تشكل الضريبة على الأرباح العقارية أحد الموارد الجبائية الأساسية، إذ أنها تلعب دورا هاما في كل تنمية اقتصادية و اجتماعية، وذلك لارتباطها الوطيد بنشاطات الأفراد و تداول الملكية العقارية ومختلف الحقوق العينية المرتبطة بها. كما أنها مرتبطة في تنظيمها بعدة قوانين، منها ما يدخل في إطار القانون العام، كقانون تحصيل الديون العمومية الذي يجعل من العدل متضامن مع المدين في حالة عدم أدائها، وكذلك مع فروع القانون الخاص كقانون خطة العدالة رقم ،16.03 وبخاصة المادة 17 منه والتي تجيز للعدل القيام بالإجراءات المتعلقة بالتسجيل والتمبر، وإدارة الضرائب، والمحافظة العقارية وغيرها، على الرغم من أن المقتضيات السالفة الذكر لا تفيد صراحة تخويل العدل مكنة الإيداع، إلا أن طبيعة الإجراءات الإدارية البعدية المرتبطة بموضوع الشهادة المخولة للسادة العدول بموجب كناش التصاريح، تفيد بأن الأمر يتعلق بخدمة يكون العدل بمقتضاها وكيلا عن الأطراف في القيام بإجراءات معينة – من قبيل أداء الضرائب المتعلقة بالأرباح العقارية -، فيحق له بموجب هذه الوكالة أن يتلقى منهم الأموال والأشياء التي تمكنه من القيام بما التزم به (تحت طائلة المحاسبة والمسؤولية) .
ويستفاد ذلك من مجموعة من فصول ق.ل.ع.م، ومن أهمها الفصل 908 الذي ينص على ما يلي :”على الوكيل أن يقدم لموكله حسابا عن أداء مهمته، وأن يقدم له حسابا تفصيليا عن كل ما أنفقه وما قبضه، مؤيدا بالأدلة التي يقتضيها العرف أو طبيعة التعامل وأن يؤدي له كل ما تسلمه نتيجة الوكالة أو بمناسبتها”.
والفصل 909 الذي ينص على ما يلي : “الوكيل مسؤول عن الأشياء التي يتسلمها بمناسبة وكالته، وفقا لأحكام الفصول 791 و792 و804 و813.
إلا أنه إذا كانت الوكالة بأجر، فإن الوكيل يسأل، وفقا لما هو مذكور في الفصل 807”.
يحيل على الفصل 807 المتعلق بالوديعة والذي ينص على ما يلي : “يضمن المودع عنده الهلاك أو الضرر الناتج من أي سبب كان يمكنه التحرز منه :
أولا – عندما يأخذ أجرا عن حفظ الوديعة؛
ثانيا – عندما يتسلم الودائع بحكم مهنته أو وظيفته”.
وعليه؛ فإنه على الرغم من أن المقتضيات السالفة لا تفيد صراحة تخويل العدل مكنة الإيداع ، إلا أن طبيعة الإجراءات الإدارية البعدية المرتبطة بموضوع الشهادة المخولة للعدول بموجب كناش التصاريح وخاصة المادة 24 من المرسوم رقم 2.08.378 المتعلق بتطبيق قانون خطة العدالة رقم 16.03، على أن شكل كناش التصاريح المذكور يحدد بقرار لوزير العدل ووزير المالية، وعليه فإن إيداع الأموال المتعلقة بضرائب الأرباح العقارية لدى السادة العدول هي منظمة طبقا للمرسوم الوزاري أعلاه، والقوانين المشار إليها سابقا.
كما لا يخفى عليكم المسؤولية الملقاة على العدول من التحقق من خلو العقار المراد تفويته من أية تحملات ضريبية متعلقة به، بحيث جاء في ظهير شريف رقم 1.00.175 صادر في 28 من محرم 1421 ( 3 ماي 2000) بتنفيذ القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومي بحيث ورد في المادة 95 منه ما يلي : ” في حالة انتقال ملكية عقار أو تفويته، يتعين على العدول أو الموثقين أو كل شخص آخر يمارس مهام توثيقية، أن يطالبوا بالإدلاء لهم بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت أداء حصص الضرائب والرسوم المثقل بها العقار برسم السنة التي تم فيها انتقال ملكية أو تفويته، وكذا السنوات السابقة، وذلك تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن مع الملزم وعلى قابض التسجيل أن يحتفظ بكل عقد تقدمه له الأطراف مباشرة إلى أن يتم الإدلاء بالشهادة المنصوص عليها في الفقرة السابقة “.
وعلى الرغم من كل ذلك؛ تفاجئ السادة العدول بمشروع تعديل المادة 63 من المدونة العامة للضرائب وارد في مشروع قانون المالية لسنة 2020 ، بإقصائهم بصفة قطعية من توثيق السكن الرئيسي الذي يتجاوز قيمته أربعة ملايين درهم بحجة عدم توفرهم على صندوق الإيداع، والحال أن أموال الضرائب يمكن الإحتفاظ بها من لدن السادة العدول بتفعيل كناش التصاريح، بحيث ورد في المشروع ما يلي : وخاصة أنه في الفقرة الأخيرة أسند الاحتفاظ بأموال الضريبة على الأرباح العقارية للموثق، مما يعني إقصاء ممنهج للسادة العدول من التوثيق ضد القوانين المعمول بها، مع العلم أن نفس المسؤوليات الملقاة على الموثقين هي نفسها الملقاة على العدول علاوة أن المادة أعلاه تتناقض مع القوانين المشار إليها، وفيها تحيز صارخ لمهني على مهني آخر بل تغييب لإرادة المواطنين في اختيار الجهة التوثيقية المرغوب في إبرام المعاملات لديها، مما يؤدي إلى إرغامهم على توثيق عقاراتهم باللجوء إلى نفس المهني الأول.
علاوة أنها مادة غير واقعية بتاتا كون تقريبا حصة كبيرة من التعاقدات العقارية تتم بواسطة عقود عدلية حتى أكثر من الموثق وخاصة في الأقاليم الجنوبية وبالخصوص الصحراء المغربية، وعلى العموم يتواجد السادة العدول في كل المناطق النائية، وأن معظم العقارات غير محفظة وقيمتها بملايين الدراهم منها : الرياض والقصور في المدن العتيقة…، والتي تستغل للسكن الرئيسي لملاكها، وتشكل الوثيقة العدلية الأساس لملكيتها وفي تفويتها. وهنا نستحضر إحدى خطب جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه أن المواطن المغربي يطمئن لملكه بشهادة الملكية من المحافظة العقارية أو شهادة الملكية من العدول .
كما أنه من الناحية القانونية ليس هناك ما يمنع العدل من الاحتفاظ بأموال الضريبة على الدخل برسم الربح الناتج عن تفويت العقار الذي تتجاوز قيمته أربعة ملايين درهم لفائدة المالك للعقار الذي استغله على وجه السكن الرئيسي مدة تفوق ست سنوات مع التزام المالك بإعادة استثمار ثمن التفويت في اقتناء سكن رئيسي آخر في أجل ستة أشهر وذلك باللجوء الى المادة 17 من قانون خطة العدالة الذي يسمح للعدول بالاحتفاظ بأموال الضرائب مقابل وصل من كناش التصاريح، هذا الكناش الصادر بتوقيع كل من وزير العدل ووزير المالية وعليه فانه لا يوجد أي مبرر قانوني لمنع السادة العدول من هذه المكنة إطلاقا.
وخاصة مع نجاح تجربة التسجيل الإلكتروني بحيث جرى العمل بالاحتفاظ بأموال الزبناء من أجل تأديتها لإدارة الضرائب و التي شكلت رسالة شكر من مدير الضرائب عبر فيها عن امتنانه لكفاءة و مهنية السادة العدول في هذا المجال.
وعليه؛ نطالب بتعديل المادة أعلاه لتشمل السادة العدول بإضافة العدل لتصبح الفقرة الأخيرة كما يلي كالتالي :
” يجب الاحتفاظ بمبلغ الضريبة على الدخل برسم الربح الناتج عن تفويت العقار السالف الذكر الذي كان يفترض أداؤه لدى موثق أو عدل مقابل توصيل من كناش التصاريح لهذا الأخير إلى غاية اقتناء عقار اخر يخصص لسكنى رئيسية ” .
اضف تعليقا