الأستاذ عبد الرحمان المتقي
رئيس غرفة بمحكمة النقض
أستاذ بالمعهد العالي للقضاء

مقدمة:
إن كل ما يقرب إلى روابط الود والوئام وشد العواطف مطلوب في الشرائع السماوية، فما كان لازما وضروريا لحياة الفرد والحاجيات المجتمعية كان جبرا على كل فرد من المجتمع، كزكاة الأموال التي فرضها الله تعالى واعتمدها ركنا في لباس النوامس الإسلامية.
أما ما زاد على ذلك من إنفاق المال وصرفه فهو من باب المندوب على قدر المستطاع والوسطية لجلب المحبة والألفة، فهو التزام الشخص نفسه بشيء من غير تعليقه على مقابل دنيوي، والالتزام بهذا الشيء يعد تبرعا.

فالتبرعات إذن هي تمليك شيء بغير عوض لجهة معينة سواء كانت شخصا ذاتيا أم معنويا. فإذا كان محل هذا الشيء رقبة أو عينا وصف العقد صدقة أو هبة أو نحو ذلك، أما إذا كان هذا الشيء منفعة وصف العقد حبسا أو عمرة أو نحو ذلك من حيث المبدأ.
فالأمر يقتضي البسط حول مفهوم الصدقة أو الهبة وأركانهما وشروط صحتهما قانونا وفقها وقضاء.
فالعطية الشاملة للصدقة والهبة وغيرهما عرفها ابن عرفة بقوله:
” تمليك متمول بغير عوض إنشاء”. فأخرج بقوله “متمول” تمليك غير القابل للتملك والتداول من زواج وطلاق ونحوه. وبقوله “بغير عوض” اخرج البيع بالمعنى العام من البيع الخاص والمعاوضات والقسمة، وبقوله انشاء اخرج كل شيء مستحق تقريرا وحكما كاستحقاق وارث ما خلفه مورثه.
فالعطية للصدقة والهبة شاملة اذن للرقبة والمنفعة أو تمليك لهما معا. أما إذا تعلق الأمر بتمليك فقط للمنفعة دون الذات أو الرقبة فصارت العطية حبسا أو عارية أو عمرى أو غير ذلك حسب قصد الأطراف.
والمنفعة تختلف عن الانتفاع، فالمنفعة قابلة للتداول من المعطى له لغيره، أما الانتفاع فلا يد للشيء عليه من لدن المنتفع كرخصة النقل أو الكراء مع الاعتبار الشخصي، وأحكام الهبة والصدقة سواء إلا في وجهين:
أحدهما أن الهبة تعتصر والصدقة لا اعتصار فيها، وثانيهما أن الهبة يجوز للواهب تملكها بخلاف الصدقة، فيكره تملكها بغير ميراث.
ويزداد على ذلك وجه ثالث وهو أن الواهب يصدق في قصد الثواب وإن لم يشترطه، بخلاف المتصدق فلا يصدق قي قصد الثواب إلا أن يشترطه، فيخرج الأمر إلى المعاوضة.

1-أركان العطية بالصدقة والهبة:
إن العطية بالصدقة أو الهبة تتطلب لقيامها التزام المعطي بإخراج الشيء المتمول رقبة ومنفعة من ذمته المالية ونقلها إلى المتبرع علية الموهوب له أو المتصدق عليه.
فكل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق او الرخص الثابتة لكل إنسان كحق الإنسان في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه، ولا يطبق هذا الحكم على الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خلال وقت ومكان محددين (الفصل 109 من قانون الالتزامات والعقود).
فالإيجاب بالصدقة أو الهبة من المتبرع بغير شرط حاد من الحقوق الطبيعية والمدنية الخاصة للمتبرع عليه أساس إنشاء هذه العطية.
ولا يثبت هذا الإيجاب إلا بإشهاد رسمي أو عرفي ثابت التاريخ من لدن المتبرع، ويعتبر الإشهاد في هذا المقام شرط صحة تبعا للقاعدة ” أن الإشهاد شرط صحة في جميع التبرعات وفي كل ما كان بغير عوض كالتوكيل والكفالة والضمان” (التدريب على تحرير الوثائق العدلية لأبي الشتا الصنهاجي الجزء الثاني صحيفة 538 والجزء الأول من نفس المؤلف صحيفة 199).

ويشترط في هذا المتبرع أن يكون كامل الأهلية لا عديمها أو ناقصها لأن الأمر يتعلق بافتقار ذمته واغتناء المتعاقد معه، وهذا المقتضى مقرر قانونا بالمواد 224 وما يليه من مدونة الأسرة.
فالتصرفات التي يجريها عديم الأهلية أو ناقصها بالنسبة للتبرعات تكون عديمة الأثر وباطلة بطلانا مطلقا إذا كان المتبرع عديم الأهلية سواء كان متبرعا أو متبرعا عليه. وتكون بالنسبة لناقص الأهلية نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا وباطلة إذا كانت مضرة به أيا كان حد الضرر.
كما يشترط في المتبرع ألا يكون مريضا مرض الموت وهو ركن أيضا في وصف العقد بأنه صدقة، فإذا كان المتبرع مريضا مرض الموت كيف عقد التبرع بأنه وصية وطبق عليه هذا الوصف الأخير بحيث إذا كانت الوصية لوارث بطلت إلا بإجازة الورثة كليا وإذا كانت لغير وارث صحت الوصية في حدود الثلث.
وللتذكير فإن الإبطال في هذه الحالة نسبي لا مطلق، ودليل ذلك أن التبرع إذا كان في مرض الموت فهو قابل للإجازة من الورثة إذا كانت العطية لأحدهم، فمتى كان التصرف قابلا للإجازة فوصف الجزاء القانوني هو الإبطال لا البطلان بحكم أن التصرفات الباطلة مطلقا غير قابلة للإجازة أو التصديق وفق الفصل 310 من قانون الالتزامات والعقود.
فمادام الأمر كذلك فإن المحكمة لا حق لها في إثارة ذلك تلقائيا وإنما الأمر مخول لصاحب المصلحة في هذا الشأن لإثارة ذلك، وصاحب المصلحة في هذا المقام لا يخرج عن الدائنين للمتبرع أو ورثته. وإذا أثار بعض الورثة هذا الإخلال في التبرع فينبغي الاقتصار على ترتيب جزاء الإبطال في حدود منابه دينا أو إرثا، لا إبطال العقد برمته بعد سكوت باقي الأطراف المعنية عن التمسك والدفع بذلك.
أما من جهة المتبرع عليه فلا بد من قبوله العطية لأنه ركن من أركان عقد الصدقة أو الهبة وهذا القبول يحصل من المتبرع عليه إما صراحة أو ضمنا، ومن صور القبول الضمني حوز الشيء المتبرع به أو الانتفاع به.
وهذا القبول كركن لا يفترض إلا في الشخص الذاتي، أما الشخص المعنوي فالإشهاد على التبرع دليل قبول المتبرع عليه أو مفترض في حكم القابل لذلك.
2-شروط العطية بالصدقة والهبة:
سبقت الإشارة إلى أن التبرعات والضمان والكفالة وشهادة النقل يشترط فيها الكتابة كدليل لإثباتها سواء كانت الوثيقة عرفية أم رسمية، علما أن الفقه الإسلامي حصر الكتابة في الدليل الرسمي وحده، لقول المتحف ” ويكتفى بحصة الإشهاد إن أعوز الحوز لعذر باد” إلا أن العمل القضائي المغربي استقر مند زمن طويل تعاملا مع قانون الالتزامات والعقود والمسطرة المدنية اللذان يعدان قانونا على كافة التصرفات على أن الوثيقة العرفية هي بمثابة إشهاد على مضمنها.
كما يشترط في ذلك في العطية المذكورة حوز الشيء المتبرع به، وأن يتم إثبات ذلك إما بالوثيقة موضوع التبرع العدلية أو الصادرة عن موثق، أو بوثيقة لاحقة بنفس الشكل الرسمي، أو بلفيف عدلي من اثني عشر شاهدا مادام الأمر متعلق بالتبرع الذي يتطلب الفقه فيه عدلين اثنين لصحته، كما يصح إثبات هذا الحوز بدليل آخر دال على الحوز من عقد كراء أو مغارسة أو مساقاة أو جعل، لقول المتحف:” والحوز شرط صحة التحبيس قبل حدوث موت أو تفليس” “وعن معاينة حوز يكفي عقد كراء أو نحوه في الوقف”.

أما الوثيقة العرفية المتعلقة بالصدقة أو الهبة فلا يكفي أو يتصور بها الإشهاد على الحوز ما لم تتضمن شهادة شهود حاضرين وموقعين عليها شاهدين بالحوز للمتبرع به عقب التبرع مباشرة.
كما أنه لا يكتفي لإثبات الحوز في العطية إقرار المتصدق أو الواهب بأن الحوز حصل بشأن المتبرع به لأن الإقرار نسبي لا يسري إلا على صاحبه خلاف الشهادة التي تكون متعدية تسري على الشاهد وعلى المشهود عليهما، وبما أن المنازع في صحة التبرع لعدم الحوز لا يكون أو يتصور إلا من الدائن أو الورثة فإن الإقرار من المتبرع أو المتبرع به تهمة تجاه هؤلاء الأغيار ولا يسري عليهم.
وللتذكير، فإنه لا يشترط في وثيقة العطية في هذا الشأن أن يذكر فيها معرفة القدر المتصدق به لأنها من العقود التي يجوز فيها الغرر، كما أنه لا يشترط فيها ذكر صرف الغلة للمتصدق عليه على القول المعتمد بخلاف الحبس فلا بد فيه من صرف الغلة للمحبس عليه، والفرق بينه وبين الصدقة أن المتصدق تصدق بالرقبة والمنفعة، والمحبس إنما تبرع بالمنفعة، وإلى ذلك أشار الشيخ خليل ” وان مجهولا. ” إلا أنه لابد من تنبيهات مراعاة مايلي:
أولا: أن الصدقة أو الهبة من الولي على محجوره لا تبطل إن ظل الشيء موضوعها في حوزة المتبرع حتى حصل للمتبرع أحد الموانع الثلاثة وهي موت المتصدق أو الواهب
أو مرضه المتصل بموته أو تفليسه، لأنه هو الذي يحوز لمحجوره ومجرد إشهاده بالصدقة أو الهبة يعتبر حوزا تاما له، فتبقى الصدقة صحيحة نافدة رغم حصول المانع للمتصدق
أو الواهب حيث لم يترشد محجوره.
ثانيا: إذا بلغ الولد المتصدق عليه أو الموهوب له فالأمر يختلف حسب الحالات التالية:
·أن يكون رشيدا فيحوز لنفسه ما كان قد تصدق به عليه حاجره. فإن لم يحز لنفسه حتى حصل أحد الموانع السابقة للمتصدق أو الواهب بطلت الصدقة.
·إذا بلغ المتصدق عليه أو الموهوب له سفيها بقي محجورا لوليه واستمر الولي حائزا له ما كان قد تصدق به عليه.
·إذا بلغ المتصدق عليه أو الموهوب له وجهل حاله بأن لم يعرف هل بلغ رشيدا او بلغ سفيها والحال أن المتصدق أو الواهب قد حصل له المانع ولا زال الشيء المتصدق به تحت يده فإنه يحمل على السفه على القول المعتمد لأن الرشد عند الفقهاء لا يثبت إلا ببينة.
ثالثا: حوز الولي لمحجوره ما تصدق به عليه يكون معتبرا فيما عدا مايلي:
·إذا كان الشيء المتصدق به يعرف بعينه وهو ما يطلق عليه المثليات، فإن تصدق الولي على محجوره بمثلي فإنه وجب إخراج هذا الشيء عند شخص أمين لديه ليحوزه للمحجور بمعاينة، أو يبيعه ويشتري بثمنه شيئا معينا فيبقى في حوزه لمحجوره.
·إذا كان الشيء المتصدق به أو الموهوب دار لسكنى المتصدق أو الواهب فيشترط في صحة التبرع إخلاؤها من جميع أمتعة المتبرع المذكور ومعاينة الشاهدين للحوز كالأجنبي ولا يعود إليها ولو بكراء عام كامل، ومتى عاد لها قبل العام الكامل بطلت العطية، وإن عاد بعد العام فتبطل العطية. كما لا تبطل إن سكن الثلث واكترى الباقي. وإذا سكن نصفها واكترى الباقي بطلت العطية ما سكنه فقط وصح الباقي، وإن سكن أكثر من النصف بطل الجميع. وإلى ذلك أشار صاحب التحفة:

” وللأب القبض لما قد وهبا ولده الصغير شرعا وجبا
إلا الذي يهب من نقديه فشرطه الخروج من يديه
إلى أمين وعن الأمين يغني اشتراء هبة بعد حين
وأن يكون موضوع سكناه يهب فإن الإخلاء له حكم وجب ”

رابعا: إذا تصدق الأب أو وهب على أولاده وفيهم صغارا وكبارا فلا يحوز الولي مع الرشيد لمحجوره بل يحوز الصدقة أو الهبة إما الرشيد وحده سواء وكله الولي على الحوز أم لم يوكله عليه واما الرشيد مع الغير بوكالة من الولي، وإما المحجور مع الرشيد ان كان المحجور غير مقيم مع حاجزه.
بقيت الإشارة إلى الحالة التي يجهل فيها هل الدار موضوع الصدقة أو الهبة معدة لسكن المتصدق أو الواهب أو غير ذلك، فالأمر مختلف فيه، فالبعض ذهب على أن تحمل الدار بأنها دار سكناه بينما الجمهور ذهب إلى أن من ادعى بأن الصدقة متعلقة بدار سكنى المتبرع إثبات ذلك. (شرح القاضي سيدي عبد السلام الهواري لوثائق الفقيه محمد بناني المعروفة بالوثائق الفرعونية صحيفة 282 طبعة 1949).

وإذا تعذر الحوز من الرشيد لأجل الخوف أو السفر أو عذر معتبر قبل حصول المانع فإن العطية المبرمة له تظل صحيحة رغم حصول الموانع المذكورة، وإلى ذلك أشار صاحب التحفة بقوله: ” ويكتفى بصحة الإشهاد * ان أعوز الحوز لعذر باد”
كما يستغنى عن اشتراط الحوز في التبرع إذا كان المتبرع عليه قد جد في المطالبة بذلك تجاه المتبرع قبل حصول المانع كالمطالبة القضائية أو تسوية بعض المساطر الإدارية أو القضائية لبسط اليد على الشيء المتبرع به.
وإذا كان القضاء المغربي في هذا المجال قد اتخد عدة مواقف حول الحوز فتارة صادق على الصدقة أو الهبة إذا اقترنت بالتسجيل بالرسم العقاري متى كان العقار محفظا إذا حصل هذا التسجيل قبل حصول أحد الموانع الثلاثة وتارة أخرى أيد موقف الفقه الإسلامي المالكي من ضرورة الحيازة المادية الفعلية ولو مع التسجيل بالصك العقاري.
وقد حسمت مدونة الحقوق العينية العقارية المعمول بها منذ يونيو 2012 هذا الجدل الفقهي والقضائي بالميل نحو الاجتهاد القضائي القائل بأن التقييد بالسجلات العقارية يغني عن الحيازة الفعلية للملك موضوع الصدقة أو الهبة وعن إخلائه من طرف المتصدق أو الواهب إذا كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ (المواد 274 و291 من القانون المذكور).
إلا أنه من المستجدات التي أتت بها هذه المدونة هي أنه لا يعتد بوفاة المتصدق
أو الواهب إلا من تاريخ تسجيل إراثته بالصك العقاري وفق المادة 279 من نفس القانون، الشيء الذي يزكي القول بأن الحوز للمتصدق به أو الموهوب بعد الوفاة وقبل تسجيل إراثة المتصدق أو الواهب محمول على الصحة والجواز لأن العبارة بالفقرة من الفصل الأخير جاءت كالتالي:” لا يعتد بالوفاة إلا بتاريخ تقييد إراثة الواهب إذا تعلق الأمر بعقار محفظ” فالنفي مع الاستثناء يحمل على التخصيص.
كما أنه من العقود التي تصبغ على سبيل النحلة ” وهي مايعطيه شخص لآخر بقصد الزواج دون مقابل سواء كان المعطي هو والد أحد الزوجين أوغيره ” أو التصيير” وهو ما يعطيه الزوج لزوجته من داره للسكنى أو نحوها مقابل دين لها عليه “، فإن هذه العقود لايشترط فيها الحوز لصحتها حسبما استقر عليه الفقه والقضاء.
وللتذكير فإنه إذا تصدق الزوج بدار سكناه على زوجته فلا بد من إخلائها من جميع امتعته وارتحاله منها على المشهور المعمول به ونقل زوجته معه وإلابطلت هذه العطية. بخلاف الزوجة إذا كانت هي المتصدقة لزوجها لدار سكناها التي تسكن معها زوجها فإنه لا يشترط إخلاؤها من أمتعتها لأن السكنى واجبة على الزوج لا على الزوجة.
كما أن هذا الشرط وهو الحوز لا مقام له كشرط صحة في وثيقة التبرع إلا إذا حصلت الموانع الثلاثة للمتبرع، أما قبل ذلك فلا حق للمتبرع في إثارة هذا الشرط لإبطال التبرع أو دائنه وإنما هو ملزم بتنفيذ عقد التبرع رضاء وجبرا لقول الشيخ خليل ” وحيز وان بل اذن وأجبر عليه”
3-اختلاف المتعاقدين حول العقد والحوز:
إن مدار هذه الدراسة لا تثار إلا عند التنازع بين الورثة أو الدائنين من جهة والمتصدق عليه أو الموهوب له فالأمر يقتضي فرضيات أهمها:
أولا: إذا تنازع الطرفان حول وجود التعاقد للتبرع من عدمه فالقول قول من يدعي انكار العقد وعلى من يدعي وجود هذا العقد إثبات ذلك، والشكلية المتطلبة في هذا الشأن هي الكتابة للعقد سواء كانت وثيقة رسمية أو وثيقة عرفية، ولا محل لشهادة الشهود أو غير الكتابة في هذا الشأن لأن الإشهاد شرط صحة للتبرع.
ثانيا: إذا تنازع الطرفان حول الحوز من عدمه:
فإذا ادعى الورثة أو الدائنون بعد حصول المانع للمتصدق أو الواهب فالأمر لا يخلو من الفرضيات الآتية:
·إذا ظل الخلاف بالقول فقط بحيث ادعى الورثة أو الدائنون عدم الحوز بينما ادعى المتصدق عليه أو الموهوب له الحوز دون إثبات من أي منهما مع خلو الوثيقة للصدقة
أو الهبة من معاينة الحوز، فالقول قول الورثة أو الدائنين وهو عدم حصول الحوز، لأن الأصل شهد لهم بأن العقار كان بيد المتبرع فاستمر الحال على هذا المنوال.
·إذا ادعى الورثة أو الدائنون عدم حصول الحوز مع إثبات ذلك بلفيف عدلي وادعى المتبرع عليه خلاف ذلك باعتماد الوثيقة العدلية للعطية الشاهدة على معاينة الحوز من لدن شاهديها العدلين أو الموثق فالقول قول صاحب الوثيقة العدلية أو التوثيقية لأن البينة العدلية مقدمة على اللفيف.
·إذا ادعى الورثة أو الدائنون عدم حصول الحوز مع اعتماد بينة عدلية من عدلين، وناقض ذلك المتبرع بدليل عدلي لعدلين أو موثق فالقول قول المتبرع عليه لأن حجته مثبتة لحكم بينما حجة المدعين نافية لهذا الحكم.

4-الاعتصار في الهبة:
نظمت هذه الفقرة المواد من 283 إلى 289 من مدونة الحقوق العينية العقارية يرجى الرجوع إليها، مع الإشارة لبعض المستجدات في هذا القانون، ومن ضمنها جواز اشتراط الواهب بعقد الهبة حقه في الرجوع عن الهبة، وهو أمر ينافي القصد من الهبة والذي هو تمليك الرقبة للموهوب له والتصرف فيها بشتى الصور مند إبرام عقد الهبة.
كما أنه لا مجال للحديث عن الاعتصار في الصدقة لأن الحق موضوع هذه الأخيرة كان لوجه الله وما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انفصم وانقطع.

منقول