دراسة في كل الوسائل والأثار.

عناصر الموضوع:

العنصر الأول : مبدأ الحرية والمساواة في الروابط الأسرية وفق المرجعية الدولية
كـلمـة الـبدايـة
العنصر الثاني : رؤيتنا للموضوع من خلال الوسائل والآثار.


العنصر الأول : مبدأ الحرية والمساواة في الروابط الأسرية وفقا للمرجعية الدولية
كلمة البداية :

مكتب السيد رئيس الجمعية المغربية للعدول الشباب

لا يمر يوم دون أن تطالعنا مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية بأننا نمس سوء بصورة مباشرة أو غير مباشرة وضع الأجانب في مختلف أنحاء العالم وتؤكد يوما عن يوم طبيعته المرتبطة بالمؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية اكتر من ارتباطه بالتقنية القانونية فدل على ذلك المعاناة اليومية للمهاجرين المقيمين بصورة خاصة بدول غرب ارويا وموقف المشرع والفقه والقضاء في هذه الدول من وضعية الأجنبي انطلاقا من معطيات تدخل في إطار السياسة التشريعية لهذه البلدان التي تسير في اتجاه تقليص تواجد الأجنبي بصورة عامة وتحجيم تمتعه الحقوق المعترف بها دوليا للأجنبي فوق تراب دولة غير الدولة التي ينتمي إليها .
ورغبة منه في ملائمة القواعد الداخلية في مادة الأحوال الشخصية مع النموذج الذي تتبناه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومن ثم إعطاء فرصة اكبر للقانون المغربي للأحوال الشخصية لان يتم اختياره من طرف القضاء الأوروبي عمل المشرع المغربي ومن خلال مدونة الأسرة . لسنة 2004 على إقرار مبادئ الحرية والمساواة بين أطراف العلاقة الأسرية وذلك كله من اجل تحقيق نوع من الملائمة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وهكذا صادقت المملكة المغربية على العديد من المواثيق الدولية الجماعية التي تتضمن بين طياتها مقتضيات هي من حيث جوهرها عبارة عن قواعد خاصة تتصل بقانون الأسرة وهي معاهدات ومواثيق اغلبها صادرة عن هيئة الأمم المتحدة ومن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 10 دجنبر 1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة في16 دجنبر 1966 والاتفاقية المتعلقة بالقضاء على جميع إشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن ذات المرجع سنة 1979 وكلها اتفاقيات صادق عليها المغرب ونشرها ومن جملة التعديلات التي جاءت بها مدونة الأسرة المغربية والتي من شانها أن تعزز من مركزها أمام القضاء الاروبي ما ذهبت إليه المادة 24 من المدونة المذكورة في جعل الولاية حقا للمرأة بقوة القانون وذلك بمجرد بلوغها سن الرشد حيث أصبحت نتيجة لذلك تمارس هذه الولاية حسب اختيارها ومصلحتها دون الخضوع لأية رقابة أو موافقة .وهو ما من شانه أن يفتح المجال أمام القضاء الاوربي لتطبيق مدونة الأسرة على المغاربة في المهجر ما دام أن هذه المدونة مبنية على مبدأي الرضا والمساواة في إبرام عقد الزواج وبالتالي تجاوز مختلف الدفوعات التي كان يستند عليها القضاء الاروبي في رفض الاعتراف بالزوج الحاصل في المغرب والذي يتضمن مشاركة الولي في الزواج

العنصر الثاني :رؤيتنا للموضوع من خلال الوسائل والآثار .
بداية يمكن القول أن العصر الحديث عرف نمو العلاقات بين الأفراد عبر الحدود مع تنامي ظاهرة الهجرة وتزايد حالات الزواج المختلط الشيء الذي أثار مشكلات تعدد القوانين القابلة لحكم الروابط العائلية ذات العنصر الأجنبي وولد الحاجة إلى وجود قواعد فنية لحل تلك المشكلات واختيار انسب القوانين والحلول
ولمعالجة هذا العنصر سنتناوله من خلال النقط التالية.
أولا:تحديث صياغة تعوض مدونة الأسرة بما يتجاوب وكرامة المرأة وإنسانيتها
ما من شك في كون شكل وقالب الصياغة يتموقع خلالها النص التشريعي يعتبر بمثابة السياق الذي يجد فيه المضمون مدلوله ويصادف في هذا المحتوى مبتغاه لذا واعتبارا لكل ما كان سائدا من قبل فان جميع إشكال التميز ضد النساء ولا سيما منها تلك التي تجد ترجمتها في الصياغة المعتمدة في تقنين النصوص الشرعية شكلت دائما موضوع انشغال عميق بالنسبة لحرية حقوق الإنسان علما أن المرأة المغربية كانت تعاني من ميز فعلي يزيد في تعميق الميز المكرس على مستوى صياغة نصوص مدونة الأحوال الشخصية السابقة وما كان لمدونة الأسرة بإبعادها الأسرية المتميزة وأهدافها الايجابية أن تتجاوز هذا الواقع السلبي الذي يقصي دور المرأة ويخل بميزان المساواة بينها وبين الرجل وهكذا فقد تم تجاوز الصيغ الكلاسيكية التي تهمش العنصر النسوي وتموقعه كطرف ثاني في العلاقة الزوجية وتم بالمقابل إقرار مقاربة ثنائية ذات بعد متوازن وذات بعد ايجابي ونموذجي تقوم على إقامة شراكة فعلية في تحمل أعبائها الأسرية قدر المساواة

في احد لقاءات رئيس الجمعية المغربية للعدول الشباب بالطلبة

ثانيا : تبسيط مسطرة زواج المغاربة خارج التراب الوطني.
يمكن القول أن مدونة الأسرة من خلال هذه المقتضيات التشريعية الجديدة تكون قد سنت أحكاما جديدة من اجل تيسير مسطرة عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج وذلك من خلال إمكانية اعتماد الإجراءات الإدارية الشكلية لدولة الإقامة كشروط تضمن لهم اعتماد عقود زواجهم عند الحاجة كما تكون المدونة بهذا التنصيص التشريعي الجديد قد سدت النقص الحاصل في القانون السابق في تنظيم مسطرة زواج رعايا المملكة بالدول الأجنبية والتي كانت تعترضها مجموعة من العراقيل المسطرية والصعوبات الموضوعية
ثالثا:الانخراط الأمثل في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان .
تتجسد هذه النقطة في انخراط مدونة الأسرة بالمملكة المغربية في مضامين الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان خاصة منها ذات الصلة بالأسرة في عدة مجالات جوهرية نذكر منها “سريان القانون من حيث الأشخاص في مجال الزواج وتأسيس الأسرة وشروط شكليات الزواج والمساواة في الحقوق بين الزوجين عند التزوج وخلال قيام الزواج ولدى إخلاله وفي مجال حماية الأطفال ورعايتهم وصيانة المرأة ضد العنف وتوسيع مجال الرقابة القضائية بما فيه رقابة النيابة العامة على مؤسسة الأسرة إلى ابعد مدى حمائى

رابعا: التوثيق العدلي ، دعامة أساسية لتكريس بين مبدأ الحرية والمساواة داخل المنظومة الدولية.
كان ولا زال التوثيق العدلي وللسادة العدول الموثقون دور كبير وأساسي في عدم تكريس مبدأ الحرية والمساواة في الروابط الأسرية وذلك من خلال عقود الزواج التي تبرم بالخارج بين المغاربة أو بين طرف مغربي وآخر أجنبي عن طريق ما يسمى بالرسوم المدنية أو عن طريق رسوم بعض المراكز الإسلامية وذلك بواسطة شهادات اللفيف أو بواسطة شهادات علمية أو بواسطة المقاررة في حالة حضور الزوجين معا لدى العدليين المعنيين وتعذرت شهادة اللفيف أو شهادة العدليين العلمية .
إن الأدوار التوثيقية التي ألمحنا إليها تبين بكل وضوح أن منتوج النشاط التوثيقي سواء في صورة عمل التوثيق الداخلي أو حتى في نطاق بعده الدولي خارج التراب الوطني لا يشكل فقط اختصاصا عابرا مؤقتا لكن الأكيد أن حياة الناس في المجتمع لا تنضبط بالتشريع فحسب وإنما توجد إلى جانب قواعد التشريع التي تشكل القانون بالمفهوم الضيق للكلمة قواعد أخرى قانونية بالمفهوم الواسع لمصطلح القانون تتمثل أساسا في القواعد العرفية وأحكام الدين وآراء الفقه ومبادئ القانون الطبيعي والنواميس الأخلاقية .
وتحت هذا المفهوم الواسع تنضوي كذلك إلى جانب ما تقدم المبادئ التي يصوغها التوثيق العدلي باجتهاده في قضايا الأسرة التي يواجه فيها فراغا في التشريع أو إبهاما فيه وتتجلى أهمية وإيجابية هذا الدور الريادي للتوثيق العدلي إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والمرونة التي تتمتع بها المجالس الجهوية للعدول بدوائر محاكم الاستئناف بالمملكة في تغيير اجتهادهم من خلال ضرورة الملائمة وتحت تأثير الظروف الاقتصادية والاجتهادية المتغيرة باستمرار وفي إطار ما أضحى يسمى بنمطية العقود. الأمر الذي يجعل التوثيق العدلي بمثابة قاطرة لقطار التشريع في مجالات كثيرة.
غير أن هذا الدور الريادي وهذه الظاهرة تنطوي على إشكالية دقيقة تتمثل في معيار الفصل بين الجودة التوثيقية في مفهومها القانوني؟ وبين التوثيق العدلي المصطنع الذي تنتفي معه الحكامة التوثيقية؟
لهذه الإشكالية مقصدا نريد الوصول إليه.
كما هو معروف أن ظاهرة الهجرة ظاهرة قديمة وحديثة قديمة بحكم الطبيعة البشرية التي جبلت على الحل والترحال، طلبا للرزق أو هروبا من الاضطهاد وهي حديثة فبعد أن أقرتها التعاليم السماوية جاءت لتؤكدها المعاهدات والمواثيق الدولية وتتبناها القوانين الوضعية العاصرة وهذه الظاهرة عرفت تدفقا بشريا من المغاربة إلى تلك الدول عن طريق الهجرة الشيء الذي حتم معه وجود جهة مؤهلة لتوثيق معاملتهم الشخصية في بلد الإقامة، وهو ما تم فعلا.
فبموازاة مع التدابير التطبيقية التي اتخذت داخل المملكة تم القيام بمجموعة من الإجراءات همت أفراد الجالية المغربية بالخارج أهمها.
– تعين قضاة مكلفين بالتوثيق المحلقين بالسفارات والقنصليات المغربية بالدول الأوربية وقضاة للأسرة مكلفين بالزواج من أجل تسيير توثيق الزواج بالمصالح القنصلية وذلك في الدول مثل فرنسا – هولندا – بلجيكا – إيطاليا – ألمانيا – إسبانيا ، وهذا طبعا كله لعب فيه السادة العدول الموثقون دورا مهما بالسفارات والقنصليات المغربية كآلية من الآليات التي تساهم في دعم المنظومة التوثيقية ردحا من الزمن ولعل أهم العوامل التي بلورت هذه الدعامة وشكلت مؤونة العدل الموثق وسلاحه في كفاحه ومهنته من أجل الوصول إلى الحلول العادلة لما يطرح عليه من القضايا ونوازل الدهر خاصة تلك التي لا يسعفه نص بصددها ثلاثة عناصر أساسية .
– أولا : التضلع في العلم وأعني به التكوين الرصيف النظري والعلمي الشامل الذي يمكنه من الإحاطة بأحكام القانون والتفقه في الدين والفقه والتأمل في الفلسفة التشريع.
– ثانيا: القدرة على التأويل أي القدرة على النفاذ إلى روح القاعدة القانونية واستيعاب فلسفتها واستحضار النوازل وربطها بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية.
– ثالثا: التنظير وهي عملية خلق وإبداع ورياضة ذهنية تنبني على القدرة على الافتراضات والبداهة في استحضار وتصور الحيل القانونية التي بواسطتها يتمكن العدل الموثق من تقمص شخصية المشرع وإخراج وثيقة سليمة شكلا وموضوعا ، لكن سرعان ما أسندت آلية التوثيق العدلي بالخارج إلى فئات غير مؤهلة قانونا وليس لها أي تجربة ولا دراية ولا علم ولا خبرة بخبايا علم التوثيق وهي فئات تم انتقاؤها من موظفي كتاب الضبط لتتولى مهام السادة العدول وهو أسلوب يبين عن التهميش والإقصاء الذي باتت تنهجه وزارة العدل و الحريات وكان الأحرى بهذه الوزارة ووزارة الشؤون الخارجية أن تعمد إلى الأخذ بمنبع التوثيق العدلي وانتقاء العدول المبرزين لتولي مهام التوثيق بالخارج.


لائحة المصادر والمراجع المعتمدة
– محمد الكشبور: الوسيط في شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2009.
– محمد الأزهر: شرح مدونة الأسرة، مطبعة دار النشر المغربية الدار البيضاء الطبعة الرابعة 2010.
– أبو الشتاء الحسن الغازي الحسيني: التدريب على الوثائق العدلية، تعليق أحمد الغازي الحسيني الجزء الأول والثاني الطبعة الثالثة 1995.
– العلمي الحراق: التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة الجزء الأول مطبعة دار السلام الرباط 2009 .
– سعيد سليمان الحامدي: التوثيق وأحكامه في الفقه الإسلامي دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة جمهورية مصر الطبعة الأولى 2010 .
– حسين الترتوري: التوثيق بالكتابة والعقود مكتبة دنديس ودار ابن الجوزي مصر العربية الطبعة الأولى 2005.
– صالح بن عثمان بن عبد العزيز الهبيل: توثيق الديون في الفقه الإسلامي، مطابع الجامعة المملكة السعودية الطبعة الأولى 2001.
– دليل عملي لمدونة الأسرة: إعداد وزارة العدل والحريات الطبعة الثالثة 2007 العدد 1 2004 مطبعة دار القلم الرباط.
– مجلة قضاء محكمة النقض العدد 76 2013.
– قراءة في قانون الهجرة: المعهد العالي للقضاء ضمن سلسلة الندوات والأيام الدراسية ع 7 يناير 2006.
– قضايا الأسرة من خلال اجتهادات المجلس الأعلى: الندوة الجهوية الثانية المنظمة من طرف محكمة النقض بمكناس يومي 8 – 9 مارس 2007.
– مجلة القضاء والقانون العدد 149
– مدونة الأسرة عام من التطبيق الحصيلة والآفاق، ندوة وطنية منعقدة بكلية الحقوق بوجدة يومي 17 – 18 فبراير 2005 تنسيق الأستاذ إدريس الفاخوري مطبعة التسيير طبعة 2006.
– دور القضاء في حماية حقوق الإنسان: ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى ومحكمة النقض المصرية يومي 16 – 17 يناير 2002 منشورات سلسلة دفاتر المجلس الأعلى العدد 5/2005.
– دور الاجتهاد القضائي في تطوير القاعدة القانونية: يوم دراسي نظم بمراكش منشور بمجلة المنتدى، العدد الرابع يوليوز 2004.
– السعدية بلمير: الروابط العائلية في القانون الدولي الخاص المغربي منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1988.
– محمد الوهابي: طلاق المغاربة أمام القضاء الأوربي إشكالات التطبيق وآفاق التنفيذ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية 2006/2007.
– جمال الخمار: نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية المقيمة ببلجيكا رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2007/2008.
– جليلة دريسي: إشكالية الحضانة في الزواج المختلط، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية الحقوق بوجدة السنة الجامعية 2007/2008.
– سهام تيزاوي: السفربالمحضون: رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية الحقوق بوجدة السنة الجامعية 2008/2009.
– غزلان الجاي: الروابط بين الآباء والأبناء في القانون الدولي الخاص المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية الحقوق الرباط أكدال السنة الجامعية 2008/2007.
– المجلة المغربية للدراسات الدولية: الزواج المختلط في العلاقات الأورو مغاربية عدد خاص أكتوبر 2003.
– إشكالية الهجرة على ضوء القانون 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير المشروعة، ندوة وطنية منضمة من طرف وزارة العدل بمراكش يومي 19 – 20 دجنبر 2003 منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد 1 – 2004 ط 1.
– قضاء الأسرة مجلة متخصصة: وزارة العدل – العدد 3 دجنبر 2006.
– أحمد الخمليشي: وجهة نظر الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة الرباط مكتبة دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع الرباط.
– مدونة الأسرة المغربية.
– مدونة التوثيق العدلي: ضبط وتقديم الدكتور: أحمد خرطة، ط 1 2010 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
– www.ADALA. JESTICE. GOV. MA


الاستاذ/محمد حداوي
عدل موثق باستئنافية وجدة
رئيس الجمعية الوطنية للعدول
والشباب.