإحالة؟ وهل لها بصمة في هذه المسودة أم لا؟.
معتبرا أنه لا يوجد قانونيا إحالة القانون دون موافقة الجهات المحاورة، ومن ثم من وقع المسودة؟ ومن حضر التوقيع؟ كاشفا عن أن اعتبار المقاربة التشاركية في تسيير الشأن المهني لا يمكن أن تنطلق من الحوار وهذا وهم واستخفاف بعقول السادة العدول.
ومن ثم وقف مع مجموعة من الملاحظات على مشروع القانون الجديد المحال على الأمانة العامة للحكومة، وهي اشتماله على مضامين كارثية خطيرة، حيث أجهز على مكتسبات القانون الحالي (03/16) ونسخ كليا القوانين السابقة والمراسيم والدوريات وكأننا سنبدأ من الصفر، وهو أمر غير مقبول وخطير على المهنة، كما أنه كنا نطمح بتعبيره في تغيير التسمية من خطة العدالة إلى التوثيق العدلي نجد المشروع يحذف كل ما له علاقة بلفظ التوثيق، وأننا كنا نطالب بالاستقلالية ورفع الخطاب فنجد المشروع يوسع من صلاحية قاضي التوثيق ومراقبته، ويزيد من القيود على عمل العدل (القاضي، النيابة العامة، وزارة المالية، الوزارة الوصية، المجالس الجهوية…إلخ)، مضيفا إلى وجود مادة خطيرة بخصوص التنافي مع الموثق والمحامي وهي مادة ستذبح المهنة ذبحا.
وعن لجنة الحوار تحدث الأستاذ عن منهجية الحوار مع الوزارة، وأنه ينبغي أن يكون باتفاق مبدئي على أرضية معينة، في حين أن الوزارة أحالت القانون على الأمانة العامة، فاللجنة تحاور في مشروع قانون معد من قبل الوزارة وليس هناك مقاربة تشاركية، فعلى مستوى الذات هل تم احترام مخرجات الجمعية العامة بمراكش (رفع الخطاب، التلقي الفردي، تخفيض عدد اللفيف، التسمية، صندوق الودائع…؟) ومن ثم دق الأستاذ ناقوس الخطر، وأن يبقى السادة العدول يقضين وأنه لا ثقة إلى حين خروج القانون بالجريدة الرسمية.
بعدها كانت الكلمة للأستاذ عبد اللطيف جيد عضو المجلس الجهوي لعدول استئنافية الدار البيضاء ليطرح موضوعه حول محور اللقاء(حساب الودائع آلية وليست اختصاصا) تكلم فيها عن طبيعة صندوق الودائع، وأنه بالصيغة الحالية التي تشتغل بها باقي المهن التوثيقية، فيه خطر على الأمن التعاقدي، ولهذا السبب هناك لجنة ثلاثية تعمل على إعادة النظر في هذه الآلية.
حيث طرح فكرة جديدة تقنية محضة وتصورا لطبيعة عمل السادة العدول مع صندوق الودائع تتمثل في فتح الحساب من طرف المجالس الجهوية وضمن هذا الحساب تفتح حسابات فرعية للسادة العدول وتمنح لكل عدل صلاحية يكون فيها عدم سحب الأموال إلا بموافقة المجلس الجهوي الذي يمكنه الاستعانة بخلية بنكية داخل مقراتها تتبع العقود والاختلالات التي قد تطرأ على الحساب وإحالة الأمر على مكتب المجلس والبنك الذي يمكسك الودائع والنيابة العامة، وهو الأمر الذي يمنح الثقة للمؤسسات أو الزبناء ذاتيين واعتباريين في التعامل مع السادة العدول، كما سيمنح للمجلس الجهوي سلطة تدبيرية للمالية، مع بقاء مقراتها مفتوحة، واستفادتها من اقتطاعات مالية لصالحها، واعتبر الأستاذ جيد أن هذه الفكرة تعتمد بالأساس على رقمنة الإجراءات لتحقيق السرعة والضبط.
بعدها كانت الكلمة للدكتورة نادية الشرقاوي عدل موثقة باستينافية الرباط، والتي أجابت فيها عن تساؤلات من قبيل هل فعلت المسودة المحالة على الأمانة العامة مقتضيات ومبادئ دستور 2011 كمبدأ المناصفة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع؟ وهل يتم تدبير الحوار الحالي بحضور العنصر النسوي؟ وهل هناك أمل يخالج المرأة العدل في هذا المسلسل التفاوضي؟.
وقد أبدت ملاحظات عن كون القانون الحالي لمهنة العدالة في شقه النظري، وفي جانبه العملي غير ملائم بتاتا لممارسة المرأة العدل للتوثيق العدلي، ومن ثم فإن تطلعاتها كانت كبيرة في مشروع القانون الجديد، لكن أسفا جاء هو أيضا ليكرس التمييز ويلغي مقاربة النوع والمناصفة، بحيث يكبل المرأة العدل ولا يدعها تحظى بمثل المكانة التي تحظى بها المرأة في باقي المهن التوثيقية، فالتشريع الخاص في نظر الأستاذة لم ينصفها ومن ثم فالأولى أن تكون شريكة في وضع نصوص المسودة الجديدة والتي نأمل أن تكون منصفة، وذلك عبر تشكيل خلية نسائية وطنية للمرأة العدل وسماع صوتها قبل المسودة لا بعدها وقبل اتخاذ أي قرار مصيري يهم المهنة.
ثم عرجت على مجموعة من الملاحظات المسجلة على المسودة، والتي كرست الصورة النمطية والتقليدية لخطة العدالة متجاوزة بذلك مطالب التحديث ومواكبة المستجدات والرقمنة، ومقتضيات ومبادئ دستور 2011 ومقررات إصلاح منظومة العدالة.
مشيرة إلى أنه بفضل الإرادة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وجدت المرأة العدل بوابة المهنة مفتوحة، وتم الترحيب بها من قبل المجتمع المغربي المتسم بالوسطية والاعتدال، وعليه فينبغي أن يكون مشروع القانون الجديد مشركا للمرأة العدل في كل ما يخص المهنة، وإعادة النظر في كثير من المواد التي حدت من صلاحياتها ومنعتها من المشاركة في تدبير الشأن المهني سواء على مستوى العضوية أو الرئاسة، مختتمة كلمتها بأنه ما الداعي إلى الإصلاح إذا لم تأخذ مقتضيات الدستور وتمتيع المرأة العدل بحقوقها بعين الاعتبار.
اضف تعليقا