ظلت مهنة العدالة منذ القدم يمارسها الذكور دون الإناث بين تفسير يرد ذلك الى مبررات دينية باعتبار ان العدل الفرد وان مهمة الاشهاد هي مهمة الرجال دون النساء، وبين قائل بأن العدالة هي ولاية ولا تصلح لتاء التأنيث، وبين قائل بأن الثقافة المجتمعية للمغاربة ترفض ان تتولى النساء مهمة العدول بحيث ان المجتمع تعامل مع اعلان تولي النساء مهمة التوثيق العدلي بنوع من التحفظ بل بالرفض من طرف قطاع واسع…
تم الاعلان عن كون التوثيق العدلي يمكن اعرابه وصرفه بتاء التانيث ونون النسوة تماما كما يمكن تذكيره، وادخل القرار الملكي تاء التأنيث لمهنة العدالة واصبح لها محل من الاعراب بعد كانت تاء التأنيث ممنوعة من الصرف في المهنة. وحظي الموضوع بتغطية رسمية خاصة من خلال تصريحات وزارية ولقاءات بجمعيات نسائية وتغطية إعلامية خاصة من خلال نقاشات وحوارات تتعلق بالموضوع واقيمت عدد مم الندوات واللقاءات العلمية هنا وهناك لتناول الموضوع بالدراسة والتحليل، وفي هذا الخضم ظهر صوت الهيئة الوطنية للعدول الذي جاء في صورة المرحب بالقرار الملكي والمستبشر بهذه الإضافة النوعية للمهنية وعن استعداد الهيئة للانخراط في انجاح ولوج المرأة للمهنة وبذلك تحملت الهيئة عبأ تسهيل اعراب المهنة بالتذكير والتأنيث بعد أن ظلت تاء التأنيث ونون النسوة محذوفة من المهنة منذ نشاتها بالمغرب، ومثل موقف الهيئة امتدادا لما كانت قد قامت به منذ مؤتمر مراكش من قبول بولوج المرأة للمهنة والذي تمت ترجمته بفتوى المجلس العلمي الأعلى والقرار الملكي والاعلان الوزاري وقرار تنظيم المباراه حتى قبل تعديل القانون المنظم للمهنة والذي انتظره العدول طويلا لإصلاح الشأن المهني وتحرير المهنة من العوائق والتمييز التشريعي…
وبعيدا عن الاحتفالية بهذا الولوج لا بد أن نقف قليلا مع مواقف قاعدة العدول والتي انقسمت بين رافض اما من منطلق قناعة دينية او موقف شخصي لولوج المرأة للمهنة واعتباره مضرا للمهنة بل وحاط منها واعداما لها ولا يزال قطاع من العدول على هذا الرأي، وفريق ثاني رحب بهذا المستجد وضرورة استثماره للمطالبة بالإصلاح الشمولي للمهنة والمطالبة بالمساواة في الامتيازات بين المهن التوثيقية فتأنيث المهنة من باب مناهضة التمييز وتحقيق المساواة بين الجنسين يجب اعتباره مدخلا للمطالبة بالمساواة الشمولية قانونا وواقعا، وفريق ثالث لا يزال لحد الآن لم يستطع صياغة موقف خاص بل ظل مترددا بين اعتبار الامر عاديا وبين النظر اليه باعتباره سلبيا للمهنة. وبعيدا عن هذا وذاك يبقى التقييم الموضوعي العقلاني الهادىء لولوج المرأة لمهنة العدالة موضوعا يجب ان ينظر إليه من اكثر من زاوية : الزاوية الاولى لا علاقة لها بالمهنة وانما بتوجع الدولة نحو تنفيذ التزاماتها الدولية في تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بمناهضة التمييز والتي رفع المغرب تحفظه عليها قبل سنوات، وبالتالي فهذا القرار طبيعي ولا يشكل أي استثناء ولكن كان يحتاج لتسويغه حتى يكون مقبولا من المهنيين والمجتمع فجاء رأي المجلس العلمي الأعلى الذي لم ينشر قصد اباطباع عليه حتى هذه اللحظة، الزاوية الثانية : بالنسبة للمنظمات والجمعيات النسائية والحقوقية اعتبرت موضوعا مكسبا جديدا في سبيل تحقيق المساواة بسن الجنسين لا سيما وان مهنة العدالة من المهن التي ينظر اليها المجتمع باعتبارها مهنة دينية او تقوم في اساسياتها على الطابع الديني ، وتحقيق المساواة فيها سيكون حتما مدخلا للمطالبة بالمساواة في امور دينية اخرى منها حتما المطالبة بالمساواة في الارث، اما الزاوية الثالثة فتتعلق بالمهنة ومنتسبيها حيث لا يزال الانقسام والتحفظ والتشكك من الموضوع هو سيد الموقف وذلك في ظرف دقيق جدا بالنسبة للمهنة التي بقيت بدون تعديل قانوني لإصلاح أوضاع المهنة رغم مرور سنوات على ورش اصلاح العدالة، وفي جو مشحون يطبعه تخوف المهنيين على ان يخرج القانون دون مستوى تطلعاتهم وفي ظل مطالبة الجميع باشراك كل العدول في هطه المحطة ما دام الامر يتعلق بالقانون المنظم الذي يحكم مصيرهم جميعا. ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو دخول تاء التأنيث لمهنة التوثيق العدلي ولم يعد المذكر هو الضمير المتحكم في الصفة منذ اليوم واصبح للعدل الذكر عاطفة ولست ادري هل سيكون جمعها عواطف ؟!!؟ وأترك الجواب لاهل الاختصاص في الصرف والتحويل.
الاستاذ سعيد الصروخ
عدل موثق بإستئنافية طنجة
عضو المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة
عضو مؤسس للجمعية المغربية للعدول الشبا
اضف تعليقا