مــا أضيق العيش لولا فسحة الأمل؟

كل من له عقل سليم، ينفطر قبله حسرة وألما على مسار الهيئة الوطنية للعدول وانحدارها، بل وانتحارها فهاهي تتداعى وتتهاوى على مرأى ومسمع من رموز مسيريها، وفشل سياستهم في التسيير والتدبير، والأرشفة، وكل شيء عندهم مهزوز ومهزوم، وسخيف، لكنهم اهتموا بمظاهرهم، وحبذا لو كان مظهرهم يتناسب مع انتمائهم لهذه الهيئة. عجبا كل العجب…

منهم من التجأ إلى شراء الضمائر بكراء الفنادق وإقامة مآدب العشاء لكسب الأصوات وتخريب الملة إن الله لا يصلح عمل المفسدين، هل من كانت عقليته كهذا يرجى فيه الخير وينتظر منه الفلاح، كلا وألف كلا، أعزائي ها أنتم ترون بأم أعينكم، طاقم من الرؤساء، يركبون صهواة خيولهم ويتظاهرون غرورا بانتمائهم للنخوة وعلو الهمة، دون الإلتفاتة إلى هيئتهم ليكسوها برداء العزة والكرامة، وليردوا لها أمجادها السليبة الغابرة العتيقة، وأية أمجاد نتحدث عنها، هل حقق الشباب الذين قادوا زمام الهيئة منذ تسع سنوات سلفت قيادة حكيمة؟ لأن الجمعية العامة أنذاك كانت تقول بأنها تريد أن تسلم القيادة للشباب، فهل تحقق شيء من تلك الأحلام السخيفة التي تلاشت وتتلاشى تدهورا وتهورا؟ أم فشل من كان به هذيان واندفاع غير محسوب العواقب، تسبب هذا الهذيان والإندفاع الغير المدروسين دراسة علمية وأكاديمية في الإنزلاق بالهيئة إلى ما هي فيه، وهاهي تتساقط مكتسباتها ومطالبها كأوراق الخريف بين أقدام مسيريها الشباب، الذين يهتمون بهندامهم، ولا يهتمون بهندام كيانهم، لماذا هذا التهور.؟ أتدرون لماذا؟ لأنه لم يكن أحد منهم يعرف كيف ولدت هذه الهيئة، ولو أنهم عرفوا سبب نزولها، والأعباء التي تحملها المناضلون من الرعيل الأول ـ الشيوخ ـ من أجلها، لما أطلقوا عنانها لمن لا يحسن قيادتها، ولا أسلموا زمامها لمن يفتك بها، ويحاول محوها من الوجود.

هل فكر مفكروا الهيئة الوطنية على اختلاف سياساتهم، وتفكيرهم واختلاف مشاربهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ فإذا جادت قرائح بعض المنقذين للكبوة السحيقة والسخيفة، فعليهم أن يفكروا تفكيرا سديدا صوابا، وبنية الإخلاص والتجرد وبرزانة وبقوة اقتراحية عالية الجودة والتميز، ليضعوا خارطة الطريق للعمل الجماعي والتفكير في إصلاح النظام الأساسي للهيئة، وعدم التفريط في الثوابت التي هي: رسمية العقد بمجرد توقيع الأطراف عليه. مبدأ التأديب. صندوق الإيداع. الإشهاد الفردي. القطيعة مع قاضي التوثيق والنساخة، الإختصاص النوعي والمكاني على الصعيد الوطني. الحماية القانونية للعدل. المساواة بين التوثقين في جميع المجالات ـ تحيين قانون التوثيق العدلي ومواءمته مع دستور 2011 والقوانين الجديدة كقانون الحكامة وغيره. و نظام رقمنة العقود الإلكترونية وذلك بعدم التفريط في المطالب الأساسية المطلوبة سابقا ولاحقا والتي نعتبرها خطوطا حمراء لا يمكن التنازل عنها أبدا ولو أدى الحال إلى فناء الهيئة وفناء ممتهنيها، والدفاع عن هذه الثوابت باستماتة، وتنظيم محطات نضالية لا هوادة فيها وبشكل مكثف، بوقفات احتجاجية، جماعية ومسيرات بشوارع الرباط، وبنصب الخيام إذا اقتضى الحال ذلك، وبنشر المقالات الصحفية، والإستجوابات الصحفية على القنوات التلفزية والإذاعية، وحمل لافتات المطالب، وصبغها بألوان مختلفة لتثير الإنتباه ولتدل على أن العدول مقبلون على عمليات انتحارية، إما العيش الكريمة، وإما الموتة الشريفة، وكونوا على يقين أنكم لن يكون لكم السادة العدول في مشرق المغرب ولا مغربه أية قيمة تذكر إذا لم تضحوا فالتضحية هي روح الفداء وروح العزة والكرامة. إذن نتمثل بشعارنا ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

إذن فسحة الأمل هي التي تحدو بنا للتدخل بحرارة وشوق إلى الإندفاع المعقلن لا للإندفاع العشوائي، فغيرتنا على هذه المهنة تجري في أعماق شرايين دمنا بقوة اندفاع دقات القلب، صدقوا أو لاتصدقوا.. لذلك أناشدكم أعزائي المهتمين بهذا الشأن العظيم وأن تأخذوا بهذه الأفكار بل بأحسنها وعليكم رسم خارطة طريق وتدارسها واعملوا بمقتضاها بعد مناقشتها وموافقتكم عليها، وحددوا الأهداف التي تريدونها في المستقبل لتكون حصنا حصينا لهيئتكم بدقة وشمولية واتخاذ المتعين بشأنها. لأن القيمين عليها ليست لهم أهداف مرسومة غير العشوائية والتظاهر بمظاهر غير مجدية بتاتا هذه مقولتي ووصيتي ، ولدينا مزيد فانتظروا المقال الذي يليه وتمثلوا بقول الشاعر العربي قوله:

سَـيَـذْكُـرُنــي قـومـي إذا جَــدَّ جِـدُّهُــمْ *** وفـي اللّـيـلـةِ الظَّلْمـاءِ يُـفْـتَــقَــدُ البـــدر

والى لقاء آخر قريبا…إن شاء الله.

الاستاذ عبد السلام البوريني
احد مؤسسي الهيئة الوطنية للعدول