المجلس الجهوي لعدول استئنافية وجدة
ينظم ندوة وطنية في موضوع: “التوثيق العدلي وتحديات العولمة”
السبت 28 أبريل 2018
الورقة التقديمية
لا يماري أي باحث منصف في أن صعوبة الخوض في القضايا التوثيقية وخاصة منها التوثيق العدلي لتشعب مواضيعه ودقة إشكالاته وازدواجية النصوص المطبقة بشأنه فضلا عن أهمية التوثيق العدلي للقيمة الرمزية في المخيال والعقل المغربي تجعل أي باحث أو أي مهني يقلب نظره ويجيل فكره قبل أن يسيل مداد قلمه ويقول في الموضوع ما يقول .
ورغم أن الساحة تضج بالتأليف التي عرضت لكافة النوازل والمنازعات التوثيقية موضوعا وشكلا من لدن قامات فقهية وقانونية ومهنية، إلا أن قليلا منها أصاب موضع الشكوى ومكان البلوى واقتصر أكثرها على دراسات نظرية مــــــوغلة فقط في الإشكالات الفقهية دون الخوض في النقاش الميداني الذي يقعد القواعد ويؤصل الأصول وبالتالي الوصول إلى الحق بالحق.
لقد كان للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي عرفه القرن التاسع عشر وما واكبه من تحولات سياسية متمثلة أساسا في بروز النظام الشمولي إلى جانب النظام الليبرالي أن ظهر اختلال عميق في التوازن الاقتصادي انعكس بشكل مباشر على المعاملات المدنية والتجارية وكان من صورته البارزة مظاهر الضعف والقوة في مؤسسة العقود والالتزامات .
ولا شك أن إعداد عقود قادرة على مواكبة الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي وكذا هيكلة المقاولة وتقوية الأصول التجارية يتطلب بالضرورة مهنية واحترافية لا محل للاعتبار الشخصي فيها .
فالعدل الموثق وهو يقوم بعمله ومهامه التوثيقية داخل مجلس العقد يستحضر أهمية المعاملة وكذا خطورتها في ذات الوقت في كثير من الأحيان، على اعتبار أن مجموعة من العقود والإشهادات التي تبرم داخل مجلس العقد يكون أطرافها غير متكافئين سواء من حيث القوة الاقتصادية أو التقنية إذ نجد من جهة محتكرا قويا مدججا بتقنيين وخبراء ومستهلك قد تعوزه المعرفة القانونية والاقتصادية والتقنية في مجال المعاملات المدنية والعقارية والتجارية التي هو مقبل عليها كعقود الأشرية الممولة من طرف مؤسسات الائتمان أو عقود الأشرية التي تبرم ابتداء مع المجزئين والمنعشين العقاريين .
هذه التحولات الاقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية كان لمؤسسة التوثيق العدلي نصيب منها ويعتبر القانون 16.03 الانطلاقة الفعلية بالمفهوم المؤسساتي .
وطبعا شيء عادي أن تظهر خلال هذه المدة مكامن الضعف والخلل في فصوله ومواده وذلك من خلال الممارسة والتجربة، فكان لا بد من أن يعاد النظر فيه وتعدل مواده وأحكامه ومقتضياته بالشكل الذي يرتضيه السادة العدول، لكن هذه المرة ستكون التعديلات جريئة والمقترحات فاصلة ولعل دخول المرأة لممارسة هذه المهنة من أهم تعديلاته مما جعلنا نتساءل ونسأل ونستشير ونستشار وتطرح أمامنا مجموعة من التساؤلات والإشكالات منها.
إذا كان الرجل والمرأة متساويين في الحقوق والواجبات دستوريا فهل المشرع المغربي سيكون موفقا في الأخذ بعين الاعتبار كل هذه الحيثيات حين وضعه للقواعد القانونية التوثيقية المعدلة للقانون 16.03 وبالتالي المساواة أيضا توثيقيا ؟
هل استطاع المشرع المغربي من خل مسودة تعديل القانون 16.03 توفير وتحقيق الأمن التوثيقي الواجب توفره للمهنيين وذلك من خلال القواعد الذي تضمنتها هذه المسودة ؟
ما هي حدود استقلالية الجهة المحاورة والمعدلة للقانون؟ من يراقب من ومن له السلطة عل من ؟ من يشرف على من ومن يقيم أداء من ؟ ما هي الآليات التي يمكن أن تكون ناجعة لتدبير الشأن المهني المشترك بسلاسة ونجاعة ؟
إن أهمية هذه الإشكالات وغيرها في نظرنا تكمن أساسا في رغبتنا نحن في المجلس الجهوي لعدول استئنافية وجدة في دق ناقوس الخطر بعد مرور أكثر من اثنتي عشرة سنة على صدور القانون 16.03 في الوقت الذي لم يتأقلم المشرع مع الطفرة التوثيقية والحقوقية التي سارت عليها الدولة في العقدين الأخيرين وما زال ينظر إلى المهنة بنظرة بداية القرن العشرين في الوقت الذي قطع فيه السادة العدول الموثقون ومعهم مؤسستهم العتيدة شوطا كبيرا في التأهيل والتنظيم .
وبما أن القانون وحده لا يسعف أحيانا في حل جميع القضايا المهنية فإن الحوار الإيجابي يبقى من وجهة نظرنا الأنجع لإرساء علاقات مهنية متينة وسليمة كشرط جوهري …
إن المجلس الجهوي لعدول استئنافية وجدة ارتأى تنظيم هذه الندوة تحت عنوان: “التوثيق العدلي وتحديات العولمة”، محاولة منه الوقوف على مختلف الإشكالات والتساؤلات التي أثيرت بشأن تطبيق القانون 16.03 والتي من خلالها ستساهم في تطوير المهنة والرقي بها خاصة بعد دخول المرأة لممارسة المهنة، وستنظم هذه الندوة بالتعاون مع:
- الجمعية المغربية للعدول الشباب
- مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية بوجدة
وذلك يوم السبت 28 أبريل 2018 بقاعة المحاضرات بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، وفقا للمحاور التالية:
المحور الأول: تأثير الظروف الاقتصادية على القاعدة التوثيقية
المحور الثاني: التوثيق العدلي ودخول المرأة آية حكامة؟
المحور الثالث: التوثيق العدلي الإكراهات والإنتظارات
اضف تعليقا