تفاجأنا في الجمعية المغربية للعدول الشباب يوم الإعلان عن نتائج الامتحان المهني بتاريخ: 05 مارس 2020 بإسقاط أسماء واحد وسبعين عدلا موثقا من لائحة الناجحين الشيء الذي خلف صدمة قوية لكل المتتبعين للشأن القضائي بصفة عامة والشأن التوثيقي بصفة خاصة حيث لم يكن أحد ينتظر هذا التعامل مع هذه الفئة بعد أن قضت التكوين المهني بشقيه العلمي والتطبيقي بالمكاتب العدلية دون دعم مادي يعينها على نفقة الدراسة والتكوين والأدهى من ذلك كله أن الأغلبية من هذه الفئة المقصية كانت تشتغل في وظائف عمومية وخصوصية وتعيل بها أسرها وأهلها فلما توصلت بالقرارات الوزارية من أجل التمرين قدمت بعدها مباشرة استقالاتها من الوظائف المذكورة خشية الوقوع في حالات التنافي القانونية.
وها هي اليوم مع كامل الأسف تجد نفسها عرضة للبطالة القاتلة بعد أن كانت توفر لنفسها وأسرها قليلا من الكرامة الإنسانية وبصيصا من العيش الكريم وقد أحاطت الديون بالكثير منهم لدرجة لا تطاق جراء طول المدة بين المباراة والتعيين، فأي تشريع منطقي يقبل هذا كله؟ والأصعب في هذا الإقصاء أن هذه الفئة اشتهرت بين أسرها وأهلها ومحيطها المجتمعي بولوج مهنة التوثيق العدلي فأضحى أفراد المجتمع ينادونها بصفة العدل وقد أصاب الكثير منهم أمراض نفسية وصدمات وجدانية كما قد حاول البعض منهم الانتحار يوم الإعلان عن نتائج الامتحان المهني فأي ضرر أكبر من هذا النكوص الاجتماعي والتدهور الحقوقي لهذه الفئة المقصية؟ مع العلم أن أغلب هذه الفئة حاصلة على الشواهد العليا من ماسترات من مختلف التخصصات القانونية ومسجلة بمختبرات الدكتوراه في القانون المغربي بشقيه الخاص والعام وكذا المسجلين بكليات الشريعة والقانون بالإضافة إلى دبلومات مهنية وتجارب علمية، وحيث إنه في المقابل يشهد الرأي العام الوطني والرأي الحقوقي إقدام وزارة العدل على إغراق خطة العدالة بحملة العالمية في التعليم العتيق وحملة الدكتوراه دون مباراة كتابية وشفوية الشيء الذي يطرح سؤالا غريبا وخطيرا أين ذهب مبدأ المساواة الدستوري؟ وأين هو مبدأ تكافؤ الفرص؟ فالقانون الخاص بالتوثيق العدلي 16-03 في مادته 9 يتحدث عن شهادة العالمية التي تضاهي دكتوراه الدولة في النظام العالي القديم في حين النظام الحالي اعتبر شهادة العالمية شهادة معادلة للإجازة فقط حيث ورد في إشهاد صادر عن الكتابة العامة لوزارة الأوقاف مديرية التعليم العتيق تحت عدد 09 بتاريخ 17 يونيو 2014 في فقرته الأخيرة ما نصه: “يشهد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بأن شهادة العالمية شهادة وطنية تطابق مدة الدراسة بها مدة تحضير شهادة الإجازة الوطنية وتخول لحاملها نفس الحقوق التي يتمتع بها حامل الإجازة الوطنية المسلمة من الجامعات المغربية”. فكيف يسمح لهذه الفئة بدخول خطة العدالة دون مباراة؟ وكيف يرسب العدول الذين اجتازوا الامتحان الكتابي والشفوي وقضوا ما يفوق السنتين ونصف من انتظار وتمرين وإعداد واستعداد؟ ثم إن أصحاب هذه الشهادة الذين ادمجوا في خطة العدالة عنوة لا ينتمون لجامعة القرويين بل إلى معاهد التعليم العتيق حيث يبقى التساؤل الوارد كنتيجة منطقية تشريعية هل كل هذا كان خطأ تقديريا تفسيريا للنص القانوني أم هو عمد مقصود؟ وحتى حملة الدكتوراه الذين تم التنصيص على إعفائهم من المباراة إذا ما تمت ملاءمة نص القانون الخاص لخطة العدالة مع نص الدستور المغربي فإنه من باب المساواة وتكافؤ الفرص وجب المرور من مباراة كتابية وشفوية وتمرين علمي وتطبيقي بالمكاتب العدلية تحقيقا لهذين المبدأين الدستوريين، فكيف يسمح بكل بهذا؟ والغريب في الأمر أيضا أنه في إطار جواب عن سؤال كتابي موجه من نائب برلماني جواب وزاري عدد 501.ص: 153 تحت رقم: 11171 بتاريخ: 10 ماي 2018 حول أصحاب هذه الشواهد كانت الإجابة أنه سبق الإعلان عن مباراة 800 منصب ولا يمكن الاستدراك عليها حيث جاء في فقرة الجواب ما قبل الأخيرة ما نصه “وفي هذا الإطار نود أن نذكركم السيد النائب المحترم بأن وزارة العدل قد سبق لها أن نظمت بتاريخ: 06 ماي 2018 مباراة ولوج المهنة وقد حدد عدد المناصب المتبارى بشأنها في 800 منصب” وبهذا يتضح أن توجه الوزارة لم يكن فيه ترسيب عدد الواحد والسبعين أو غيره بل إن الإعلان عنها كان كمناصب شغل قانونية حرة و حيث إن هذا التوجه هو الذي جرى به العمل في تاريخ المهن القضائية فيما يتعلق بالامتحان المهني الذي يكون هدفه الاستحقاق لا الإقصاء وهذا التوجه أيضا هو المقصود من الامتحان المهني بحسب ما جاء في قانون خطة العدالة في الفقرة الثانية من المادة 7 ما نصه: “يؤدي العدل المتمرن بعد انصرام فترة التمرين امتحانا مهنيا قصد ترسيمه في خطة العدالة” فالنص في غاية الوضوح من أن المقصود هو الترسيم في المهنة لا الإقصاء من خطة العدالة بعدما بذل المتمرنون الغالي والنفيس من مالهم ووقتهم وصحتهم واستقالة من وظائفهم.
لكل هذه الأسباب والحيثيات والمعطيات فإن الجمعية المغربية للعدول الشباب تعلن عن الآتي:
1. تضامنها المطلق مع مجموعة 71 عدلا وتطالب بإدماجهم مع بقية الزملاء الذين تم تعيينهم وتمكينهم من كل آليات الالتحاق بالمهنة.
2. رفض قرار تعيين حاملي الشهادة العالمية للتعليم العتيق.
3. ضرورة تعاطي وزارة العدل مع ملفات السادة العدول بمبدأ التشاركية والوضوح واطلاع السادة العدول على مصير تعديل القانون المنظم للمهنة ومآل النقاط المفصلية فيه.
4. تنظيم وقفة انذارية أولى يوم الاثنين 29 يونيو 2020 .
المكتب الوطني للجمعية المغربية للعدول الشباب
اضف تعليقا