المداخلة الافتتاحية في اليوم الدراسي المنظم بالدار البيضاء تحت عنوان

التوثيق العدلي بين مشروعية القانون والممارسة
– المرأة العدل نموذجا –

تحت اشراف
المجلس الجهوي لعدول استئنافية الدار البيضاء
وبشراكة
مع الجمعية المغربية للعدول الشباب

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي تفضل على من شاء بما شاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .
السيد رئيس الهيئة الوطنية لعدول المغرب .
السيد ممثل وزير العدل والحريات.
السيد النقيب السابق الأستاذ سيدي عبد السلام البوريني
السيد ممثل المجلس الجهوي لعدول استئنافية الدار البيضاء
السادة رؤساء المجالس الجهوية بدوائر محاكم الاستئناف بالمملكة
السادة المسؤولون القضائيون
الزملاء المهنيون
السادة ممثلو وسائل الإعلام
الحضور الكريم كل باسمه وصفته
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وبعد
لا يمارى أي باحث منصف في أن صعوبة الخوض في القضايا التوثيقية وخاصة منها التوثيق العدلي لتشعب مواضيعه ودقة إشكالاته وازدواجية النصوص المطبقة بشأنه فضلا عن أهمية التوثيق العدلي للقيمة الرمزية في المخيال والعقل المغربي تجعل أي باحث أو أي مهني يقلب نظره ويجيل فكره قبل أن يسيل مداد قلمه ويقول في الموضوع ما يقول .
ورغم أن الساحة تضج بالتــآليف التي عرضت لكافة متعلقات النوازل والمنازعات التوثيقية موضوعا وشكلا من لدن قامات فقهية وقانونية ومهنية إلا أنه في اعتقادنا قليلا منها اصاب موضع الشكوى ومكان البلوى واقتصر أكثرها على دراسات نظرية مــــــوغلة فقط في الإشكالات الفقهية دون الخوض في النقاش الميداني الذي يقعد القواعد ويؤصل الأصول وبالتالي الوصول الى الحق بالحق .
أيها السيدات والسادة .
لقد كان للتطور الإقتصادي والإجتماعي الذي عرفه القرن التاسع عشر وما واكبه من تحولات سياسية متمثلة أساسا في بروز النظام الشمولي الى جانب النظام اللبرالي أن ظهر اختلال عميق في التوازن الإقتصادي إنعكس بشكل مباشر على المعاملات المدنية والتجارية وكان من صورته البارزة مظاهر الضعف والقوة في مؤسسة العقود والإلتزامات .
ولا شك أن إعداد عقود قادرة على مواكبة الإقلاع الإقتصادي والإجتماعي وكذا هيكلة المقاولة وتقوية الأصول التجارية يتطلب بالضرورة مهنية واحترافية لا محل للإعتبار الشخصي فيها .
فالعدل الموثق وهو يقوم بعمله ومهامه التوثيقية داخل مجلس العقد يستحضر أهمية المعاملة وكذا خطورتها في ذات الوقت في كثير من الأحيان على اعتبار أن مجموعة من العقود والإشهادات التي تبرم داخل مجلس العقد يكون أطرافها غير متكافئين سواء من حيث القوة الإقتصادية أو التقنية إذ نجد من جهة محتكرا قويا مدججا بتقنيين وخبراء ومستهلك قد تعوزه المعرفة القانونية والإقتصادية والتقنية في مجال المعاملات المدنية والعقارية والتجارية التي هو مقبل عليها كعقود الأشرية الممولة من طرف مؤسسات الإئتمان أو عقود الأشرية التي تبرم ابتداء مع المجزئين والمنعشين العقاريين .
هذه التحولات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية كان لمؤسسة التوثيق العدلي نصيب منها ويعتبر القانون 16.03 الإنطلاقة الفعلية بالمفهوم الؤسساتي .
وطبعا شيئ عادي أن تظهر خلال هذه المدة مكامن الضعف والخلل في فصوله ومواده وذلك من خلال الممارسة والتجربة . فكان لا بد من أن يعاد النظر فيه وتعدل مواده وأحكامه ومقتضياته بالشكل لذي يرتضيه السادة العدول . لكن هذه المرة ستكون التعديلات جريئة والمقترحات فاصلة ولعل دخول المرأة لممارسة هذه المهنة من أهم تعديلاته مما جعلنا نتساءل ونسأل ونستشير ونستشار وتطرح أمامنا مجموعة من التساؤلات والإشكالات منها
إذا كان الرجل والمرأة متساويين في الحقوق والواجبات دستوريا فهل المشرع المغربي سيكون موفقا في الاخذ بعين الإعتبار كل هذه الحيثيات حين وضعه للقواعد القانونية التوثيقية المعدلة للقانون 16.03 وبالتالي المساواة أيضا توثيقيا ؟
هل استطاع المشرع المغربي من خل مسودة تعديل القانون 16.03 تحقيق الأمن التوثيقي الواجب توفره للمهنيين وذلك من خلال القواعد لذي تضمنتها هذه المسودة ؟
ما هي حدود استقلالية الجهة المحاورة والمعدلة للقانون ؟من يراقب من ومن له السلطة على من ؟ من يشرف على من ومن يقيم أداء من ؟ ما هي الآليات التي يمكن أن تكون ناجعة لتدبير الشأن المهني المشترك بسلاسة ونجاعة ؟
إن أهمية هذه الإشكالات وغيرها في نظرنا تكمن أساسا في رغبتنا نحن في الجمعية المغربية للعدول الشباب في دق ناقوس الخطر ما دام قد مر أكثر من اثنتي عشرة سنة على صدور القانون 16.03 في الوقت الذي لم يتأقلم المشرع مع الطفرة التوثيقية والحقوقية التي سارت عليها الدولة في العقدين الأخيرين وما زال ينظر الى المهنة بنظرة بداية القرن العشرين في الوقت الذي قطع فيه السادة العدول الموثقون ومعهم مؤسستهم العتيدة شوطا كبيرا في التأهيل والتنظيم.
وبما أن القانون وحده لا يسعف أحيانا في حل جميع القضايا المهنية فإن الحوار الإيجابي يبقى من وجهة نظرنا في الجمعية الوسيلة الأنجع لإرساء علاقات مهنية متينة وسليمة كشرط جوهري …
والجمعية المغرية للعدول الشباب عبرت عن وقفها من التعديلات المرتقبة من خلال ما تم الإطلاع عليه بمسودة تعديل القانون 16.03 رسالة للتاريخ .وإيمانا منها أن التعديل لا يكون ولن يكون ويستحيل أن يكون إلا بإشراك جميع الفعاليات والأطياف وشرائح السادة العدول وما دمنا في هذا الملتقى العملي مناسبة والمناسبة شرط كما يقال فإننا نؤكد مرة أخرى لكم وللسيد النقيب الوطني ولجميع السادة العدول في مملكتنا الشريفة تمسكنا وحرصنا بأن التعديل لا ينبغي إلا أن يكون شموليا وذلك من خلال ما يلي:

1- تفعيل دور الجمعية العامة حتى تتحمل مسؤوليتها تاريخيا وحتى يكون العمل جماعيا واحتراما لروح القانون.
2- الدعوة الى عقد مؤتمر وطني على غرار باقي المهن القانونية والقضائية.
3- التمسك بتسمية العدل الموثق ، ونؤكد رفضنا لأي محاولة لفرض الشاهدين في الشهادات الأصلية التي يتلقاها العدل بما فيها الزواج والطلاق.
4- جعل الاختصاص المكاني للسادة العدول على الصعيد الوطني باستثناء الزواج والطلاق.
5- اعتبار المكتب العدلي مرفقا عاما، يتمتع بالحماية القانونية فلا يمكن تفتيشه إلا بحضور رئيس المجلس الجهوي.
6- فك الارتباط بمؤسسة قاضي التوثيق وبمؤسسة النساخة.
7- الحق في صندوق الإيداع.
8- اعتماد التلقي الفردي وإعطاء العقود والشهادات الصبغة الرسمية بمجرد تلقيها.
9- توسيع اختصاصات رئيس المجلس الجهوي في مجال التأديب وأن يسند تأديب العدول لهيئة مختلطة تضم العدول والقضاة بشكل متساوي مع إخضاع قراراته للطعن أمام الوكيل العام للملك.
10- إعطاء الحق للهيئة الوطنية للعدول بأن تكون مطالبة بالحق المدني.
11- إسناد الاختصاص في مجال التأديب والمراقبة إلى الوكيل العام للملك واستبعاد نيابة المحكمة الابتدائية.
12- النص صراحة على عدم توقيف العدل عن العمل إلا بناء على حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به، و في حالة الخطورة بناء على حكم تمهيدي تصدره هيئة المحكمة.
13- تنظيم صندوق ضمان العدول والاهتمام بالجوانب الاجتماعية والصحية للسادة العدول.
14- إخراج قانون اللفيف إلى الوجود مع تقليص عدد الشهود.
15- الرفع من مدة تكوين العدول المتمرنين إلى ثلاث سنوات وحصر مباراة ولوج مهنة التوثيق العدلي على حاملي الإجازة في القانون الخاص والشريعة.
16- إعادة النظر في النصوص المنظمة للهيئة الوطنية والمجالس الجهوية، مع تحديد الدور المنوط بالجمعية العامة وإن أمكن انتخاب رئيس للجمعية العامة بالتصويت المباشر، في نفس الوقت الذي ينتخب فيه رئيس الهيئة الوطنية، حتى لا تبقى هذه الجمعية في اجتماعاتها متوقفة على دعوة المكتب التنفيذي.
17- تحصين العدل الموثق ضد الشكايات الكيدية والتمييز بين الخطأ المهني وجريمة الزور.
18- إشراك العدول الشباب في صناعة القرار جهويا ووطنيا، وعقد اتفاقية شراكة مع الجمعية المغربية للعدول الشباب تتكفل بموجبه بتنظيم أوراش وأيام دراسية وتكوينية وأنشطة إشعاعية وإعلامية لتتفرغ الهيئة الوطنية للعدول للتحديات الكبرى.
19- إخراج ميثاق شرف أو مدونة سلوك تنظم علاقة السادة العدول فيما بينهم ضمانا لرص الصف وتوحيد الكلمة.
20- مطالبة المكتب التنفيذي بالاستعانة بمكتب دراسات لمراجعة القانون والانفتاح على أهل الاختصاص من الأساتذة الجامعيين والفرق البرلمانية.
21- مطالبة المكتب التنفيذي بالانفتاح على مكونات المجتمع المدني والحقوقي خاصة المدافعة عن المرأة.

ختاما اجدد شكري باسم الجمعية المغربية للعدول الشباب لكافة المؤطرين والمنظمين ولجنود الخفاء والحضور الكريم ودامت
الهيأة الوطنية لعدول المغرب مؤسسة عتيدة قوية شامخة تحت السدة العالية بالله امير المؤمنين الراعي الاول بعد الله سبحانه وتعالى لهاته المهنة جلالة الملك محمد نصره الله تعالى وايده.

والسلام عليكم ورحة الله تعالى وبركاته.