منقول بقلم: العربي أبوأيوب
بقراءة سطحية للمواد القانونية التي تتطرق إلى الآجال القانونية المتعلقة بمسار تكوين الوثيقة العدلية يتخيل إلى القارئ أن المشرع وضع حدا لكل تأخر أو تأخير، غير أن الحقيقة غير ذلك، إذ أن هناك فجوات خطيرة جدا تزداد خطورتها مع عدم تحديد من المسؤول بالضبط أو إشراك أكثر من جهة في نفس المسؤولية، ناهيك عن التداخل اللامنطقي لبعض ينضاف إليها عدم اقترانها بجزاء في حال مخالفتها.
وللحديث عن الآجال القانونية وإشكالاتها النظرية والعملية سننطلق من أهم محطات إنشاء الوثيقة العدلية والتي سبق أن حددناها في:
1- التلقي (المواد من 27 إلى 32 من القانون رقم 16.03 والمواد 18، 19 و20 من المرسوم التطبيقي له)
2- التحرير (المادة 33 من القانون رقم 16.03 والمواد 25، 26، 27 من المسوم التطبيقي له)
3- التسجيل (المادة 28، 29 من القانون رقم 16.03)
4- المراقبة (المادة 34 من القانون رقم 16.03 وكذا المادة 11 من القانون رقم 49.00)
5- التضمين (المادة 11 من القانون رقم 49.00 والمادة المواد من 30 إلى 33 من المرسوم التطبيق للقانون رقم 16.03)
6- الخطاب (المادة 35 من القانون رقم 16.03 والمادة 33 من المرسوم التطبيق له)

ولن أكرر ماقيل في هذه المراحل وإن كان مازال هناك ما يقال فيها، وسنقتصر على الوقوف على مابين محطاتها باختصار لأبين الفراغ القانوني المهول بخصوص الآجال ناهيك عن تحديد المسؤوليات، وهذا أمر لايخفى على أحد من الممارسين عدولا كانوا أو نساخا لكن أرى أنه لابد من إثارة الانتباه إليها.
ولتوضيح هذه الآجال نذكرها أولا ونوضحها من خلال جدول ومبيان:
1- التحرير: حصر المشرع آجالها من خلال المادة 27 من القانون رقم 16.03 في ستة أيام من تاريخ التلقي، بل وأدخل في هذه الفترة ذاتها إجراء آخر ألا وهو تسليم الرسم إلى القاضي المكلف بالتوثيق قصد مراقبته.
2- المراقبة: سكت المشرع عن تحديد الآجال.
3- التضمين: حددها المشرع في ثمانية أيام من تاريخ تسلم الناسخ للرسم من خلال المادة 11 من القانون 49.00.
4- الخطاب: حددها المشرع في ستة أيام من تاريخ التضمين من خلال المادة 38 من المرسوم رقم 2.08.378 تطبيقا للقانون رقم 16.03.
5- التسجيل: حسب مدونة التسجيل والتمبر 30 يوما.

بالإضافة إلى ماسبق هناك نصوص أخرى تناولت قضية الآجال فمثلا نصت المادة 140 من القانون رقم 70.03 لمدونة الأسرة على وجوب أن تحوز المطلقة وثيقة الطلاق خلال خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الاشهاد على الطلاق.

مما سبق ومن خلال المبيان في الصورة صحبته نسجل باختصار مايلي:
عدم انسجام الآجال: إذ أن المادة 140 من مدونة الأسرة توجب أن تحوز المطلقة وثيقة الطلاق خلال 15 يوما من تاريخ التلقي أو بمعنى آخر أنه يجب أن تصير الوثيقة رسمية وفي حوزة العدل قبل مرور 15 يوما، ولكي يضمن عمليا احترام المادة 140 السالفة يجب أن ينهي المسطرة المرطونية لوثيقة الطلاق في ظرف أسبوع فإذا تعذر عليه إتمامها تكون آخر فرصة له بداية الاسبوع الثاني. وهو أمر قد يكون مستحيلا إذا تمسك القاضي بما أعطاه القانون من آجال في ممارسة اختصاصه والناسخ كذلك فيما أعطاه القانون في نطاق اختصاصه وبالتالي تكون مدة 15 يوما الواردة في المادة 140 مجرد عبث خاصة مع عدم التنصيص على من المسؤول وماهو الجزاء حالة المخالفة.
وفي السياق نفسه تندرج آجال التسجيل بطريقة عكس الأولى إذ أن آجال وجوب تسليم الوثيقة إلى القاضي لمراقبتها هو 6 أيام في مقابل 30 يوما للتسجيل، وكأن الوثيقة تسلم إلى القاضي قبل إجراءات إدارة التسجيل، أو كأن القانون مازال يتضمن موادا من القانون القديم حفاظا على مايسميه البعض ثرات أو هوية أو ماشابه ذلك.
عدم ورود الجزاء: إن نعث الآجال المتعلقة بالوثيقة العدلية بالاجال القانونية هو ضرب من الخيال، ذلك أنه لايعقل أن نقول هذه آجال قانونية دون أن تكون مقرونة بالجزاء في حالة الإخلال بها، ويلاحظ أن المشرع كان متيقضا عندما يتعلق الأمر بالموارد المالية حيث يوجب الغرامة على عدم احترام آجال التسجيل ويتهاون في كل الآجال الأخرى مما يجعل تلك الآجال مجرد شعارات مرفرفة.
إغفال تحديد بعض الآجال: يبدوا أن المشرع وهو يرفع شعارات الآجال بخصوص تأسيس الوثيقة العدلية لم يرفعها في ألوان متناسقة حيث حدد آجالا وأغفل أخرى على الرغم من ارتباطها بالأولى الشيء الذي يفرغ الآجال الأولى من أهميتها، فمثلا إذا كان المشرع يهمه الاسراع بانجاز الوثيقة العدلية لمصلحة المرتفق فلماذا لايحدد الآجال بالنسبة لمرحلة مراقبة القاضي المكلف بالتوثيق ولمرحلة تسليم الوثيقة إلى الناسخ فضلا عن تحديد المسالك بدقة.
عدم تحديد المسؤوليات بدقة: هذه نقطة خطيرة يعانيها التوثيق العدلي في عدة جوانبه وقد حاولت الوزارة أن تغطي الشمس بالغربال عندما أحدثت كنانيش التداول بشكل تعسفي زاد الطين بلا، والأجدر بنا أن تحدد الجهة التي توكل لها كل مهمة على حدة وإذا ماقلنا بأن العدل هو نفسه الذي يجب ان يتكفل بوثائقه فإن ذلك يبقى أمر صعبا من الناحية العملية خاصة عند وجود عدد كبير من العدول وكثرة الرسوم.

ملحق:
هذه أهم القوانين المتعلقة بالآجال القانونية في انجاز الرسم العدلي.

المادة 140
من مدونة الأسرة
وثيقة الطلاق حق للزوجة، يجب أن تحوزها خلال خمسة عشر يوما الموالية لتاريخ الإشهاد على الطلاق، وللزوج الحق في حيازة نظير منها.

المادة 27
من القانون رقم 16.03
يحرر العدل الشهادة ويقدمها للقاضي المكلف بالتوثيق في أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ تلقيها ما لم ينص على خلاف ذلك.

تحرر الشهادة بأكملها دون انقطاع في ورق جيد بكيفية واضحة مخطوطة باليد بمداد أسود غير قابل للمحو أو مطبوعة بالحاسوب. ويوقعها العدلان اللذان قاما بتلقيها.

المادة 32
من المرسوم رقم 2.08.378
تضمن الشهادة بأكملها طبقا لمقتضيات المادة 11 من القانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.01.124 الصادر في 29 من ربيع الأول 1422 (22 يونيو 2001).
يوقع العدلان في سجلات التضمين أسفل الشهادات التي تلقياها داخل أجل 20 يوما من تاريخ تضمينها.
يخاطب القاضي في تلك السجلات داخل أجل شهر من تاريخ التضمين على الشهادات المضمنة بها؛ كل شهادة على حدة بعد توقيع العدول شهودها عليها.

المادة 38
مرسوم رقم 2.08.378 16.03 المتعلق بخطة العدالة
يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد أسود غير قابل للمحو بصيغة: الحمد لله أعلم بأدائها ومراقبتها. مع توقيعه مقرونا باسمه ووضع الطابع والتنصيص على تاريخ الخطاب وذلك في أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ التضمين.
يطلع على كنانيش الجيب ومذكرات الحفظ والوثائق التي تحت عهدة العدل.
يراقب تصرفات العدول التابعين لدائرته باستمرار.
يفتش مكاتبهم مرة في السنة على الأقل.
يوجه لمكتب التسجيل المختص نسخة من الشهادات الخاضعة للتسجيل بعد الخطاب عليها يوجه إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نظائر من عقود التحبيس وعقود اعتناق الإسلام.

يرفع تقريرا سنويا في مطلع كل سنة بالإضافة إلى التقارير الخاصة بمخالفة أو إخلال

المادة 11
من القانون رقم 49.00 المنظم لمهنة النساخة
يعهد إلى الناسخ تحت مسؤوليته يما يلي:
‌أ- أن يضمن بخط يده وبمداد أسود غير قابل للمحو الشهادة بأكملها طبق أصلها المحرر من طرف العدلين بتتابع الشهادات حسب أرقام وتواريخ تضمينها دون انقطاع أو بياض أو إصلاح أو إلحاق أو تشطيب إلا ما اعتذر عنه، أما البشر فيمنع مطلقا.
تضمن الشهادات حسب نوعها خلال ثمانية أيام من تاريخ تسليمها إلى الناسخ – ما لم ينص على خلاف ذلك – بعد مراقبتها من طرف القاضي، في أحد السجلات المنصوص عليها في الفصل 25 من المرسوم رقم 2.82.415 الصادر في 4 رجب 1403 (18 أبريل 1983) بشأن تعيين العدول ومراقبة خطة العدالة وحفظ الشهادات وتحريرها وتحديد الأجور كما وقع تغييره وتتميمه.

ب- أن يستخرج من السجلات المذكورة نسخ الشهادات المضمنة والمخاطب عليها.