منذ الإعلان عن فتح باب التوثيق العدلي في وجه النساء ، وتمكين المرأة أخيرا من ممارسة مهنة عدل ، عرفت كثير من الجامعات المغربية حركية غير مسبوقة في الاهتمام بمهنة التوثيق العدلي ، اهتمام واكب الحدث الجديد بتنظيم ندوات ولقاءات للبحث والدراسة عبر ربوع الوطن وفي مواقع جامعية مختلفة من الشمال إلى الجنوب ..
وإذا كان هذا الأمر عاديا بل مطلوبا من المؤسسة الجامعية التي من مهامها البحث العلمي والدراسة والتتبع لمختلف القضايا والمستجدات من منظور الأكاديمي والباحث ، مثلما يفعل الإعلامي والسياسي والفقيه كل من زاوية نظره ، فإن الأمر يثير في نفس الوقت سؤالا مشروعا عن الحضور المحدود في أروقة الجامعة وبرامجها العلمية والبحثية لمهنة قانونية منظمة باسم ” خطة العدالة ” تصنف ضمن مساعدي القضاء وتقوم بدور أساسي في الحفاظ على الحقوق وتوثيق الالتزامات وإبرام العقود ، الأمر الذي يجعلها في صلب الحياة اليومية للمواطن ، بحيث يستحيل أن تجد بيتا مغربيا يخلو من رسم عدلي كيفما كان نوعه .
ولمن طلب الاستدلال على ما نقول ، فيمكن أن يبحث بنفسه عن عدد الأنشطة العلمية للكليات والمعاهد ، ندوات كانت أو أياما دراسية أو لقاءات لمدارسة القوانين المنظمة للمهنة والبحث في عيوبها المؤثرة على الأمن التعاقدي واستشراف آفاقها وبلورة الأفكار والمقترحات لتطويرها ودعم وظيفتها . أما الرسائل الجامعية والاطروحات التي تصدت لتناول التوثيق العدلي وقضاياه فمما لا شك فيه أنها لا ترقى إلى مستوى وأهمية هذا القطاع ، إن لم نقل إنها جد محدودة ولا تجيب عن الأسئلة والإشكالات الكثيرة والمتعددة التي يطرحها هذا المرفق الحيوي في نظامنا القانوني والاجتماعي.
كل هذا يطرح في نظرنا إشكالية العلاقة بين الجامعة والتوثيق العدلي ووجوب رتق الفجوة الملحوظة ، فمن جهة الجامعة ، تقتضي وظيفتها العلمية ومقتضيات الانفتاح على المحيط ، إيلاء مزيد من الاهتمام بمكون رئيس في منظومة العدالة والقضاء ببلادنا ، لا تخفى أهميته وعراقته التاريخية ودوره الاجتماعي ، ومن جهة أهل الشأن وهم العدول ، فإن مسؤوليتهم لا تقل عن مسؤولية الجامعة في ربط جسور التواصل العلمي والتعاون مع المؤسسات الجامعية بمختلف أوجه التعاون ، والتي تبدأ بعقد الشراكات ، وتمر حتما بالندوات المشتركة والتأطير العلمي والانكباب على دراسة المهنة من حيث القوانين المؤطرة و الإشكالات والعوائق الميدانية وغير ذلك ، وهو ما يستدعي اجتهاد الهيئة الوطنية للعدول ومجالسها الجهوية في تحقيق ربط الصلات وكسب أصوات مؤثرة لصالح المهنة وأصحابها .
بقلم الاستاذ أنور الحمدوني
عدل باستئنافية طنجة
اضف تعليقا