بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله…
السيد العميد المحترم،
السادة الاساتذة الافاضل،
السادة العدول،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
• مشاركتي في هذه الدورة التكوينية جاءت بتكليف من المجلس الجهوي للعدول في شخص رئيسه الأستاذ محمد الصادق الوالي وبهذه المناسبة أتقدم بإسمه بالشكر الجزيل لإدارة الكلية في شخص السيد العميد محمد العربي كركب على توفير الظروف الملائمة لإنجاح هذه الدورة،وللأساتذة المؤطرين على مساهمتهم العلمية القيمة.
وأود الاشارة إلى أن هذه الدورة التكوينية أو التأهيلية على الأصح،المنظمة من طرف الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش؛ وبشراكة مع المجلس الجهوي للعدول باستئنافية طنجة لفائدة المترشحين المقبلين على إجتياز مباراة خطة العدالة؛تكتسي طابعا خاصا اعتبارا لتوقيتها حيث لم يعد يفصلنا عن تاريخ المباراة سوى أيام معدودة. واعتبارا أيضا للجهة المنظمة ؛ فالكلية من جهة وهي بهدا النشاط تكرس انفتاح الجامعة على المحيط الإجتماعي والمهني، والمجلس الجهوي للعدول بإستئنافية طنجة من جهة أخرى الذي يكرس هو الأخر من خلال هذا النشاط ثقافة التواصل والإحتضان والمواكبة أيضا لمن سيوفق في الإلتحاق بمهنة التوثيق العدلي…
ومشاركة المجلس الجهوي للعدول باستئنافية طنجة في هذا النشاط التأهيلي والتأطيري لفائدة المترشحين المقبلين على إجتياز مباراة خطة العدالة تنطلق من إيمانه العميق وقناعته الراسخة بأهمية التكوين العلمي المستمر لفائدة السادة العدول عموما في جميع الميادين العلمية…ذلك أنه لا يتصور تطوير المهنة وتأهيلها والرقي بها الى مصاف المهن المتطورة دون الاهتمام بالجوانب العلمية من أجل الرفع من المؤهلات العلمية والمعرفية للسادة العدول .
وللمجلس الجهوي في هذا الصدد برنامج متواصل ومستمر..بدأ بإطلاق دورات تكوينية لفائدة العدول في مجال المالية التشاركية،وأخرى في مجال التصريح الضريبي الإلكتروني…….
ولا تفصلنا إلا بضعة أيام عن تنظيم المجلس الجهوي بشراكة مع هيئات أخرى لملتقى دولي هو الأول من نوعه للمهن الحرة القانونية والقضائية تحت شعار تأهيل المهن الحرة سر التميز وذلك أيام4-5-6 ماي 2018. وما ذلك كما قلت إلا ايمانا بأهمية التأطير والتكوين العلمي المستمر.
كما أن برامج المجلس الجهوي في التكوين والتأطير لم تقتصر على العدول فقط بل انفتح على المترشحين المقبلين على اجتياز مباراة خطة العدالة محتضنا ومواكبا لهم وما مشاركته في تنظيم هذه الدورة إلا دليل على ذلك، كما سبق للمجلس أن شارك في تأطير دورة تأهيلية للمترشحين للمباراة المنظمة من طرف رابطة الباحثين بطنجة.
• وكما هو معلوم لديكم أنه مباشرة بعد التكليف الملكي السامي لوزير العدل القاضي بولوج المرأة لمهنة التوثيق العدلي أعلنت وزارة العدل عن مباراة ولوج خطة العدالة دورة ماي2018 بتاريخ 07 فبراير2018 وتم تحديد يوم الأحد06ماي 2018 كتاريخ لإجراء الإختبار الكتابي للمباراة.
وفي هذا الصدد يسجل المجلس الحهوي بارتياح الإقبال الكبير الذي عرفته المباراة وهو ماجعلها أضخم مباراة تنظمها وزارة العدل بالنظر لعدد طلبات الترشيح الذي قارب الأربعين ألف.
كما يسجل المجلس بارتياح أيضا الإقبال والإنخراط غير المسبوق من الإناث على هذه المباراة والذي وصل حسب تصريح لوزير العدل 42 في المائة من مجموع المترشحين.
• وارتباطا بموضوع هذه الدورة التكوينية فقد آثرت أن تكون مساهمتي في مناقشة موضوع كان محل إشكال أيام إجتيازنا للمباراة السابقة دورة ماي 2010 ولازال محل إشكال أيضا؛ ألا وهو موضوع الاختبار الكتابي المتعلق “بالمعاملات فقها وقانونا”.
وسنحاول إن شاء الله قدر المستطاع تحليل هذا الموضوع ورصد الاشكالات المرتبطة به حتى نزيل اللبس والغموض في ماهيته وحدود إطاره.
حيث نجد المشرع قد حدد في المادة السادسة من المرسوم التطبيقي رقم08-378-02المتعلق بتطبيق أحكام القانون16-03 المتعلق بخطة العدالة مواد الاختبار الكتابي والشفوي كما يلي:”تشتمل المباراة على اختبار كتابي واختبار شفوي.يشتمل الاختبار الكتابي على المادتين التاليتين:-موضوع في مدونة الاسرة(مدته3 ساعات) – موضوع في المعاملات فقها وقانونا (مدته 3ساعات).
ولعل أهم عقبة تعتري المترشح المقبل على اجتياز المباراة هي محاولة رسم صورة شاملة عن المواضيع المقررة في إختبار
المباراة ثم البحث عن المراجع المعتمدة والتخمين في نوعية
الأسئلة المحتمل طرحها وأي منهجية يمكن توظيفها والإعتماد عليها في تحرير الإجابة …
وأعتقد جازما أن المقبلين على إجتيازاختبار المباراة ليسوا بحاجة الى المعطيات المعرفية فقد اكتسبوها إما خلال مسارهم الجامعي أو خلال تحضيرهم للمباراة بقدر ماهم بحاجة الى منهجية يوظفون فيها تلك المعطيات وفق منهج علمي يختلف باختلاف طبيعة السؤال المطروح الذي غالبا مايكون سؤالا مركبا أو نازلة أو تحليل قاعدة فقهية أو قانونية.ذلك أنه حتى لو توفرت تلك المعطيات ولم يحسنوا توظيفها توظيفا سليما فلن يوفقوا في اجتياز المباراة.
وما دمنا قد اتفقنا على أن منهجية الاجابة وتوظيف المعطيات هي أساس التفوق في اجتياز المباراة لابد وأن نستعرض باختصارلعناصر هذه المنهجية:
أولا:فهم السؤال:
يجب الإهتمام والإنتباه إلى كل كلمة يتضمنها نص السؤال وتحديد معناها.كما يجب معرفة ما إذا كان المطلوب هو إجراء مقارنة أم تعليق أم تحليل…أثناء كل هذا يجب على المترشح أخد بعين الإعتبار الوقت المخصص للإجابة.
ثانيا:جرد المحتوى:
على المترشح أن يقوم بمجهود ذهني يحاول معه تحديد وتأطيرالسؤال بشكل صحيح ضمن مجموع المادة وذلك بمحاولة تجميع كل ما يتذكره عن الموضوع من معطيات وأفكار ولو بشكل مبعثر ..المهم تذكر كل شيئ بعد ذلك يجب إعادة ترتيب جرد الافكار.
ثالثا : التصميم:
يجب وضع تصميم للموضوع يتضمن مقدمة وعرضا وخاتمة:
1-المقدمة: وتعتبر تمهيدا نحو ولوج النطاق العام للموضوع بحيث تتضمن تعريف موجز له واشارة إلى نطاقه العام والخاص وعناصره والإشكاليات التي يثيرها. كما تتضمن وضع تصميم للموضوع.
2- العرض:ويعتبر هذا الجزء جوهر الموضوع بحيث يتم من خلاله الإجابة على عناصر التصميم الذي تم وضعه في التقديم.
3-الخاتمة:عنصرضروري يتضمن استنتاجات أو اقتراحات أو خلاصة للموضوع أو فتح أفاق جديدة.
وهناك بعض التوجيهات والضوابط يجب على المترشح الإلتزام بها عند تحرير الإجابة ..ذلك الإجابة عن الأسئلة التي تطرح في المباريات تختلف عن الأسئلة التي تطرح في الامتحانات الجامعية
ومن هذه الضوابط:
– الكتابة بخط واضح ومقروء.
– صياغة جيدة بأسلوب سهل بسيط ودقيق بعيد عن الإطناب مع لغة سليمة.
– ترك فراغ بين الفقرات.
– الإبتعاد عن أسلوب الإنشاء والتعابير البلاغية .
– الإبتعاد عن كتابة الرموز والاختصارات
– من الجيد تطعيم الإجابة بالنصوص القانونية مع ضرورة مراعاة الاستدلال المناسب للموضوع دون الغوص في الاختلافات الفقهية.
– مراعاة التماسك المنطقي بين الفقرات.
– احترام التصميم المسطر.
كانت هذه اشارات توجيهية بشكل مبسط على المترشحين الاستئناس بها أثناء تحرير الاجابة.
• وبالعودة إلى موضوع المداخلة نجد أن الموضوع المتعلق بمدونة الأسرة لا يطرح لدا المترشحين أي إشكال من حيث تحديد مفهومه ومواضيع البحث المرتبطة به نظرا لتعدد المراجع وكون المشرع المغربي قد أفرد له تشريعا خاصا.وهذا عكس الموضوع الثاني المتعلق بالمعاملات فقها وقانونا الذي يطرح لدى بعض المترشحين صعوبة في تحديد ماهيته من حيث تحديد مفهومه وحصر مواضيع البحث المرتبطة به.
• وبالرجوع الى الاحكام الفقهية والقانونية المنظمة لحقل المعاملات نجد المشرع المغربي لا يملك تشريعا موحدا على غرارمدونة الاسرة يضم جميع الاحكام المتعلقة بالمعاملات في قانون محدد، ولا مذهب فقهي حدده في باب واحد، ولا باحث تناوله في مرجع محدد؛ وانما تعددت بشأنه أبواب الفقه وتناثرت بشأنه التشريعات الوضعية وتعددت حوله الدراسات والابحاث وهنا تكمن صعوبة هذه المادة ولعل حدة هذه الصعوبة تزداد متى علمنا أن الموضوع مزدوج بل وحتى السؤال ربما يكون مزدوجا أيضا.
ولتذليل هذه الصعوبة سنعمل على وضع إطارعام لموضوع المعاملات فقها وقانونا من خلال تفكيك العنوان لتحديد المفاهيم وتقسيم المعاملات وفق طبيعتها ونوعية الحق المنصبة عليه هذه المعاملة.
• فالمعاملات في اصطلاح الفقهاء في معناها الخاص هي جميع الأحكام الشرعية المنظمة لتعامل الناس في الاموال وفي الاصطلاح القانوني هي مختلف القواعد الموضوعية والشكلية التي تنظم العلاقات بين الافراد من حيث المال.
• والمقصود من كلمة فقها الواردة في المادة السادسة من المرسوم أحكام الفقه المالكي بخصوص كل معاملة معينة.. ولاسيما الراجح والمشهور وماجرى به العمل ويعتبر من مصادر التشريع القانوني في المغرب ونجد قوانين مثل مدونة الاسرة والحقوق العينية والاوقاف تحيل عليه عند عدم وجود نص قانوني في النازلة.
• ويقصد بمصطلح قانونا مختلف التشريعات الوضعية المتعلقة بتنظيم معاملة معينة بنصوص خاصة ومن من هذه التشريعات قانون الالتزامات والعقود – مدونة الحقوق العينية-مدونة الاوقاف-القانون المتعلق بمؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها – مدونة التجارة- قانون التحفيظ العقاري- قانون الملكية المشتركة – قانون المتعلق بتقسيم العقارات والتجزئات العقارية.
بعد عملية التفكيك لموضوع المعاملات فقها وقانونا لابد من تأطير موضوع المعاملات وتقسيمها
حيث يمكن تحديد الاطار العام للمعاملات فقها وقانونا فيما يلي:
– مدخل عام مشترك بين جميع اقسام المعاملات يضم مصادرالالتزامات وأوصافها وانتقالها وأثارها وانقضائها .
– قسم المعاوضات:ويدخل تحتها البيع والاجارة والرهن وغير ذلك.
– قسم التبرعات: وتشمل الهبة والصدقة والوقف والعمرى وغيرها.
– قسم متعلق بأسباب كسب الملكية والحقوق العينية الصلية والتبعية.
• ويبقى الرهان في تفوق المقبلين على اجتياز مباراة خطة العدالة هو مدى إلمامهم بمواضيع الاختبار الكتابي وخاصة موضوع المعاملات بالرغم من الصعوبات والاشكالات التي يطرحها سواء على مستوى تعدد النصوص التشريعية أو على مستوى شساعة حقل المعاملات.
شريطة تنزيل المعارف التي اكتسبوها في كلا الموضوعين وفق منهج علمي سليم.
نسال الله تعالى لجميع المشاركين في هذه الدورة وفي المباراة عموما التوفيق والسداد،راجين من العلي القدير أن نجد في المتفوقين قيمة مضافة للمهنة تكوينا وتأطير ودفاعا عن المكتسبات.
راجاؤنا أيضا أن يكون ولوج المرأة لمهنة التوثيق العدلي دافعا قويا لتطوير المهنة وتحديثها إستنادا إلى دستور 2011 وإلى توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة مع الحفاظ على ثوابتها باعتبارها أحد مقومات الموروث الحضاري المغربي والهوية المغربية ؛
وما قرار صاحب الجلالة بولوج المرأة لمهنة التوثيق العدلي بصفته أميرا للمؤمنين إلا إشارة واضحة وتأكيد لا يحتاج إلى بيان أن هذه المهنة من ثوابت الامة الموكول أمر شؤونها إلى الامامة العظمى المتمتلة في مؤسسة إمارة المؤمنين.
وفي الختام أجدد باسمي وباسم المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة الشكرالجزيل لادارة الكلية على هذه البادرة الطيبة راجين أن تتوج مثل هذه الانشطة بشراكات دائمة تكرس بعد الانفتاح والتواصل ..
والشكر موصول أيضا لجميع الاساتذة الافاضل الذين شاركوا في تأطير هذة الدورة التكوينية وساهموا بعلمهم ووقتهم سائلين الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم .
وفق الله الجميع وبارك في جهود الجميع والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
النص الكامل للعرض الذي ألقاه
الاستاذ/عبداللطيف الحبوسي
نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للعدول الشباب
عدل باستئنافية طنجة
بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش صباح يوم الاثنين 30 ابريل سنة 2018
اضف تعليقا