تقديم

ذة صابرين زواش
باحثة في العلوم القانونية
عدل متمرنة

إن سلوك مسطرة التحديد الإداري من طرف إدارة أملاك الدولة الخاصة، ليست حجية على أن العقار المشمول بها ملك لهذه الإدارة، بل أنها عملية قانونية و تقنية تلجأ إليها لتجسيد الوضعية المادية والقانونية للعقار موضوع التحديد الإداري.

تخضع عملية تحديد أملاك الدولة الخاصة لأحكام ظهير 3 يناير 1916، ويقصد بهذه العملية مجموع الإجراءات التي تسلكها الجهة مالكة العقار أو التي تدعي ملكيته و ذالك من أجل ضبط موقعه ومساحته وحمايته من الإستيلاء من طرف الغير أو قيام المنازعة بشأنه مستقبلا.

وهكذا فإن سلوك الإدارة المعنية لمسطرة التحديد الإداري طبقا للفصل الأول من الظهير السالف الذكر، تكون بخصوص العقارات المضنون أنها ملك للدولة، وهي قرينة بسيطة لا تصير قاطعة إلا بصدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد الإداري. 

 ومادام أن الإدارة تستفيد من قرينة بسيطة بخصوص العقار موضوع التحديد، فإنه من الوارد جدا أن يدعي الأغيار حقوقا على العقار المعني بمسطرة التحديد على شكل تعرض وفق الضوابط والقواعد المنظمة في إطار الظهير والتي تضفي عليه خصوصيات معينة تميزه عن التعرض في إطار مسطرة التحفيظ العادية.

وعند الشروع في أعمال التحديد الإداري، فإن الجهة طالبة التحديد إما أن تكون في منأى عن أي تعرض من طرف الأغيار وهي حالة ناذرة جدا وإما أن تواجه بمنازعات تترجم عن شكل تعرضات من طرف الأغيار، فهذه التعرضات إذا تمت تسويتها و تصفيتها بشكل حبي وودي، فهنا تنتهي عملية التحديد الإداري عند مرحلتها الإدارية دون الانتقال بالنزاع إلى المرحلة القضائية، و إذا ما تعذر تسويتها، فذلك يؤدي إلى إحالة ملف النزاع على القضاء للبث فيه، ومن هنا تظهر الإشكالية الأساسية التي يثيرها الموضوع والتي يمكن صياغتها على الشكل التالي: وإلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال الترسانة القانونية المنظمة لأملاك الدولة الخاصة في توفير الحماية اللازمة لهذه الأراضي والتخفيف من المنازعات المثارة بشأنها؟، وكيف يمكن للقضاء المغربي بشقيه العادي والإداري أن يسد النقص أو الفراغ الحاصل في مسطرة التحديد الإداري؟

ولمقاربة جوانب هذا الموضوع سيتم الاعتماد على التقسيم الآتي:

المبحث الأول: خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد الإداري خلال المرحلة الإدارية

المبحث الثاني: دور القضاء في حل النزاعات التعرضات على مسطرة التحديد الإداري

المبحث الأول: خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد الإداري خلال المرحلة الإدارية

تشكل المرحلة الإدارية للتعرض على الرصيد العقاري المملوك للدولة والذي تشمله مسطرة التحديد الإداري المنصوص على مقتضياتها في ظهير 3 يناير 1916 مرحلة ذات أهمية بالغة في مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاص والأملاك الغابوية، ويشكل خروج لجنة التحديد بعين المكان ومباشرتها لأعمال التحديد فرصة أمام كل شخص له علاقة بالعقار محل عملية التحديد تمكنه من التدخل قصد المطالبة بالحقوق التي قد يدعيها على العقار المراد تحديده تحديدا إداريا، وتودع هذه التعرضات لدى جهات نص عليها ظهير 3 يناير 1916 وذلك بالتعرض أمام اللجنة المكلفة بعملية التحديد أو والسلطة المحلية التي يقع العقار موضوع التحديد الإداري (المطلب الأول) وإن تقديم التعرضات[1] على النحو السابق لا يعني أن المتعرض قد قام بكل الالتزامات المفروضة عليه بل لابد من إتباع إجراءات أخرى كتقديم مطلب تأكيدي وذلك تحت طائلة إلغاء تعرضه إلى جانب أداء الرسوم المستحقة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الجهات المؤهلة لتلقي التعرضات على مسطرة التحديد الإداري

خول المشرع في ظهير 3 يناير 1916[2]، لكل من يدعي حقا على عقار خاضع لمسطرة التحديد الإداري أن يتعرض عليه سواء كان التعرض كليا أو جزئيا أو على الحدود لحماية لحقوقه[3]، غير أنه لا يعني أن المتعرض يمكن له تقديم تعرضه إلى أي جهة كيفما كانت أو إلى جهة ليست لها الصلاحية القانونية  لتلقيه، وإنما المشرع قيد حقه في ممارسة التعرض بضرورة تقديمه أمام جهات لها الصلاحية القانونية التي تمكنها من تلقي التعرضات على أشغال التحديد الإداري[4]، وهذه الصلاحية نستمدها من نصوص الظهير المذكور ولاسيما الفصل الخامس منه الذي ينص على أنه: “وكل من تعرض للجنة يجب عليه أن يقدم دعواه أمام اللجنة لتلقي التعرضات على التحديد الإداري بعملية التحديد وإما أمام موظف من السلطة المحلية…

 ويتضح من هذا الفصل أن الجهات المؤهلة لتلقي التعرضات تتمثل في اللجنة المكلفة بتنفيذ أشغال التحديد أو السلطة المحلية التي يقع العقار في دائرة نفوذها الترابي، وفي اليوم والوقت المحددين في المرسوم الذي يعطي الضوء الأخضر للشروع في أشغال التحديد الإداري، تنتقل لجنة التحديد إلى عين المكان قصد التعرف على حدود العقار المراد تحديده مع وضع علامات (أو نصاب أو أرف) تجسد أبعاده وكذا تلقي الملاحظات والتعرضات من قبل العموم سواء بخصوص الحدود أو بخصوص الحقوق العينية أو الشخصية مدعى بها من قبل العقار موضوع التحديد[5]، وتدون هذه التعرضات والملاحظات من طرف اللجنة المكلفة بأشغال التحديد في وثيقة المحضر يودع نظير منها مرفقا بمخطط التحديد لدى السلطة المحلية مباشرة بعد انتهاء العملية يودع نضير منها لدى المحافظة العقارية بينما ينشر هذا الإيداع بالجريدة الرسمية، ويشهر بواسطة اللصق وبالإعلان وفقا للإجراءات المتبعة عند انطلاق عملية التحديد[6].

وانطلاقا من الفصل الخامس من ظهير 3 يناير 1916 يجعل كل من تعرض أمام اللجنة في عين المكان أجل قدره ثلاثة أشهر ابتداء من يوم نشر التقرير في الجريدة الرسمية، أن يعلم بقضيته أمام الموظف من السلطة المحلية مبينا له أسباب تعرضه والحجج التي اعتمد عليها المتعرض وفي حالة ما إذا تم اطلاعه على ذلك  شفويا فيجب على الحاكم أن يثبت في  تقرير التحديد وبالقائمة المبين فيها جميع التعرضات التي قدمت لدى اللجنة المكلفة بأعمال التحديد الإداري.

وعلاوة على ذلك، فمن لم يتمكن من تقديم تعرضه أمام اللجنة المكلفة بأشغال التحديد، فإن المشرع فتح له إمكانية أخرى لإبداء تعرضه كتابة أمام السلطة المحلية، باعتبارها الجهة الثانية التي منح لها المشرع الصلاحية القانونية لتلقي التعرضات المنصبة على أعمال التحديد الإداري، أو شفويا بعد تحرير محضر لهذا التعرض وباقي التعرضات إن وجدت، وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ نشر الإعلان عن إيداع محضر التحديد بالجريدة الرسمية وبمجرد انصرام هذا الأجل يقفل معه باب التعرض، وذلك بحسب ما جاء في المقطع الأخير من الفقرة الثالثة من الفصل الخامس من ظهير السالف الذكر الذي ينص على أنه: “بعد مضي ثلاثة أشهر من يوم التنبيه في الجريدة الرسمية وضع التقرير فإنه لا يقبل تعرض ولا غيره من كل دعوى، ومن يومئذ يصير التحديد نهائيا…”.

ويرى الأستاذ يونس الزهري أن هذا الأجل هو أجل سقوط ولا ينقطع ولا يتوقف وأن المشرع تعامل معه بنوع من الصرامة إذ يفسح المجال لمن كان له عذر قاهر أو ظرف استثنائي حال دون تقديم تعرضه[7]، في أن يطالب برفع سقوط أو فتح أجال جديدة أو استثنائية، قياسا على التعرض في مسطرة التحفيظ العادية[8].

وعلاوة بنفس الموضوع يجزم أحد الباحثين[9] أنه لا يمكن السماح بتقديم تعرضات استثنائية على مسطرة التحديد الإداري نظرا لكون الفصل الخامس من ظهير 3 يناير 1916 ينص صراحة على سقوط الحقوق التي يمكن أن تكون للأشخاص على الأراضي المشمولة بعملية التحديد الإداري ما لم يتعرض عليها صاحبها ذلك في الأجل القانوني بشكل بنظامي.

وتطبيقا لذلك جاء قرار[10] صادر عن محكمة الإستئناف بأكادير ما مضمونه: “أن تحديد أملاك الدولة الخاصة المنجز وفق مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 3/1/1916 إذا لم يتم التعرض عليه وفق مقتضيات نفس الظهير يعتبر حجة لصاحبه… وإن محضر التحديد الإداري له قوة اثباتية لا يمكن معه للغير المطالبة بتحفيظ الملك الواقع داخله”.

والملاحظ من خلال هذا القرار أن الشخص الذي لم يحترم الشكليات المتعلقة بالتعرض المنصوص في ظهير 3 يناير 1916 لاسيما أجل التعرض فإنه لا يحق له أن يحتج على طالبة التحديد بأي حق يدعيه على العقار موضوع عملية التحديد مهما كانت حججه لأن أجل تقديم التعرض على هذه العملية هو أجل سقوط يترتب عن فواته عدم قبول أي تعرض واستندت المحكمة في القرار أعلاه على القوة الثبوتية التي تتمتع بها محضر التحديد في تبرير عدم إمكانية المطالبة بأي حق بعد انصرام أجل التعرض، وسواء وقع التعرض أمام لجنة التحديد بعين المكان أو أمام السلطة المحلية فإنه في كلتا الحالتين تكون الجهة المقدم إليها ملزمة بتضمين صفة المتعرض  وطبيعة التعرض وبيان العقار موضوع التعرض في تقريرها أو في محضرها[11] الذي يتضمن كافة التعرضات والملاحظات المصرح بها من طرف العموم[12].

يرى البعض[13] أن المتعرض الذي يقدم تعرضه لدى السلطة المحلية عليه أن يعزز تعرضه بالحجج والمستندات التي يعتمد عليها في تعرضه، في حين ينتقد أحد الباحثين[14]، هذا القول على أساس أن السلطة المحلية ليست لها الصفة في تلقي الحجج من صاحبها (المتعرض) والحكم على قيمتها وترجيحها بحجج أخرى، لأن ذلك من اختصاص السلطة القضائية وحدها، كما أن المشرع قد أوجب على المتعرض تأكيد تعرضه بمطلب تحفيظ تأكيدي[15]، وتقديم هذا المطلب، يقتضي تقديم جميع الرسوم والوثائق وذلك طبقا للفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري[16] كما نسخ وعوض بالقانون 07/14، وبالتالي فإن أخد ممثل السلطة المحلية لتلك الرسوم من شأنه أن يسلب حق المتعرض في تأكيد تعرضه من خلال إيداعه لمطلب التحفيظ.

أعتقد بأن الاتجاه الأول قد جانب الصواب، وذلك بسبب عدم فهمه الجيد لمحتوى ومضمون الفصل الخامس من ظهير 3 يناير 1916، فبالرجوع إلى مقتضياته نجد أن المشرع لم يلزم من خلالها المتعرض، بضرورة تقديم أو إيداع الرسوم والمستندات التي يعتمد عليها عند تقديم تعرضه أمام السلطة المحلية[17]، وما يؤكد قولي هذه العبارة الواردة في الفصل الخامس المذكور التي جاءت كالتالي، ليعلم بقضيته الموظف من السلطة المحلية بكتاب يبين له فيه تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض فبتمعن في عبارة يبين له فيه تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض، فإنها لا تعني البث المطلق إيداع الحجج والمستندات من طرف المتعرض لدى السلطة المحلية، وإنما تعني أن المتعرض عليه أن يبين للموظف من السلطة المحلية سبب تعرضه وعدد الرسوم أو المستندات التي تزكي تعرضه…، وبالتالي فإن الرأي الثاني هو الذي صادف الصواب، على اعتبار أن المتعرض سيكون في حاجة ماسة إلى الحجج والمستندات التي تدعم تعرضه وذلك عند تقديمه لمطلب التحفيظ التأكيدي لدى مصلحة المحافظة العقارية، وفي حالة تسليمها للسلطة المحلية، فإنه لا محال سيجد صعوبة في تدعيم مطلب التحفيظ المذكور، ناهيك على أن المحافظ على الأملاك العقارية له السلطة التقديرية في رفض مطلب التحفيظ، إذا لم يقم بإيداع الوثائق والحجج والمستندات التي تؤكد حق طالب (المتعرض)، وبالتالي فعليه تقديم حججه ومستنداته أمام المحافظ العقاري، ومن تم فالمحافظ العقاري هو من له الصلاحية فقط في فحص حججه والبث فيها.

المطلب الثاني: التزامات المتعرض على مسطرة التحديد الإداري

إن تقديم التعرض ليس كافيا من يدعي حقا على العقار المشمول بعملية التحديد متعرضا، بل يبقى ملزما بتقديم مطلب تأكيدي وهذا ما نستشفه من خلال مقتضيات الفصل السادس من ظهير 3 يناير 1916 والذي يقضي بأنه: “التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس لا يعتبر تعرضا إلا بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثلاثة أشهر الموالية للأجل المضروب للتعرض وهذا المطلب يبحث فيه أينما كان محل العقار لكل فيما يمس أعمال تحديده وإذا امتنع فإن تعرضه يلغى.”

ومن خلال القراءة المتأنية للفصل السادس[18] أعلاه يتضح جليا بأن المتعرض لا يكفيه فقط تقديم تعرضه أمام الجهات المختصة لتلقي التعرض على التحديد الإداري للقول بأنه قد ضمن الحق الذي يدعيه بل يبقى على عاتقه التزام آخر وهو ضرورة تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي لتحفيظ الحق المدعى به تحت طائلة سقوط حقه في التعرض، اللهم  إذا اعترفت له الإدارة بحقه الذي يدعيه العقار الذي تسري بشأنه مسطرة التحديد وهذا استثناء من القاعدة التي تقول بأن عدم تقديم المتعرض لمطلب تأكيدي للتعرض داخل الأجل القانوني يترتب عنه سقوط حقه وإلغاء تعرضه، في هذا الإطار جاء قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط[19] ما يلي: “إن التعرض على التصريح بأن العقار على أملاك الدولة يجب أن يؤيد بتقديم مطلب التحفيظ من طرف المتعرض وعليه فإن مدعي الاستحقاق الذي أغفل عن تقديم مطالبته بالشكليات وداخل الأجل المنصوص عليه في ظهير 3 يناير 1916 يكون غير مقبول في إدعائه بملكية العقار، وهكذا يتبين أن تقديم مطلب التحفيظ التأكيدي أمام المحافظ على الأملاك العقارية التابع لدائرة نفوذه العقار المعني وداخل أجل أقصاه ثلاثة أشهر الموالية للأجل المحدد للتعرض وأن يؤيد مطلبه بالوثائق والمستندات المؤكدة للحق المدعى به”.

وفي نفس السياق جاء في قرار صادر عن محكمة النقض[20] ما مضمونه: “لكن حيث إن الطالب أدلى الخبير… بشهادة غير مؤرخة متبوعة بشهادة إيداع التعرض ضد التحديد النهائي، بالغابة المخزنية المسماة “كورت”، وأنه بذلك يكون في حكم العالم بالتحديد المؤقت ولم تعترف الإدارة بأي حق ما دامت قد رفعت دعوى الاستحقاق ضده ولا دليل بالملف في تقديم الطلب لأي مطلب لتقييد ما تعرض عليه، وأن المحكمة مصدره القرارات المطعون فيه تبث على عدم تقديم المطلب المذكور اعتبار التحديد نهائيا طبقا للفصول 6/7/8 من ظهير 3/1/1916، إذ جاء في القرار المطعون فيه: وحيث أثناء وقوف القرار على عين المكان أشعر المستأنف عليه بالإدلاء بما يفيد مصير تعرضه وما يفيد سلوك باقي المساطر المحددة بمقتضى ظهير 3/1/1916 وداخل الآجال، إلا أنه لم يفعل رغم الإهمال، وحيث بقي الملف خاليا مما يفيد رفع التعرض داخل أجله القانوني وأن يفيد تقديم مطلب تقييد المدعى في الثلاثة أشهر الموالية للأجل المضروب للتعرض،ومما يفيد عدم رفع أية دعوى أو غيرها، وبعد ذلك اعتبار أن التحديد الإداري أضحى في هذه الحالة نهائيا، وبذلك فإن المحكمة المذكورة لم تخرق أية وثيقة حيث طبقت الفصول المذكورة أعلاه تطبيقا سليما يؤدي إلى نفس نتيجة المنطوق القرار المطعون فيه، فالوسيلة غير مبنية على أساس”.

إذن يلاحظ في هذا الصدد أن الشخص الذي يحق له تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي هو المتعرض الذي سبق له أن صرح بتعرضه فقط دون غيره، والملاحظ في هذا الإطار أن تقديم مطلب التحفيظ التأكيدي مشروط أيضا بضرورة حصول المتعرض على شهادة مسلمة من السلطة المحلية تثبت بأن التعرض ضد مسطرة التحديد الإداري قد قدم داخل الأجل القانوني[21]، وإذا كان الملاحظ من الناحية العملية هو تماطل الجهات المعنية في تسليم هذه الشهادة  وهو ما يهدد المتعرضين بخطر فوات أجل تقديم مطالب التحفيظ التأكيدية.[22]

   والرأي فيما أعتقد أنه يتعين إعفاء المتعرض من الإدلاء بشهادة التعرض التي تسلمها السلطة المحلية عند تقديمه لمطلب تحفيظ الحق المدعى به، والعمل على تكليف المحافظ العقاري بدلا منه في طلب هذه الشهادة وتسليمها له من طرف السلطة المحلية، لأنه ليس من العدل إلزام المتعرض بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي للتعرض[23] وإلزامه بالإدلاء بشهادة التعرض ناهيك عن قصر الأجل في ظهير 3 يناير 1916، سواء الفترة المتعلقة بتقديم التعرض أو الفترة المتعلقة بتقديم مطلب التحفيظ التأكيدي.

 وتقديم مطلب التحفيظ التأكيدي على التعرض يثار مجموعة من الإشكالات في هذا الإطار، والتساؤل الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الخصوص، ما طبيعة هذا المطلب التأكيدي، هل يتعلق الأمر بمطلب تحفيظ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أو أن الأمر لا يعدو أن يكون تعرضا على التحديد الإداري؟ وبعبارة أخرى كيف تعامل المحافظين العقارين مع هذه المطالب التأكيدية؟

يرى أحد الباحثين[24] أن هناك خلافا ما بين المحافظين العقارين على الصعيد الوطني بين من يعتبر الأمر يتعلق بمجرد تعرض، بين من يعتبر مطلبا بالمعنى الكامل قابلا للإيداع بالوثائق والمؤيدات، والملاحظ أن هذا الخلاف لم يسلم منه بعض الباحثين أيضا والدين تناقضت مواقفهم بخصوص تكييف طبيعة هذا المطلب التأكيدي.

وفي سياق هذا الخلاف الحاصل بين المحافظين العقارين بخصوص الطبيعة القانونية للمطالب التأكيدية، ترى أحد الباحثات[25] هنا أنه يعتبر تعرضا عاديا ليس إلا، وهو بذلك يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري، في حين يخالفها عبد العالي الدقوقي[26] الرأي مؤكدا، بأنه لا ينبغي التعامل مع مطلب التحفيظ التأكيدي على أنه مجرد تعرض عادي، بل ينبغي التعامل معه على أساس أن الأمر يتعلق بمطلب التحفيظ لا غير، ما دام أن المشرع قد أجبر المتعرض على تقديم مطلب التحفيظ تأكيدا لتعرضه.

وأنا بدوري أؤيد الباحث محمد العرضاوي[27] الذي اتخذ موقفا وسطا جمع بين الرأيين السالفين الذكر، حيث اعتبر أن المتضرر من جراء التحديد الإداري له وضعيتان متميزتان، فهو من جهة أولى المتعرض حسب القواعد المنصوص عليها في ظهير 3 يناير 1916، ومن جهة ثانية فهو طالب التحفيظ حسب قواعد ظهير التحفيظ العقاري، غير أن هذا لا ينزع عنه كونه متعرضا ملزما بالإثبات أولا.

وحسب وجهة نظري المتواضعة، أن هذا التوجه هو الأقرب إلى الصواب بالرغم من كونه أثار مسألة قلب عبء الإثبات بشأن مطلب التحفيظ التأكيدي المقدم تأييدا للتعرض على عملية التحديد الإداري.

 ودائما في إطار الحديث عن المطلب التأكيدي يرى البعض[28]، أن تقديم هذا المطلب يجعلنا أمام حالة من حالات التحفيظ الإجباري وهو ما يشكل خروجا عن المبدأ العام والمتمثل في اختيارية التحفيظ، وذلك طبقا للفصل السادس[29] من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون 07-14، الشيء الذي يدفع إلى القول معه بأن المشرع أجبر المتعرض على تقديم المطلب التأكيدي لكن بالمقابل لم يمتعه بالمركز القانوني الذي من المفروض أن يتمتع به طالب التحفيظ وفقا للقواعد العامة، ويمكن القول أنه من شروط قبول التعرض على مسطرة التحديد الإداري ضرورة تأييد هذا التعرض بمطلب تحفيظ تأكيدي، فإن التساؤل الذي يثار في هذا الصدد يتمحور حول ما مدى إمكانية تقديم تعرضات على هذا المطلب التأكيدي؟

أمام غياب نص صريح في ظهير 3 يناير 1916 يجيب على هذا التساؤل المطروح، يلاحظ أن هناك اختلافا بين المحافظين على الأملاك العقارية في هذا الإطار بين ما يقبل التعرضات على المطالب التحفيظ التأكيدية وبين من يرفضها وهو الاختلاف الذي لم يحسم إلا بعد صدور دورية عن المحافظ العام موجهة إلى المحافظين على الأملاك العقارية[30]، أجازت قبول التعرض ضد مطلب التحفيظ التأكيدي متى استجاب هذا التعرض للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913  المعدل والمتمم بالقانون 07-14، ويشترط أن يتم في مواجهة طالب التحفيظ وليس في مواجهة الدولة (أملاك الدولة الخاصة) المعنية بالتحديد الإداري.

وفي هذا الصدد أيضا يثار التساؤل عن مدى إمكانية إخضاع المطلب التأكيدي لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون 07-14[31]، وبالتالي مدى أحقية طالب التحفيظ الذي يعد متعرضا في الأصل في ترتيب حقوق وتحملات لفائدة الغير على العقار موضوع مطلب التحفيظ التأكيدي؟

وبالرجوع إلى ظهير 3 يناير 1916 نجده لا يشير إلى هذه الإمكانية لكن ما يمكن ملاحظته أن مطالب التحفيظ المقدمة في إطار المسطرة العادية للتحفيظ وإن كانت تنطوي على مجرد افتراض ملكية طالب التحفيظ للعقار[32]، إلا أن هذه الملكية تتسم بنوع من الاستقرار والثبات، وهو استقرار مستمد من الحجج والوثائق المدعمة لمطلب التحفيظ، والتي تخضع للرقابة الشكلية والموضوعية للمحافظ على الأملاك العقارية[33]،  ولكن حق الملكية في إطار مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات على النقيض من ذلك يفتقد إلى هذا الثبات والاستقرار[34]، وذلك بسبب كون هذه المطالب مرتكزة على وجود تعرضات غير محسوم في مدى صحتها، ولذلك لا يمكن من الناحية القانونية ترتيب حقوق وتحملات لفائدة الغير على العقار موضوع هذه المطالب، وعلى الأقل قبل صدور الأحكام القضائية النهائية المقررة في مدى صحة التعرض على التحديد الإداري، أما بعد صدور هذه الأحكام مؤكدة لصحة هذا التعرض، فآنذاك  تصبح مطالب التحفيظ التأكيدية مطالب عادية وخاضعة لما تخضع له هذه الأخيرة بما في ذلك مقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتمميه بالقانون 07-14.

 وهكذا فإن التعرض على مسطرة التحديد الإداري يبقى عديم الأثر، ما لم يصاحبه تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي داخل الأجل المحدد، ما دام أن ظهير 3 يناير 1916 لم يتطرق لإجراءات خاصة تطبق لتلك المطالب، فإنها تبقى خاضعة لقواعد المسطرة العادية للتحفيظ العقاري من إشهار غيره…[35]، وهكذا يتعين على طالب التحفيظ التأكيدي للتعرض تدعيم طلبه بالحجج والمستندات وهذا ما تستشفه من خلال الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري كما نسخ وعوض بالقانون 07-14، كما أن الفصل الخامس يحث على تبيان سبب التعرض والحجج التي يستند عليها المتعرض، ولكن التساؤل المطروح في هذا الصدد ما هو الجزاء المترتب عن عدم تقديم المتعرض الحجج والوثائق الكافية المثبتة للحق المدعى به مع مطلب التحفيظ التأكيدي،  وبعبارة أخرى هل يمكن للمحافظ العقاري رفض هذا المطلب إذا لم يعزز بالحجج والوثائق الكافية، علما بأن المتعرض قد يقتصر فقط على الإدلاء بشهادة التعرض التي تسلمها له السلطة المحلية دون الإدلاء بأي وثيقة أخرى.

أعتقد أن المحافظ العقاري يحق له اتخاذ قرار رفض مطلب التحفيظ التأكيدي إذا لم يكن يتوفر على الحجج والمستندات الكافية لإثبات الحق المدعى به من طرف المتعرض، لأنه ليس هناك أسباب محصورة التي تمكن المحافظ العقاري من رفض مطلب التحفيظ، وهذا نجد أساسه القانوني في الفصل 38 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون 07-14 جاء بصيغة عامة تتيح إمكانية رفض مطلب التحفيظ لأي سبب كان[36].

وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للمحافظ العقاري توجيه رسالة مرفقة بإشعار بالتوصل إلى طالب التحفيظ من أجل الإدلاء بحجج إضافية لتأييد مطلبه داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر تحت طائلة اتخاذ الرفض[37]، وقرار المحافظ العقاري القاضي برفض مطلب التحفيظ لا يعدم حق المتضرر من هذا القرار في الطعن، بل يمكنه الطعن فيه لدى المحكمة الابتدائية المختصة أو لدى المحافظ العام للملكية العقارية، والذي بإمكانه أن يأمر المحافظ الإقليمي بالرجوع عنه دون أن يستطيع حلول محله[38].

وفي ختام الحديث عن التزام المتعرض بضرورة تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي، فإنه يبقى على عاتقه التزام أخر ويتعلق الأمر بضرورة أداء الرسوم المستحقة لمصلحة المحافظة العقارية.

تجدر الإشارة أن التعرض ضد مسطرة التحديد الإداري إذا كان خاضعا لضرورة أداء الرسوم القضائية، فإن مطلب التحفيظ المؤكد لهدا التعرض يتعين هو الأخر أن تؤدي بشأنه رسوم المحافظة العقارية[39]، وهو ما أكده الفصل السادس من ظهير 3 يناير 1916 والذي نص على أنه: …طلب تقييد العقار يكون على اسم المتعرض وعلى نفقته.

غير أن الملاحظ أن المشرع لم ينص على مقتضيات خاصة متعلقة بتحديد هذه الرسوم، ولذلك صدرت مذكرة عن المحافظ العام موجهة إلى المحافظين على الأملاك العقارية[40]، مما جاء فيها: ….وتأكيدا للطابع العادي للمطالب المذكورة (مطالب التحفيظ التأكيدية) نصت الفقرة الأخيرة من الفصل السادس من كل من ظهير 3 يناير 1916 المنظم لتحديد الملك الخاص للدولة وظهير 18 فبراير 1924 المنظم لتحديد الأراضي الجماعية على أن مطلب التحفيظ يودع في اسم وعلى نفقة المتعرض.

وعليه فإن طلبات إيداع تلك المطالب تظل خاضعة للقواعد العامة لأداء الرسوم المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ المنصوص عليها في الفقرة من الباب الأول من المرسوم رقم 35-97-2 المؤرخ في 30/6/1997 بتحديد تعريفة رسوم المحافظة على الأملاك العقارية.

يرى البعض[41] بضرورة إعفاء مطالب التحفيظ التأكيدية من أداء الرسوم المحافظة العقارية، على اعتبار أن المتعرض مجبر على تقديم المطلب التحفيظ التأكيدي، وبالتالي نكون أمام حالة من حالات التحفيظ الإجباري التي يعفى في إطارها طلاب التحفيظ من أداء الرسوم المحافظة العقارية، كما في حالة ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض[42]، إلا أن من شأن تقرير المجانية في هذا الإطار ازدياد حالات التعرض ضد مسطرة التحديد الإداري، وبالتالي عرقلة التصفية المادية والقانونية للعقار وينبغي الإشارة إلى أنه في حالة تسجيل التعرضات ضد مسطرة التحديد الإداري داخل الأجل ووفق الشروط المنصوص عليها في ظهير 3 يناير 1916 والتي تم تفصيلها سلفا، تتم إحالة هذه التعرضات على القضاء للبث فيها، أما في حالة عدم ورود أي تعرض ضد هذه المسطرة أو لم تحترم بشأن هذا التعرض الآجال والشروط المتعلقة به فإنه تتم المصادقة على عمله التحديد الإداري بموجب مرسوم حكومي[43].

 المبحث الثاني: دور القضاء في حل نزاعات التعرضات على مسطرة التحديد الإداري

تجدر الإشارة إلا أن البث في التعرضات المقدمة بشأن عملية التحديد الإداري من اختصاص المحكمة الابتدائية التي يوجد موقع العقار المتنازع فيه بدائرتها والذي تشمله عملية التحديد الإداري، وحين تبث هذه المحكمة في التعرضات المقدمة إليها، فإنها تكون مقيدة باحترام بعض القواعد العامة التي تحكم البث في التعرض في إطار قضايا التحفيظ العقاري من جهة، إلى جانب بعض الخصوصيات التي تتميز بها مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة من جهة ثانية، غير أن البث في عملية التحديد الإداري بشكل عام لا يرجع إلى المحكمة الابتدائية التابع لها موقع العقار فقط ( المطلب الأول) بل أن النزاع قد يعرض على أنظار القضاء الإداري للبث في مدى شرعية مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة مما ينتج عنه تنازع في الاختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية لموقع العقار المشمول بالتحديد الإداري (المطلب الثاني).

المطلب الأول: اختصاص المحكمة الابتدائية

إن التعرضات المقدمة ضد مسطرة التحديد الإداري يرجع الأمر البث فيها إلى المحكمة الابتدائية باعتبارها صاحبة الولاية العامة، وحيث تبث المحكمة في التعرضات المقدمة إليها فإنها تكون مقيدة باحترام بعض القواعد العامة التي تحكم البث في التعرض في إطار قضايا التحفيظ العقاري وإلى جانب بعض الخصوصيات التي تفرضها فلسفة ظهير 3 يناير 1916.

 وإذا كان المستقر عليه أيضا أن المتعرض في قضايا التحفيظ العقاري هو المدعي وطالب التحفيظ هو المدعى عليه، وبالتالي يقع على المتعرض عبء الإثبات، فإنه بالنسبة لمسطرة التحديد الإداري نجد هناك بعض الخصوصيات تتميز بها لابد من الوقوف عليها[44].  

إن عملية التحديد الإداري تنتهي مبدئيا عند مرحلتها الإدارية وذلك بمجرد انصرام الأجل المضروب للتعرض دون أن تسجل أية تعرضات في المحضر الذي تعده لجنة التحديد أو السلطة المحلية، أما إذا أبانت عملية التحديد عن وجود تعرضات، فإن البت في مصير الوعاء الأصلي للتحديد الإداري وكذا في مصير التعرضات يصبح بين يدي القضاء العادي أي (المحكمة الابتدائية) للبت في التعرضات[45]، وكما أسلفت الذكر فإن المحكمة الابتدائية المختصة المعروض عليها النزاع يتعين عليها أن تتقيد وهي تبت في التعرضات بمجموعة من القواعد والضوابط المعمول بها في إطار قضايا التحفيظ العقاري بوجه عام، بالإضافة إلى القواعد التي تفرضها مسطرة التحديد الإداري باعتبارها مسطرة خاصة.

ويجب الإشارة إلى أن كل من يدعي حقا على العقار موضوع التحديد بإمكانه أن يتعرض داخل الأجل القانوني، ولا ينتج هذا التعرض أي أثر قانوني إذ لم يصاحبه مطلب التحفيظ التأكيدي وذلك تحت طائلة سقوط حقه[46]، وهذا المطلب التأكيدي بدوره يكون قابلا بأن يكون محل تعرضات تقدم ضده، وبالتالي كيف ستتعامل المحكمة مع هذه التعرضات المزدوجة حيث لدينا التعرض الأول منصب على عملية التحديد الإداري في مواجهة طالبة التحديد مؤيد بمطلب تحفيظ تأكيدي، والتعرض الثاني مقدم ضد مطلب التحفيظ التأكيدي في مواجهة المتعرض على عملية التحديد الإداري، والتساؤل المطروح هل بإمكان المحكمة المختصة أن تبث في تعرض ضد متعرض أخر؟

والجدير بالذكر أن إحالة مطلب التحفيظ التأكيدي على المحكمة المختصة طبقا لمقتضيات التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14 مخالفا بالقانون، وذلك لما قضى به المجلس الأعلى في قرار صادر عنه[47] حيث جاء فيه: “أن إحالة مطلب التحفيظ على المحكمة للبث فيه في إطار مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري لا في إطار ظهير 3 يناير 1916 يعتبر مخالفا للقانون ويعرض القرار المطعون فيه للنقض”.

 ومن المبادئ التي استقر عليها الاجتهاد القضائي أن المحكمة لها الصلاحية فقط في البت فيما بين المتعرضين وطالب التحفيظ دون أن تتعدى إلى النظر فيما يدعيه متعرض ضد متعرض آخر.

وتماشيا مع هذا المبدأ، جاء قرار[48] صادر عن المجلس الأعلى ما مضمونه، الطعن المقدم من متعرض ضد متعرض آخر غير مقبول، لأن محكمة التحفيظ تبت في الحقوق المدعى بها من طرف المتعرض ضد طالب التحفيظ ولا تبت بين المتعرضين طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.

 تبقى هذه الوضعية تثير العديد من الإشكالات خاصة وأن مسطرة التحفيظ العقاري بشكل عام ليست دائما بالبساطة التي يتعرض فيها شخص واحد على مطلب التحفيظ، وإنما قد تظهر مجموعة من المتعرضين يدعي كل واحد منهم حقا على العقار المطلوب تحفيظه، وبالتالي فعدم فصل المحكمة بين المتعرضين تضطرهم للرجوع إليها مرة أخرى سواء حكمت بصحة تعرضين أو أكثر أو حكمت بصحة تعرض أحدهم فقط[49].

يرى بعض الباحثين[50] أن المشرع المغربي في أي فرصة ستتاح له أن ينظر في جوهر هذا الإشكال ويسمح بالتالي القضاء البث في النزاع في شموليته بين المتعرضين ومطالب التحفيظ من جهة وبين المتعرضين فيما بينهم من جهة أخرى.

وإذا كان ما سبق بيانه يتعلق بإحدى المبادئ المستقر عليها فيما يتعلق بكيفية البت في التعرضات في إطار مسطرة التحفيظ العادية فإن التعرض على مطلب التحفيظ العقاري التأكيدي يعرف من حيث كيفية البث فيه نوع من الخصوصية لابد من التوقف عنها، إذن كيف يتم البت في التعرضات المقدمة ضد مطالب التحفيظ التأكيدية؟

قبل الدخول في الإجابة عن هذا التساؤل، أرى من الأفيد الإشارة إلى الاختلاف الذي كان حاصلا بين السادة المحافظين حول مدى إمكانية قبول التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية المودعة في إطار مسطرة التحديد الإداري،

فالتوجه الأول من المحافظين يرى عدم إمكانية قبول التعرضات مطلقا على مطلب التحفيظ التأكيدي وذلك لسببين، الأول أنه لا مجال لأعمال قاعدة التفسير الواسع للمقتضيات الخاصة بظهير التحديد الإداري، وبالتالي لزوم التفسير الضيق لقاعدة قبول أي تعرض ينصب على التحديد الإداري بعد انصرام الأجل القانوني ذلك أن قبول التعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي هو تحايل صريح على القاعدة السالفة الذكر، وبالتالي قد يتخاذل الكثير ممن يدعون حقوقا على أرض التحديد الإداري عن الالتزام بالآجال الصارمة للمسطرة المذكورة ولا يأتون إلا بعد مضيها كمتعرضين على مطالب التحفيظ التأكيدي والسبب الثاني أنه لا يصح تعرض على التعرض سابق، باعتبار طالب التحفيظ إنما هو متعرض على التحديد الإداري[51]. 

أما التوجه الثاني، وهو الذي استقر عليه رأي المحافظ العام[52]، فيعتبر أن التعرض يقبل إذا ما تم توجيهه ضد طالب التحفيظ وليس في مواجهة طالبة التحديد الإداري، فليس هناك ما يمنع من ذلك لاسيما أن ظهير التحديد الإداري لم يتطرق لإجراءات خاصة تطبق بشأن المطالب التأكيدية والتي تبقى خاضعة حسب الفصل 9 من الظهير المذكور للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل بنظام التحفيظ العقاري، الأمر الذي يفهم منه أنها تضل تحكمها قواعد المسطرة العادية للتحفيظ من إشهار وتحديد وتعرض داخل الأجل والتعرض الاستثنائي.

كما استدل المحافظ العام في معرض تبريره لإمكانية قبول التعرض على المطالب التأكيدية على الوضعية القانونية للمتعرض المحكوم له بصحة تعرضه حسب الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، والذي يطلب استكمال إجراءات التحفيظ في اسمه عن طريق نشر خلاصة إصلاحية، فإن هذا المطلب لا يجعله بمنأى عن التعرض في مواجهته.

كما استدل المحافظ العام بوضعية المفوت لهم الأملاك التي خضعت لعملية التحديد الإداري كون أن مسطرة تحفيظها من طرفهم تقتضي القيام بإشهار بالجريدة الرسمية مدته أربعة أشهر، أما إذا بوشرت مسطرة تحفيظها من طرف الدولة فإنها تتم بدون سلوك مسطرة الإشهار وبالتالي بدون إمكانية فبول التعرضات بشأنها، وخلص المحافظ العام في الأخير بأن مسطرة التحديد الإداري لا تحمي المفوت لهم من التعرضات بل وفقط الدولة التي باشرت التحديد الإداري لفائدتها ويتعين، عدم معاينة صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي وذلك عن طريق فتح إمكانية قبول التعرضات في مواجهته

وقد حدد المحافظ العام المنهجية التي يتعين تطبيقها عند البث في التعرضات المنصبة على مطالب التحفيظ التأكيدية وهي كالتالي:

يتعين على المحكمة البت أولا في تعرضات صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي في مواجهة طالبة التحديد الإداري، وعلى ضوء ما ستقضي به المحكمة من صحة أو عدم صحة المطلب التحفيظ التأكيدي يحدد مصير باقي التعرضات المنصبة عليه في مواجهة طالب التحفيظ، وهكذا وفي حالة الحكم بعدم صحة تعرض طالب التحفيظ ضد مسطرة التحديد الإداري ينتهي نظر المحكمة عند هذا الحد ولا تلتفت إلى باقي التعرضات كونها موجهة ضد طالب التحفيظ دون غيره[53].

وفي حالة الحكم بصحة مطلب التحفيظ التأكيدي، فبالتبعية يتغير المركز القانوني لطالب التحفيظ من مدعي في مواجهة طالبة التحديد الإداري إلى مدعي عليه في مواجهة المتعرضين الذين قدموا تعرضاتهم ضد مطلبه التأكيدي، وعليه تنظر المحكمة بعد ذلك في مواجهة التعرضات الموجهة ضد طالب التحفيظ.

يجب الإشارة إلى أن المتعرض على التحديد الإداري بالرغم من تقديمه للمطلب التأكيدي لتعرضه فإنه يكون في وضعية تعرف نوع من الخصوصية، وهذا ما سيتم الحديث عنه في هذا الصدد أيضا.

إن معرفة من هو مكلف بالإثبات مسألة ذات أهمية كبرى من الناحية العملية، فإعفاء أحد الأطراف من الإثبات يعد ميزة له من ناحية مركز الخصوم في الدعوى، لأن ذلك يؤدي إلى كسب الدعوى لصالحه في حالة إذا عجز خصمه عن الإثبات[54]، فهذه المسألة لها ارتباط وثيق بتحديد مراكز المتقاضين لما في ذلك من تأثير على ضمان سبب الدعوى[55].

سبقت الإشارة إلى أن التعرض في إطار مسطرة التحديد الإداري يلزم المتعرض زيادة على تقديم الحجج والمستندات المؤيدة لتعرضه بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي، وهنا يطرح تساؤل عن وضعية المتعرض في هذه المسطرة، فهل هي نفس وضعية المتعرض في إطار قواعد التحفيظ العقاري[56] خصوصا على مستوى نظام الإثبات؟ أم أن الأمر على خلاف ذلك؟

كما هو معلوم أن أطراف قضايا التحفيظ تحدد أمام المحافظ العقاري، أما دور المحكمة فيقتصر فقط على البت في وجود الحق المدعي به من قبل المتعرض وطبيعة ومشملاته ونطاقه طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري كما نسخ وعوض بمقتضى القانون رقم 07-14 ويقع عليه عبء الإثبات…

كما هو معلوم أن المتعرض في دعوى التعرض يكون في موقع المدعي أما طالب التحفيظ فيكون في مركز المدعى عليه ولا تناقش حججه (طالب التحفيظ) إلا إذا أدلى المتعرض بحجج ومستندات قوية تعزز إدعاءه، وفي نفس الإطار جاء[57] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بوجدة ما مضمونه: “وحيث أن حجج طالب التحفيظ لا تناقش إلا إذا أدلى المتعرض بالوثائق والحجج التي تعزز تعرضه عملا بقاعدة أن المتعرض في دعوى التحفيظ يعتبر مدعيا وطالب التحفيظ مدعى عليه”، وفي نفس الإطار جاء حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش[58] ما يلي: “وحيث أن المتعرض يأخذ مركز المدعي في دعاوى التعرض ومن ثم فهو ملزم بالإدلاء بالبينة المثبتة لتملك العقار المتعرض عليه بشأنه ولا يسأل طالب التحفيظ عن وجه مدخله إلا بعد إدلاء المتعرض بما ذكر”، كما جاء أيضا في حكم[59] صادر عن نفس المحكمة ما مضمونه: “…وحيث من المستقر عليه في القضاء أن مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظهير 12 غشت 1913 والمتعلق بالتحفيظ العقاري توحي أن المتعرض هو الذي يعتبر طرفا مدعيا وبالتالي يقع عليه عبء الإثبات”.

لقد سبق الإشارة إلى أن المتعرض على مسطرة التحديد الإداري لا ينتج تعرضه أي آثار قانونية إلا إذا بادر بتدعيمه بمطلب تحفيظ تأكيدي لتحفيظ الجزء الذي يدعي استحقاقه، غير أن تقديم هذا المطلب لا يضيف شيء للمركز القانوني لطالب التحفيظ (المتعرض على التحديد الإداري) ولا ينزع عنه ثبوت المتعرض ويبقى هو الطرف المكلف بإثبات ما يدعيه في مواجهة طالبة التحديد الإداري التي تكون في مركز المدعى عليه، مما يشكل خروجا عن المبدأ العام المعمول به في إطار قضايا التحفيظ الذي يعتبر طالب التحفيظ في مركز المدعي عليه والمتعرض في مركز المدعي.

وتطبيقا لذلك جاء[60] في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ببولمان ما يلي: “حيث أن تقديم مطلب التحفيظ تأكيدا للتعرض على التحديد الإداري يجعل من طالب التحفيظ متعرض وعليه يقع عبء الإثبات”.

إن قيام المحافظ العقاري بإحالة مطلب التحفيظ التأكيدي المؤيد للتعرض الوارد على مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة على المحكمة المختصة، فإنه يتعين على هذه الأخيرة ألا تقوم بمناقشة حجج طالبة التحديد (إدارة أملاك الدولة الخاصة)، إلا بعد إدلاء المتعرض (طالب التحفيظ) بحجج ومستندات قوية تؤكد تملكه للعقار المتعرض على تحديده، وبالتالي إذا قام المتعرض بالإدلاء بحجج ووثائق قوية التي تدعم إدعاءه، آنذاك تنتقل المحكمة لمناقشة حجج طالبة التحديد (إدارة أملاك الدولة الخاصة) لترجح بينهما وبين حجج المتعرض لتنظر أيهما أقوى، وذلك على ما هو معمول به في إطار قضايا التحفيظ العقاري وفقا للقواعد العامة في ظهير التحفيظ العقاري[61].

 سبق الإشارة إلى أن صحة التعرض على مسطرة التحديد الإداري مشروطة بتقديم مطلب تأكيدي، وهذا المطلب يمكن أن تقدم ضده تعرضات، لكن هل يمكن قبول لمثل هذه التعرضات المقدمة من قبل الجهة طالبة التحديد الإداري؟

يرى أحد الباحثين[62] أن مثل التعرضات إن تكررت ستخلق أوضاعا متناقضة وغير قبولة منطلقا، لاسيما على مستوى عبء الإثبات، فإذا كانت جهة طالبة التحديد الإداري، تأخذ مركز المدعي عليه، والمتعرض الذي أيد تعرضه بمطلب التحفيظ يأخذ مركز المدعي فما هو المركز الذي ستكون فيه جهة طالبة التحديد الإداري وإن تعرضت على مطلب التحفيظ التأكيدي، طبعا ستأخذ مركز المدعي إلى جانب كونها المدعى عليه، وبالتالي ستصير حاملة لصفتين مدعيه ومدعى عليه، وبالتالي هل هذه الوضعية مقبولة، وهل ستخدم مصالح هذه الجهة طالبة التحديد الإداري لاسيما وأننا نعلم الآثار المترتبة عن حمل صفة المتعرض وإن أخذنا بعين الاعتبار أن العقارات التي تجرى بشأنها مسطرة التحديد الإداري غالبا ما تكون تتوفر على شبهة الأملاك أمكننا أن نتصور حجم هذا التناقض.  

وأضم صوتي إلى صوت الباحث أعلاه، الذي ذهب إلى القول أنه يتعين على جهة طالبة التحديد الإداري أن تتقيد بمركزها وألا تتعرض على المطالب التأكيدية خدمة لسرعة البث في النزاع لاسيما وأنه في جميع الحالات وسواء تعرضت على هذا المطلب أم احتفظت بمركزها فإن الفصل سيكون لصالح من أثبت وعزز طلبه بالوثائق والحجج الكافية.

ودائما في نفس الإطار صدر حكم[63] عن المحكمة الابتدائية بتطوان جاء فيه: “حيث تهدف المتعرضة إلى الحكم بصحة تعرضها باعتبار أن العقار موضوع مطلب التحفيظ ملكا غابويا مستندة على قرينة الملك الغابوي المنصوص عليها في الفصل الأول من ظهير 1917، وحيث أنه في إطار تحقيق الدعوى، فإن المحكمة أصدرت حكما تمهيديا بالوقوف على عين المكان رفقة الخبير..

فتبين أن وعاء المطلب عبارة عن قطعة أرضية عارية ومحدودة من طرف طالب التحفيظ ولا وجود لأشجار غابوية أو نباتات طبيعية الأمر الذي يجعل من قرينة الفصل الأول من ظهير 1917 غير متوفرة إضافة إلى أن العقار موضوع المطلب هو في طور التحديد ولم يصبح نهائيا بعد، وحيث في غياب تحديد نهائي المنطقة وعدم وجود أشجار كطبيعية فإن تعرض المصلحة الإقليمية للمياه والغابات يبقى مجردا، هذا فضلا عن إدلاء طالب التحفيظ برسم شراء مستند على رسم ملكية مؤرخ1953 في  ينطبق على المدعى فيه، وحيث بناء ما ذكر أعلاه، فإن التعرض المذكور يبقى غير مرتكز على أساس ويتعين التصريح بعدم صحته”.

وعموما فإن المحكمة المختصة عندما يعرض عليها ملف النزاع للنظر في التعرضات المنصبة على عمليات التحديد الإداري سواء المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة أو بالملك الغابوي، فإنها تقوم بعملية الترجيح بين حجج المتعرض وحجج طالبة التحديد، وبناء على عملية الترجيح تحكم المحكمة لصالح الطرف الذي قدم حجج ووثائق قوية، سواء كان هو المتعرض أو جهة طالبة التحديد، والتساؤل المطروح في هذا الإطار هو هل في حالة الحكم لصالح طالبة التحديد يمكن للمتعرض أن يطرق باب القضاء الإداري لسبب ما يعطي الاختصاص لهذه الجهة القضائية؟ وهذا ما سأقوم بمعالجته في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: اختصاص المحكمة الإدارية

ولا شك أن تأمين حقوق الأفراد في مواجهة السلطات الإدارية المشرفة على مساطر تطهير ملك الدولة الخاص لا يمكن أن تتم إلا عبر الرقابة القضائية الموكولة لقضاء إداري متخصص[64]، متمثل في المحاكم الإدارية، وهكذا فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 90/41[65] المحدث بموجبه المحاكم الإدارية ما يلي: تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة.

 كما ورد في المادة التاسعة من نفس القانون المذكور ما يلي: استثناءا من أحكام المادة السابقة يظل المجلس الأعلى مختصا بالبث ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب  تجاوز السلطة المتعلقة بـ:

  • المقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الأول.
  • قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية.

 وفي هذا الإطار جاء في حكم [66] صادر عن محكمة الإدارية بالدار البيضاء ما مضمونه: “إذا كان القانون يفرض أحيانا عن الإدارة التزام شكل معين أو إجراءات معينة، وذلك ليقدم للأفراد نوعا من الضمانات لكفالة حسن إصدار الإدارة لقراراتها، بعد فحص ودراسة ومراعاة الظروف والملابسات وحيث أنه لما كان من الثابت من أوراق الملف أن عملية التحديد المتعرض عليها مرت في سرية تامة..

وهو ما يعني أن الإدارة لم تسلك المسطرة القانونية المعمول بها في هذا الشأن… وحيث أن ترتيبا على ما سبق يكون قرار المصادقة على التحديد الإداري معيبا شكلا لوقوعه باطلا معا يستدعي التصريح بإلغائه…”  

يتبين من حيثيات الحكم أعلاه أن عملية التحديد فرض فيها المشرع ضرورة احترام شكليات معينة، وهي أصلا وضعت لحماية الأفراد أو العموم لتوفير لهم نوعا من الضمانات لكفالة إصدار الإدارة لقراراتها، وبالتالي فإن التحديد الإداري في حالة ما إذا لم تحترم شأنه هذه الشكليات لاسيما عملية الإشهار طبقا للفصل الرابع من الظهير 3 يناير 1916 فإن مصيره سيكون عديم الأثر وذلك عن طريق الطعن بإلغائه من طرق ذوي المصلحة، وهو ما يستفاد من هذا الحكم حيث استنتجت المحكمة من أوراق الملف أن عملية التحديد الإداري المتعرض عليه قد مرت في سرية تامة، دون سلوك شكلية الإشهار مما يكون قرار المصادق عليه بموجبه على هذا التحديد معيبا شكلا يتعين التصريح بإلغائه.

كما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتطوان[67] ما يلي: “وحيث أن وعاء التحفيظ يقع داخل التحديد الإداري للملك الغابوي الذي أصبح نهائيا له صفة نهائية لا يقبل للطعن إلا بالطرق الإدارية المحددة قانونا الأمر الذي يجعل تعرض المياه والغابات مؤسس في الحدود التي تدخل في التحديد”.

يلاحظ من خلال هذا الحكم أن المحكمة الابتدائية بتطوان أقرت ضمنيا بأن التحديد الإداري يقبل الطعن بالطرق الإدارية التي حددها المشرع، وبالتالي فإن التحديد الإداري بالرغم من التشابه للصفة النهائية، فإنه يضل قابلا للطعن فيه إذا ما وجد سبب يبرر ذلك، كما لو كانت مسطرة التحديد الإداري مشوبة بعيب أو لم تحترم الإدارة المعنية شأنها شكلية معينة يفرضها القانون.

خاتمة

و صفوة القول لقد حاولت قدر الإمكان من خلال هذا المقال تسليط الضوء على مختلف جوانب خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة، ولقد تبين من خلال ما سبق بأن التعرض في إطار هذه المسطرة يمتاز بعدة خصوصيات وقواعد ذات طابع خاص،جعلته متميزا عن التعرض المنصب على مسطرة التحفيظ العادية، سواء من حيث الجهات المكلفة بتلقيه و إلزام المتعرض بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي، أو من ناحية قصر آجالات التعرض على مسطرة التحديد الإداري.

ويجب الإشارة إلى أن المرحلة القضائية للتعرض على عملية التحديد الإداري، فإنها تبقى من اختصاص السلطة القضائية بالرغم من التنازع الحاصل أمام المحاكم، فإن المحكمة الابتدائية هي التي تبث بشكل عام فيها، ويبقى لأطراف النزاع حق اختيار المحكمة التي تبث بشأن تعرضاتهم المقدمة في إطار مسطرة التحديد الإداري، وبالرغم من أهمية مسطرة التحديد الإداري فإن ذالك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات والاقتراحات التالية:

  1. تحديد الطبيعة القانونية للمطالب التأكيدية.
  2. إعفاء المتعرض من الإدلاء بشهادة التعرض عند تقديمه للمطلب التأكيدي.
  3. تحديد الأساس القانوني لرسوم المستحقة لمطالب التحفيظ التأكيدية.
  4. تمديد أجل التعرضات على مسطرة التحديد الإداري.  

[1]  –   رشيد زيان ، التحديد الإداري الدوافع و المنازعات، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، وحدة البحث و التكوين، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2011/2012، ص: 61.

[2] – يراجع الفصل الخامس من ظهير 3 يناير 1916.

[3] – عبد الله لعديري، تعزيز البعد الحمائي  لأملاك الدولة الخاصة دراسة المساطر القانونية والقضائية مقال منشور بمجلة الحقوق عدد 2، 2013، ص: 86.

[4] – إلياس بن الطايع، الملك الغابوي للدولة بالمغرب، الطبيعة القانونية وتصفية الوعاء العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر شعبة القانون الخاص، مسلك قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2015/2016، ص: 98.

[5] – رشيد زيان، م س، ص: 13.

[6] – حسن الخشين، ملك الدولة الخاص، المقارنة القانونية والمالية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2001- 2002، ص: 192.

[7] – يونس الزهري، التحديد الإداري للملك الغابوي للدولة، مجلة سلسلة الاجتهاد القضائي، العدد الثاني، السنة 2011 ص: 105.

[8] – تنص الفقرة الأولى من الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري كما نسخ وعوض بالقانون رقم 07-14 على أنه: بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه، يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.

[9] – نور الدين أمزيان، التعرضات الاستثنائية على مسطرة التحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد لأول وجدة، السنة الجامعية، 2006-2007، ص: 33.

[10] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير، عدد 366، بتاريخ 25 نونبر 2008، في الملف المدني رقم 43/05 أشار إليه، إلياس بن الطايع ، م س، ص: 100.

[11] – يونس الزهري، م س، ص: 105.

[12] – يجب الإشارة هنا إلى أن أغلب المحاضر التي تحررها الجهات المعنية تتضمن تعرضات منصبة على عمليات التحديد الإداري، وذلك نتيجة حتمية ومنطقية، ما دام أن مسطرة التحديد الإداري يتم سلوكها من طرف الإدارة المعنية (إدارة الأملاك الخاصة للدولة) بخصوص العقارات التي فيها شبهة ملك الدولة بشكل ظني لا قطعي، طبقا للفصل الأول من ظهير 3 يناير 1916 الذي ينص على أنه: كل عقار فيه شبهة ملك المخزن الشريف= =يمكن أن يجري فيه أعمال التحديد حسب الشروط الآتية لأجل استبانة حقيقية وتعيين حالته الشرعية وذلك بطلب من إدارة المياه والغابات أو إدارة الأملاك، وبالتالي فإنه بات من الوارد جدا أن تنصب تعرضات على مسطرة تحديد هذه العقارات التي تفتقر الدولة بشأنها إلى الوثائق التي تثبت ملكيتها لأنه لو كانت الدولة تتوفر على الوثائق اللازمة لإثبات ملكيتها على هذه العقارات لسلكت بشأنها مسطرة التحفيظ بدل مسطرة التحديد الإداري.

[13] – أحمد الداودي، ارتباط نظام التحفيظ بالأنظمة العقارية مساهمة في أعمال الندوة التي نظمت تحت عنوان سياسة التحفيظ العقاري في المغرب، كلية الحقوق بمراكش، سنة 2008، ص: 253.

[14] –  المصطفى فخري، الأراضي الجماعية، الواقع والآفاق، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2002/2003، ص: 58.

[15] – ينص الفصل السادس من ظهير 3 يناير 1916 على أنه: “التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس لا يعتبر إلا بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثلاثة أشهر الموالية لأجل المضروب للتعرض…”

[16] – ينص الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري كما نسخ وعوض بالقانون 07-14 على أنه: “أن يقدم طلب التحفيظ مع مطلبه أصول ونسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك”.

[17]   محمد أيدار، خصوصيات التعرض على المساطر الخاصة –مسطرة تحفيظ الأراضي المضمومة  والتحديد الإداري نموذجا- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العقود والعقار، شعبة القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2015-2016، ص 84.

[18] – يقابل الفصل أعلاه الفصل السادس من ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي السلالية الذي ينص على أنه: إن الاعتراض المقدم طبقا للفصل الخامس لا يسري مفعوله إلا إذا أودع المتعرض مطلبا مصرحا فيه بأنه يرغب في تقييد العقار في كناش المحافظة على الأملاك العقارية.

[19] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 12 يناير 2011، عدد 352، في الملف المدني رقم 42/06  (غير منشور).

[20] – قرار صادر عن محكمة النقض عدد 6 للمؤرخ في 4/1/2011 ملف عدد 792/1/4/2009، أشار إليه:

   – هشام بصري، اشكالات تدبير مسطرة التحديد الإداري على ضوء القانون 14.07 مساهمة ضمن أعمال الندوة العلمية المنعقدة بتزنيت يوم 5 مارس 2012، منشورات المنبر القانوني، سلسلة ندوات وأبحاث، العدد الأول الطبعة 2013 ، ص 30.

[21] – العربي مياد، التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية للتنمية، عدد 727، السنة 1999 ص: 71.

[22] – عز الدين المختاري، مساطر تطهير ملك الدولة الخاص في القانون المغربي بين واقع النص والتطبيق العملي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية:2014/2015،  ص: 70.

[23] – إن إلزام المتعرض بتقديم مطلب تأكيدي يوحي بنوايا واضعي ظهير 3 يناير 1916 الاستيطانية، لأنهم يهدفون من وراء هذا الالتزام وضع المتعرض في موقف صعب، حيث يعجز معه المتعرض أداء الواجبات والرسوم الكاملة عن إدراج هذا المطلب مستغلين في ذلك الوضعية المادية للمغاربة التي لا تسعفهم إلى أداء هذه المصاريف وبالتالي غالبا ما يتراجعون ويسحبون تعرضاتهم، وذلك بعدم سلوكهم لمسطرة تقديم المطالب التأكيدية ولاسيما أن عدم تقديم هذه الأخيرة يسقط معه الحق في التعرض.

[24] – رشيد زيان، م س، ص: 49.

[25]– Amina Mabrouk El Mahalaoui- l’opposition à la d élimination revue de l’immatriculation foncière- Edition 05 octobre 1995, p 20.   

[26] –  عبد العالي الدقوقي، الإلغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، الرباط أكدال، السنة الجامعية: 2000/2001 ص: 17.

[27] – إلياس بن الطايع، م س، ص: 105.

[28] – محمد خيري، قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الخامسة، الرباط، سنة 2009، ص: 123.

[29] – ينص الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري، كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14 على أنه: أن التحفيظ أمر اختياري، غير أنه إذا قدم مطلب التحفيظ فإنه لا يمكن سحبه مطلقا.

[30] – دورية عدد 381 بتاريخ 8/12/2010 في شأن التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة ضد مساطر التحديد الإداري.

[31] – ينص الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14 على أنه: إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك، وقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات، يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك.

[32] – عز الدين المختاري، م س، ص: 68.

[33] – وفي نفس الإطار صدرت دورية عن المحافظ العام موجهة إلى المحافظين على الأملاك العقارية مما جاء فيه(…) وبناء على ما ذكر أطلب منكم أن تحرصوا على أن تتضمن مطالب التحفيظ البيانات الواردة في الفصل 13 المذكورة بكل حقه وتفصيل أن تولوا الحماية العقود والمستندات المدعمة للمطالب المذكورة أهمية قصوى لا تقل في شيء عن الأهمية التي تولونها لنفس هذه العقود فأتمم بصدد إصدار قرار التحفيظ وعلى هذا الأساس، يجب الحرص على:

 – أن تتوفر في السندات المدعمة لمطالب التحفيظ الشروط الشكلية والجوهرية والمتطلبة قانونا.

– إيلاء أهمية خاصة لارتباط العقود المذكورة بالعقار المطلوب تحفيظه للاقتصار على السندات التي تفيد التملك كرسم استمرار الملك وعقود التفويت التي صارت عليها مدة الحيازة المعتبرة شرعا…

– تنصيص هذه السندات على مساحة وحدود العقار والمطلوب تحفيظه.

–  عدم التساهل في قبول وإيداع مطالب تحفيظ بسندات أبعد ما تكون عن إثبات التملك كتدعيم مطلب برسم إراثة أو رسم إحصاء مشروع محرر بناء على تصريح الورثة أو رسم إثبات بيع بشهادة الشهود…

 – تكامل السندات المدلى بها وعدم تناقضها تفادي قبول التزام صاحب التحفيظ بالإدلاء ببعض السندات مستقبلا(…).

دورية صادرة عن المحافظ العام في شأن السندات المدعمة لمطالب التحفيظ عدد 565 بتاريخ 12 ماي 2010.

[34] – عز الدين المختاري، م س، ص: 69.

[35] – رشيد زيان، م س، ص: 52.

[36] – الفصل 38 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون 07-14.

[37] – دورية المحافظ العام عدد 383 بتاريخ 16 دجنبر 2010، في شأن قرار إلغاء ورفض مطلب التحفيظ.

[38] – جابر بابا، دور التحديد الإداري في حماية أملاك الدولة الخاصة سلسلة البحوث الجامعية، منشورات مجلة المنار للدراسات القانونية و الادارية، عدد 42 السنة 2014، ص: 163.

[39] – عز الدين المختاري، م س، ص: 70.

[40] – مذكرة صادرة عن المحافظ العام تحت رقم 14145 مؤرخة في 24 نونبر 2000 في شأن أداء الرسوم المستحقة على طلبات إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات ضد مساطر التحديد الإداري.

[41]  المصطفى فخري، الأراضي الجماعية، الواقع والآفاق، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين في القانون المدني،، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2002/2003، ص: 77.

[42] – أو كما في حالة التحفيظ الإجباري المنظمة بمقتضى ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون 07-14 وفق ما ينص عليه الفصل السابع منه في فقرته السابقة التي جاء فيها بأنه: تدرج المطالب في المناطق التي سيتم فتحها للتحفيظ الإجباري مجانا.

[43] – عز الدين المختاري، م س، ص: 71.

[44] – رشيد زيان، م س، ص: 67.

[45] – محمد أوزيان، الأملاك المخزنية بالمغرب، النظام القانوني والمنازعات القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في القانون العقود والعقار،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2012-2013، ص: 321.

  م س، ص: 321.

[46] – حسن الخشين، م س، ص: 195.

[47] – قرار صادر على المجلس الأعلى بتاريخ 10/5/6، عدد 1565 في الملف المدني عدد 566/05، منشور بمجلة الإشعاع عدد 33، ص: 219.

[48] – قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 12 أكتوبر 1999 عدد 4577 في الملف المدني عدد 3876/97 منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى سنة 2002، لعبد العزيز توفيق، ص: 43.

[49] – عادل العشابي، مدى فعالية المرحلة القضائية لمسطرة التحفيظ العقاري في تحقيق العدالة وتشجيع الاستثمار، مقال منشور بمجلة الأملاك العدد الأول، سنة 2006، ص: 173.

[50] – عبد العلي الدقوقي، المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري، مجلة الأملاك، العدد الأول، سنة 2009، ص: 183.

[51] – هشام بصري، التحديد الإداري للملك الغابوي وإشكالاته العملية، الطبعة الأولى السنة 2014، ص 54.

[52] – أنظر الدورية عدد 381 المؤرخة في 8 دجنبر 2010.

[53]  هشام بصري، التحديد الإداري للملك الغابوي وإشكالاته العملية، م س ، ص 57. 

[54] – إدريس العلوي العبدلاوي، وسائل الإثبات في التشريع المغربي، مطبعة فضالة الجديدة، الطبعة الأولى، سنة 1977، ص: 43.

[55] – إلياس بن الطايع، م س، ص: 106.

[56] –  للتعمق أكثر في موضوع قواعد التحفيظ العقاري راجع:

– إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 07-14، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، منشورات مجلة الحقوق، مطبعة المعارف الجديدة الرباط سنة 2013، ص: 83-89.

– سمرة محدوب، الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون 07-14، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث، قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2012-2013، ص: 40.=

=- محمد زلايجي، مساهمة القضاء المغربي في تطوير قواعد التحفيظ العقاري، المجلة المغربية للمنازعات القانونية، العدد السابع والثامن، سنة 2008، ص: 51.

– عبد العزيز حضري، تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ العقاري، مقال منشور في مجلة رسالة الدفاع، العدد الثاني، نونبر 2001، ص: 4.

[57] – حكم صادر عن ابتدائية وجدة، رقم 466، بتاريخ 3/2/2010، ملف رقم 12/2009 ( غير منشور).

[58] – حكم صادر عن ابتدائية مراكش، رقم 3/2015، بتاريخ 12/01/2015، ملف رقم 141/1403/2013 (غير منشور).

[59] – حكم صادر عن ابتدائية مراكش، رقم 12/51، بتاريخ 17/18/2012 ملف رقم 17/10/10 (غير منشور).

يراجع كذالك الأحكام التالية:

-حكم صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة، رقم 2384/12 بتاريخ 18/12/2012، ملف رقم 17/2011 (غير منشور).

-حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بوجدة، رقم 1946/13، بتاريخ 04/12/2013، ملف رقم 20/11 (غير منشور).

[60] – حكم صادر عن محكمة الابتدائية ببولمان رقم 04/2007، بتاريخ 29/03/2007، ملف رقم 08/2006 منشور بمجلة الحقوق المغربية للعمل القضائي في نزاعات التحفيظ العقاري، دلائل الأعمال القضائية عدد 2، سنة 2010، ص: 65.

[61] – محمد أيدر،خصوصيات التعرض على المساطر الخاصة، مسطرة تحفيظ الأراضي المضمومة التحديد الإداري نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، شعبة القانون الخاص، ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2015/2016، ص: 115.

[62] – رشيد زيان، م س، ص: 73.

[63] – حكم صادر عن ابتدائية تطوان رقم 16، بتاريخ 05/02/2014، ملف رقم 50/18/10 (غير منشور).

    – حكم صادر عن ابتدائية تطوان ( دون ذكر الرقم) بتاريخ 29/4/2015، ملف رقم 65/13/10 (غير منشور).

[64] – سمير أيت أرجدال، خصوصيات المنازعات العقارية المتعلقة بأراضي الجموع، جهة الشاوية ورديغة نموذجا، مجلة الحقوق الغربية، العدد الأول سنة 2010، ص: 184.

[65] – المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4227، بتاريخ 3 نونبر 1993، عدد 396، ص: 1245.

[66] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 247 ملف عدد 209/2001، صادر بتاريخ 22/5/2002 أشار إليه: رشيد حمداوي، تنازع الاختصاص النوعي في المادة العقارية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2013/2014، ص: 97.

[67] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتطوان (دون ذكر الرقم)، بتاريخ 29/04/2015، ملف رقم 65/13/10 (غير منشور).