الجمعية المغربية للعدول الشباب واستحضارا منها لواجب العمل الجد من أجل خدمة مهنة التوثيق العدلي ونظرا للظرفية الدقيقة التي تمر منها المهنة وتزامنا مع استئناف جلسات الحوار المتعلقة بتعديل قانون خطة العدالة ومن باب الدعم والمساندة الواجب لهيئتنا العتيدة وسعيا منا لتقويت موقفها؛نظمت بمدينة القنيطرة بتاريخ 05/08/2017 مائدة مستديرة حول “تعديل قانون 16-03 التطلعات والافاق” بمشاركة فعاليات من السادة العدول .وتعميما للفائدة نعيد نشر المدخلات واليوم ننشر مداخلة الدكتور عبد السلام آيت سعيد
عدل موثق بهيئة استنافية عدول الرباط.
أستاذ جامعي زائر بكلية الحقوق السويسي الرباط.

 لابد في مستهل الحديث عن مطالب الهيئة الوطنية من إبداء ثلاثة ملاحظات:
1. الملاحظة الأولى: [ المطالب قديمة] أن لهذه المطالب جذور تاريخية عميقة تعود إلى أكثر من عشرين سنة، أي منذ عام 1994م، فهي مطالب تاريخية في سيرورة الإصلاح فهي عمق تطلعات السادة العدول والهيئة الوطنية، فهي مطالب تعزز مصداقية المهنة. وتُؤمِّنُ التوازن المهني في منظومة التوثيق بالمغرب، وتحاصر “الريع التشريعي”.
2. الملاحظة الثانية: [المطالب وواقع المهنة]
-فهل يمكن أن نتحدث عن مستقبل المهنة بغير أن نضع في الاعتبار هذه المطالب؟!
إن المنافسة والعولمة والتنمية والمواطنة ومصالح الوطن والمواطنين… تطرح على واقع المهنة تحديات ومخاطر كبرى، على رأس قائمتها “تعديل القوانين المنظمة للمهنة” بشمولية مستقلة وعادلة.
ومن هنا لا محيد عن إصلاح عميق وشامل لمنظومة التوثيق العدلي، كما قال بيكون: “العلم قوة أو قدرة”. (savoir c’est pouvoir).
فخطة العدالة تعاني عبر مسارها التاريخي المعاصر توثرا حادًّا في منظومتها الفكرية والمهنية.
يتجلى هذا التوتر أساسًا في تلك المراوحة بين الانخراط في الحداثة والتجديد وبين الانكفاء على الذات والموروث والتقاليد – التي عفى عليها الزمان-.
3. الملاحظة الثالثة: [خطة العدالة .. في أمس الحاجة إلى الجراحة القانونية].
خطة العدالة عبر مسارها التاريخي والواقع المعيش تعاني من إكراهات وأمراض كثيرة وهنا أتساءل مع القارئ العادل والباحث المنصف والمهني المقسط، هل يمكن أن نتحدث عن مستقبل المهنة بغير أن نضع في الحسبان والاعتبار مستقبل المجتمع المغربي الذي يلعب فيه العدول أدوارا طلائعية مهمة؟!


إن معركة الهيئة الوطنية مع “ملفها المطلبي”، خاسرة في آخر المطاف، إن لم تتحول إلى مقاومة إيجابية تتسلح بالأدوات عَيْنها التي تحققت بها “الجراحة القانونية” للقضاء والمحاماة.
إن مأساة خطة العدالة – La Tragi – notariale – على غرار La tragi – comique – في المجال الفني أي ما يسمى: (مأساوي هزلي) عبر مسارها التاريخي لا تعالج إلاَّ من خلال قشرتها الخارجية – أي السطح المكشوف – وليس هناك خوض في لججها العميقة لإحداث التغيير الضروري والمنشود.
قولوا لي – بالله عليكم – ما هي الإصلاحات الجوهرية التي طرأت على المهنة منذ أول ظهير منظم للمهنة: (ظهير 07 يوليوز 1914) (قرن من الزمن) وكذلك (ظهير 07 فبراير 1944 (71 سنة).. وهَلُم جراًّ.
فالقضية الأساس لخطة العدالة هي “الإصلاح الجذري” للمهنة!! فما ضاع حق وراءه طالب؟!
*********
مطالب الهيئة الوطنية:
هذه المطالب تعتبر من المطالب الكبرى الأساسية:
1. تغيير اسم المهنة ليصبح “مهنة التوثيق العدلي” بدلا من خطة العدالة.
2. إلغاء خطاب القاضي.
3. العمل بنظام العدل الواحد مع الجمع بين الشهادة والكتابة.
4. توسيع دائرة ممارسة المهنة لتشمل التراب الوطني.
5. حق الإيداع مع إحداث صندوق الضمان.
6. إلغاء تضمين العقود بالمحكمة واستبداله بنظام الحفظ بالمكتب العدلي، وتحويل المكتب العدلي إلى مرفق عمومي.
7. إنشاء معهد لتكوين السادة العدول.
8. حذف المادة (48) التي تعطى للنيابة العامة، حق توقيف العدل بمجرد فتح متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية مع أن الأصل براءة الذمة.
9. إعطاء صلاحيات واسعة للهيئة الوطنية للقيام بالمراقبة والتأديب.

مطالب الهيئة الوطنية: “مطالب ضرورية”
النظر العلمي للأشياء والفكر المنطقي عموما فكر ترتيبي، يعطي كل شيء رتبته التي يستحقها ويضعه فيها ولا يسوي بين الأمور ولا يخلط بين مراتبها.
ولهذا نجد عند علماء المقاصد: أن المصالح ليست على درجة واحدة من حيث:
 وزنُها
 وأهميتُها
 ومكانتها
لهذا قسموها إلى مراتب ثلاث: الضروريات والحاجيات والتحسينيات.
• فالشاطبي رحمه الله في “الموافقات”( )، لما عرّف الضروريات قال هي: “التي لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجري مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة”.
• وعند الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله: “هي التي تكون الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورة إلى تحصيلها، بحيث لا يستقيم النظام باختلالها… أعني أن تصير أحوال الأمة شبيهة بأحوال الأنعام”( ).
***********
بهذه المعاني نقرِّب ونقارب مطالب الهيئة الوطنية للعدول، ونقول: “إن هذه المطالب في رتبة المصالح الضرورية للوطن والمواطنين وقيام المهنة واستمرارها”.
فمهنة التوثيق العدلي بدون هذه المطالب في الوقت الحاضر -في زمن العولمة – لا يستقيم حالها، ولا ينتظم شأنها، ولن يكون لها صلاحٌ ولا صلاحيةٌ في واقع الناس والمجتمع، حاضرا ومستقبلا – إذا قدَّر الله-.

مرجعية مطالب الهيئة الوطنية:
ترتكز الهيئة الوطنية في صياغة مطالبها المهنية على ثلاث مرجعيات.
1. المرجعية الدستورية.
2. مرجعية “الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة”.
3. مرجعية الحكامة الجيدة.
**************
-المرجعية الدستورية: تعتبر هذه المرجعية من المرجعيات الأساسية في مراجعة مجموعة من التشريعات والقوانين وفتح أوراش كبرى إصلاحية في المغرب في السياق الربيع العربي.
– فهذه الثورة الدستورية التي عرفها المغرب، شكلت “تحولا تاريخيا حاسماً، في مسار استكمال بناء دولة الحق والمؤسسات الديمقراطية، وترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة، وتوفير المواطنة الكريمة والعدالة الاجتماعية” (نص من الخطاب الملكي بشأن الدستور).
– فمن أهم المرتكزات الأساسية في المرجعية الدستورية: (انظر التصدير)
← المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة.
← إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع:
1) بالأمن والحرية والكرامة والمساواة.
2) تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.
← فهذه المرجعية (المرجعية الدستورية) بفلسفتها ومنطلقاتها ودعائمها، وآلياتها تشكل المنطلق والمصدر الأساس للسادة العدول والهيئة الوطنية في صياغة المطالب وتعديلات قانون 03.16.
لأنه لم يعد مقبولا من الناحية الدستورية – والدستور هو أسمى قانون للمملكة.
– وفي الخطاب الملكي بشأن الدستور الجديد أنه “تعاقد تاريخي جديد بين العرش والشعب”.
– فهذا الدستور إن كان: “يعتمد كل المؤسسات والمبادئ والديمقراطية والتنموية، وآليات الحكامة الجيدة… ويصون كرامة كل المغاربة وحقوقهم في إطار المساواة وسمو القانون”.
لا يُعقل أن نجد مهنة – كمهنة التوثيق العدلي- مكبلة من جميع الجهات بالقيود والأصفاد، ومثيلتها تتمتع بكل الحقوق والامتيازات؟! أليس هذا تمييزا.
• وفي الفقرة ما قبل الأخيرة من تصدير للدستور ورد ما يلي: “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان”.
← نعم آن الأوان أن نرقى بهذه المهنة إلى مقام التكافؤ المهني، وتعزيز العدالة التشريعية بين جميع المهن وضمان تكافؤ الفرص للجميع.
ومحاربة الريع التشريعي المخل بالتنافس النزيه.
ووضع حد لوضعيات الاحتكار والهيمنة وتكريس مواقع النفوذ والامتياز.
-مرجعية الميثاق: “ميثاق إصلاح منظومة العدالة”
يعتبر “ميثاق إصلاح منظومة العدالة” وثيقة تاريخية تضمنت خريطة طريق لإصلاح منظومة العدالة بالمغرب، فهو مخطط إجرائي لتنفيذ التوصيات:
• الميثاق مخطط إجرائي للتنفيذ:
-تضمن (6) ستة أهداف استراتيجية كبرى.
-تضمن (16) هدفا فرعيا – تنتظر تنزيلا عبر 200 آلية، وهذه الأخيرة (آليات) سيتم اعتمادها عبر (351) إجراء تفصيلياً.
فانطلاقا من الرؤية العامة لإصلاح منظومة العدالة نجد الميثاق يقترح في إطار التوجهات الجوهرية – بخصوص المهن القضائية والقانونية – ما يلي: (الفقرة 11-12)
(11)- إعادة النظر في شروط ولوج المهن القضائية والقانونية وتأهيل المنتسبين إليها بما يضمن الارتقاء بمستوى أدائهم.
(12)- مراجعة التشريعات المنظمة للمهن القضائية والقانونية في اتجاه تعزيز استقلالها، وكذا توطيد خضوعها: ولوجاً وتنظيما وتدبيراً لمبادئ المنافسة والشفافية والمسؤولية أمام القانون، بما يخدم المصلحة العامة.
← فانطلاقا من هذه التوجهات الكبرى، وعدم كفاية المعايير المتعلقة بممارسة المهنة نتيجة ضعف واختلالات ونقائص في القانون المنظم للمهنة (03.16).
استبشرت الهيئة الوطنية بهياكلها ومؤسساتها ولجانها العلمية والقانونية خيراً بهذا ” التبشير الإصلاحي” لمنظومة العدالة بالمغرب.
فانخرطت في “الحوار الوطني” وقدمت مقترحات وتعديلات، في الموضوع. وعلى رأسها مقترح تعديل (قانون 03.16) الذي اعتمد على “منهجية تطوير بنيات التوثيق العدلي لضمان وتعزيز الأمن التعاقدي والرفع من جودة الخدمات التوثيقية”.
– مرجعية الحكامة الجيدة: وهي المرجعية الثالثة في صياغة رؤية الهيئة الوطنية لمنظومة التوثيق العدلي وإشكالاته القانونية والعملية.
لَنْ أدخُل في التفصيلات الأكاديمية لمفهوم الحكامة الجيدة ولكن سأُعرفها باختصار شديد – حسب التعاريف المتداولة بأنها “وسيلة للتدبير التشاركي لا تعمل على إقصاء أي كان شريطة التزامه بثوابت الجماعة، والعمل على خدمة مصالحها، وتحتكم إلى قيم الشفافية والمحاسبة والعدالة وسيادة القانون”.
وعلى هذا الأساس، ربطت العديد من الدول المتقدمة والتجمعات الإقليمية، ومؤسسات الأمم المتحدة، والبنك الدولي.. المانحة للقروض والمساعدات المادية لدول العالم الثالث.. ضرورة اعتماد الحكامة الجيدة، كشرط للتنمية والديمقراطية وتدبير الشأن العام، والقطع مع الاستبداد والفساد والمحسوبية، وانتهاك حقوق الإنسان.
← وعلى أساس هذا التصور والتوجه أيضا انخرط المغرب في برامجه الإصلاحية في تنزيل مفهوم الحكامة الجيدة، بل إن المشرع الدستوري بلور هذا المفهوم في [الفصل 154] من الدستور الجديد، لإحداث تحولات عميقة وجذرية تُسهم في ثنائية الحكامة والتنمية.. والحد من ظاهرة الفقر والتهميش والإقصاء والبطالة وأزمة المشروعية وانحصار بيئة المشاريع.
• فعلى ضوء هذه الرؤية الحوكمية وفلسفتها، ننطلق كشريحة مهنية وكهيئة وطنية للعدول من قناعة أساسية، خلاصتها: “أن التدبير الجيد للشأن العام لا يُبعَّض ولا يُجزأ، وأن نجاح مسلسل الإصلاح لا يتحقق إلا بسلوك منهجية التغيير النوعي للمؤسسات وبعض التشريعات والقوانين – وكذلك للعقليات-“.
← من هنا نشأت العلاقة بين مفهوم الحكامة الجيدة ومنظومة التوثيق بالمغرب لاعتبارين أساسيين هما:
1. ارتباط التوثيق بالتنمية والعدالة الرسمية.
2. الاعتبار الثاني: يتجلى في تضمين الحكامة الجيدة للمبادئ التالية: – النجاعة / الفعالية / المسؤولية / الشفافية في تدبير شؤون التوثيق ورسم سياسته تجاه كل الأطراف المكونة لنسقه العام والخاص وفي نظرية الاحوال والمال والأعمال.
ومن هنا يأتي دور وأهمية ارتباط جودة التوثيق بضرورة تجديد القوانين والتشريعات، والاعتماد على الطرق الحديثة في تدبير الخدمات التوثيقية.
************
خلاصة القول: إن الهيئة الوطنية في صياغة مطالبها على ضوء المرجعيات الثلاث: الدستورية والميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة والحكامة الجيدة، تندرج ضمن قراءة الواقع ومتغيراته والاندماج في مسلسل الإصلاح والتنمية التي يعرفها المغرب.
-فهذه المطالب بالنسبة للهيئة الوطنية وللسادة العدول: بمثابة فك العزلة المهنية، والممانعة الإيجابية لدرء الموت البطيء، والتفكير في مستقبل المهنة؟!
-وإلا – لقدر الله – سيكون المصير الاضمحلال التدريجي للمهنة وفقدان اللقاح التشريعي وبالتالي سنصاب بـ”مرض فقدان المناعة المهنية المكتسبة”.

مطالب الهيئة الوطنية: “المواقف والتفاعلات”
على ضوء المذكرة المطلبية ومشروع تعديل قانون 03.16 الذي تقدمت به الهيئة الوطنية للعدول، يمكن أن نرصد مجموعة من المواقف والتفاعلات تجاه هذه المطالب، من هذه المواقف هناك:
1. الموقف الرسمي: تمثله وزارة العدل والحريات والسيد وزير العدل والحريات المحترم.
هذا الموقف يمكن أن نسجل له وعليه مجموعة من الملاحظات بخصوص الملف المطلبي للسادة العدول.
أ) الإشادة بالمقاربة التشاركية التي نهجتها وزارة العدل والحريات بخصوص إصلاح منظومة العدالة في المغرب.
← فقد شاركت الهيئة الوطنية بفعالية في الندوات المركزية والجهوية التي نظمتها وزارة العدل والحريات، وساهمت الهيئة الوطنية بأوراق ومقترحات في عدة قضايا منها على سبيل المثال: التنظيم القضائي والخريطة القضائية / السياسة الجنائية / تأهيل المهن القضائية والقانونية… الخ.. [هذا على مستوى الحوار العام].
← أما على مستوى الحوار الخاص الذي كان موضوعه مناقشة تعديلات قانون 03.16.
فقد سجلت (الهيئة) مجموعة من الملاحظات تتعلق بالشكل والموضوع والمنهجية.
– فعلى مستوى الشكل: 1) كانت لنا ملاحظة على طبيعة التركيبة النوعية للجنة المناقشة.
فاللجنة لم تكن متوازنة عدديًّا، فالهيئة يمثلها ثلاثة (3) أعضاء( ) وباقي أعضاء اللجنة ممثلة بأطر وزارة العدل والجهاز القضائي (19 عضوا) في المجموع.
حيث غاب الفاعل الجامعي والفاعل الحقوقي وممثلي المجتمع المدني عن اللجنة.
2. طرح تصور ومشروع قانون جديد من طرف مديرية الشؤون المدنية البديل عن المشروع الذي قدمته الهيئة الوطنية.
من طبيعة الحال فُوجئنا بهذا المشروع، المفاجأة الكبرى هو أن هذا المشروع تضمن مقترحات أثارت حفيظة وتخوفات السادة العدول حيث نحى المشروع في مقتضياته منحى شرقنة مهنة التوثيق العدلي (الكاتب بالعدل والشاهدين..).
← هذه المقتضيات المقترحة وغيرها وطبيعة النقاش مع أعضاء اللجنة المحترمة ← دفع برئيس الهيئة الوطنية إلى الدعوة لانعقاد الجمعية العامة للهيئة الوطنية بالرباط، التي خرجت بمجموعة من المقررات شكلت خارطة الطريق للجنة الحوار الممثلة للهيئة، والتي كانت من تداعياته الانسحاب من الحوار ثم الرجوع بعد ذلك بعد توافق مع وزير العدل والحريات بخصوص بعض المقترحات.
← وكان من جملة ما اتفق عليه بعد استئناف الحوار وبحضور السيد وزير العدل والحريات شخصيا ما يلي:
1. التسمية: “التوثيق العدلي” و “العدل الموثق”
2. التلقي الفردي في المعاملات المالية وما يؤول إليها، مع إبقاء الثنائية في الزواج والطلاق (بإشهاد عدلين).
3. حق الإيداع وصندوق الضمان.
4. وتحفظ السيد الوزير– على إلغاء خطاب القاضي – واستمر الحوار وتوقفنا في [المادة: 48] من [القانون 03.16].
لكن الغريب أو الذي استغربنا له أن في بعض التصريحات الصحفية للسيد وزير العدل والحريات في حكومة بنكيران ورد فيها ما يلي: “الحوار مفتوح مع العدول.. طبعا سيلامس جميع القضايا التي تهم العدول كالتلقي الفردي/ خطاب القاضي/ صندوق الإيداع… إلى حد الآن لم نتفق مع العدول على أي شيء… حتى وإن اتفقنا معهم لن يكون على حساب الموثقين.. كما لا يمكن الاتفاق مع الموثقين على حساب العدول…”.
هذا التصريح للسيد الوزير أثار غضب قواعدنا من السادة العدول، وبدأنا نسمع “أن لجنة الحوار” تُموه الحقائق، وتقوم بالكولسة… الخ.. وبأنه لا جدوى من الحوار، وأن هذا هو العبث بعينه وبالفعل أن هذا التصريح كان له أثر سلبي على القواعد وعلى الرأي العام العدلي..
← فعلى هذا الأساس نقول: إن الموقف الرسمي من مطالبنا ينبغي أن يكون مسؤولا ← والمسؤولية تقتضي تعزيز الضمانات الدستورية لحقوق السادة العدول، وتكريس دولة القانون وواجبات المواطنة.. دون الانصياغ لضغوطات اللوبي.. والحرس القديم الذي يعاكس إرادة الإصلاح.. الذي ما فتئت الخطابات الملكية تؤكد عليه في كل المناسبات الوطنية والمحطات السياسية.
3. موقف الأحزاب الوطنية: من باب الأمانة وللتاريخ والمهنة، أن جل الأحزاب السياسية التي تواصلنا معها سواء عبر الفرق البرلمانية أو كفاعلين سياسيين أو نواب برلمانيين في جهاتهم أبدوا تجاوباً إيجابيا مع مطالبنا كقطاع مهني وكشريحة اجتماعية مهمة في المجتمع بل هناك منهم من يعاتبنا بالتقصير في التواصل، وغياب العدول عن الساحة السياسية والإعلامية.
وبأنه يجب على السادة العدول الانخراط في العمل السياسي والولوج إلى مواقع صنع القرار على غرار السادة المحامون.
4. موقف الموثقين وما أدراك ما الموثقون: هذا الموقف أحببت أن استهله بقصيدة للشاعر العراقي أحمد مطر رحمه الله. تحت عنوان: “عدالة” ونحن في سياق الحديث عن “خطة العدالة”.
يشتمني.. ويدعي أن سكوتي.. مُعْلِنٌ عن ضَعْفِه!!
يَلْطُمُني.. ويدعي أن فمي قام بلطم كفِّه !!
يَطْعَنُني.. ويدعي أن دمي لوَّث حَدَّ سيفه..
فأَخْرِجُ القانون مِنْ مُتْحَفِهِ..
وأمسح الغبار عن جَبينِهِ.. أطلب بَعْض عَطْفِهِِ.. لكنَّهُ يَهْرُبُ نحو قَاتِلي.. ويَنْحَني في صَفِّه!!
يقول حِبْري ودَمِي:
لا تَنْدَهِشْ
مَنْ يَمْلِكُ “القانون” في أوطانِنَا
هو الذي يملك حق عَزْفِه”.
*************
– للأسف: يُضْحِكُني العميان.. حين يُقَاضون الألْوان.
وتُضْحِكُني الأَوْثَانُ.. حين تُنادي النَّاسَ إلى الإيمان.
*************
ويمكن رصد موقف الموثقين من مطالب السادة العدول من خلال:
1. الرسالة الاحتجاجية إلى السيد وزير العدل والحريات: يحتجون فيها على هذه المطالب.
2. الرسالة الموجهة إلى رئيس الهيئة الوطنية للعدول.
3. الحملة الإعلامية ضد السادة العدول في القنوات الإذاعية والمرئية والالكترونية والصحف.
خلاصة هذا الموقف هو: التصدي للعدول وتجحيم دورهم وتصوريهم لدى الرأي العام بعدم الكفاءة والأهلية..
وتقزيم دورهم في الأحوال الشخصية الزواج والطلاق وقضايا الميراث…
هذا الموقف ينم عن عدم النضج المهني وعن عقلية الإقصاء.. مع تمييزنا داخل هيئة الموثقين بين الصقور والحمائم، ونقدر أهل الفضل والمروءة.. ولنا معهم عقد سليم، وحوار حميم، ونناظر كل خوار عليل القلب سقيم الفكر، المغرور بفرنكفونيته في مجالس المطارحة والمناظرة… لينكشف الزيف ويُعرف الحق.. وينفضح الدخيل والمتلصص على “المخزون التوثيقي المغربي الإسلامي”.
لن نتخلى عن المدافعة والمثافنة.. والخصم يعرقل.. وتسري الدعايات المضادة بين الناس وتثبط عزائمهم تجاه العدول.
في ميدان المدافعة والمجالدة، تتضح التوجهات والمشاريع والمناهج، وفي ساحة الصراع وسوق التوثيق والعقود سيلتقي أصحاب القلم والقرطاس، ينادي المنادي… يا قوم هاتوا ما عندكم تقدمونه للناس والمجتمع.. بوضوح بلا مغالطات ولا مزايدات..
ولا أقول : إن في الأفق أملا.. ان يبقى على الحوار والحوار الهاديء المسؤول وأن نجنب قطاع التوثيق الرسمي بالمغرب خزات الصراع والانقسام… لأن من يخوض ضد العدول وخطة العدالة معارك القمع والإقصاء والتهميش فإنما يخوض معارك خاسرة…
والخير الذي ندعو إليه هو “الكلمة السواء” التي هي حماية “رسمية التوثيق في المغرب” وسد ذريعة المحررات العرفية التي دخل علينا منها ويدخل الخفاش المفلس… فإن من الدخلاء على التوثيق حرباوات، وإن من الأقلام إمعات..
اخاطب من يدرك أن للكلم معنى، وأن بعد اليوم غدا، والله المستعان.
*************************
ملحوظة : هذه الورقة جزء من الدراسة التي ستنشر على شكل كتاب في القريب العاجل للمتدخل أعلاه الدكتور عبد السلام آيت سعيد.