“إذا كان الطلب يتعلق بحق يقتضي إنشاؤه موافقة المالك المقيد والحائز لنظير الرسم العقاري، فيجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يرفض التقييد عند عدم الإدلاء بالنظير.
وفي غير ذلك من الحالات فإن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بالتقييد ويبلغه إلى حائز النظير مع إنذاره بوجوب تقديمه داخل أجل عشرين يوما من تاريخ إجراء التقييد
ويمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن ينجز تلقائيا هذه المطابقة كلما أتيحت له الفرصة
يصبح النظير الذي لم يودع بعد انصرام أجل الإنذار مجردا من كل قيمة إلى أن تتم المطابقة بينه وبين الرسم العقاري وتبلغ هذه الوضعية المؤقتة إلى علم العموم بواسطة إعلان مختصر يعلق في لوحة بالمحافظة العقارية وبكل الوسائل المتاحة وعلاوة على ذلك يمكن للمستفيد من التقييد إذا بقي الإنذار بدون نتيجة أن يطلب نظيرا جديدا من الرسم العقاري وفق الشروط المقررة في الفصول 101 و102 و103 من هذا القانون ويكون بذلك النظير الأول باطلا بصفة نهائية
ولا تمنع المقتضيات السابقة الأطراف المعنيين بطلب التقييد من استعمال حقهم في اللجوء إلى المحكمة الابتدائية قصد الحكم بإيداع النظير بالمحافظة العقارية”
إن نظير الرسم العقاري يجب أن يكون دائما متطابقا من حيث الحقوق المقيدة فيه مع الرسم العقاري وذلك لأن الفصل 60 من القانون رقم 14.04 ينص على أن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بنسخ كل بيان تم تقييده بالرسم العقاري في نظيره المقدم له ويشهد بمطابقة النظير للرسم العقاري
والرسم العقاري ينجز في نسختين إحداهما هي الرسم العقاري الأصلي، وهذا يمسكه المحافظ على الأملاك العقارية، والثانية هي نظير لذلك الرسم مطابق له، ويسلم للمالك الوحيد أو لأحد الملاك عند تعددهم، وذلك زيادة في الحيطة في ضمان الحقوق المسجلة، ولتمكين ماسك نظير الرسم العقاري من معرفة مدى حقوقه ولكي يضمن تلك الحقوق عن طريق التمسك بحيازة رسمه العقاري وهذا بصريح الفصل 58 من 14.07
ومن أجل تقييد أي حق على الرسم العقاري يتعين أن يكون ذلك الحق منتقلا من مالك مقيد وأن يتم تقديم السند المبرر لذلك التقييد والإدلاء بنظير الرسم العقاري، والسند هنا قد يكون اتفاقا رضائيا ملزما لطرفيه، كالبيع والرهن، وقد يكون تصرفا إراديا من جانب واحد كالهبة والصدقة، وقد يكون حكما قضائيا، أو قرارا، أو مرسوما إداريا، ومن هنا يتضح أن السندات الممكن تقييدها على الرسم العقاري ونظيره تنقسم إلى صنفين صنف إرادي وصنف غير إرادي ومن هنا يمكننا أن نتساءل عن ماهية الحقوق المنصوص عليها في الفصل 89 الفقرة الأولى منه والتي يقتضي تقييدها الإدلاء بنظير الرسم العقاري؟ وهل الأمر يخص جميع الحقوق السالفة الذكر أم أنه يقتصر على نوع واحد من الحقوق وما عداها يمكن للمحافظ أن يجري التقييد حتى ولو لم يتم الإدلاء بنظير الرسم العقاري؟؟
إن الفقرة الأولى من الفصل 89 جاءت صريحة عندما نص المشرع من خلالها على أنه إذا كان الطلب يتعلق بحق يقتضي إنشاؤه موافقة المالك المقيد والحائز لنظير الرسم العقاري فيجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يرفض التقييد عند عدم الإدلاء بالنظير ويلاحظ من خلال هذه الفقرة أن تقييد الحق الناجم عن سند إرادي يتطلب تقديم الرسم العقاري ومن أجل هذا ينبغي لكل ملك عقار محفظ أن يحرص على حيازة نظير رسمه العقاري ويحتفظ به لديه لكون ذلك يشكل ضمانة مهمته، باعتبار أن كل نقل اتفاقي لملكية عقار محفظ يستلزم تقديم نظير الرسم العقاري، مما يشكل وقاية من تقييد أي تفويت رضائي في غياب تقديم نظير الرسم العقاري للمحافظة العقارية
وهكذا، فجميع الاتفاقات الإدارية، التي تكون بين حائز نظير الرسم العقاري وصاحب الحق التي يتعين عليه تقييده، حتى يقوم المحافظ بتقييد ذلك الحق يتعين الإدلاء بنظير الرسم العقاري: وتتجلى هذه الاتفاقات الإرادية والتي تتطلب الإدلاء بنظير الرسم العقاري في
– العقود المنشئة لحق عيني عقاري كما هي محددة في المادة 9 من مدونة الحقوق العينية مثل ذلك العقد المنشئ لحق انتفاع بين المالك والمنتفع والعقد المنشئ لحق السطحية أو الكراء الطويل الأمد…
ولا داعي لأن نشير إلى أن حق الملكية لا ينشأ بالعقد، لأن الإنشاء معناه الإيجاد والملكية لا توجد ابتداء الا بالاستيلاء أو بالحيازة هي لا ينتج عن عقد بل عن واقعة مادية مقرونة بإرادة المستولي أو الحائز.
ولا داعي أيضا أن نذكر بأن الحيازة إذا كانت تنشئ حق الملكية فهذا الأمر يتعلق بالعقارات غير المحفظة أما المحفظة فلا سبيل إلى اكتسابها بالحيازة مهما مر عليها من الزمن
– العقود الناقلة لحق عيني عقاري: وتتنوع هذه العقود بحسب طبيعة التصرف فإما أن يكون التصرف بيعا أو مقايضة أو هبة أو حصة في شركة وفي هذا الإطار صدر قرار عن محكمة النقض بتاريخ 15 ماي 2012 يقضي بأنه: “إذا كان عقد البيع يدخل في زمرة العقود المنشئة للحق العيني برضا المالك وأن هذا الأخير يجوز نظير الرسم العقاري فإن المحافظ من واجبه رفض طلب تقييد العقد طبقا للفقرة الأولى من الفصل 89 من ظهير 12 غشت 1913”.
لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذه الحالة هو ما الحكم لو أن حائز نسخة الرسم امتنع عن التخلي عنها؟
للجواب على هذا السؤال فرق المشرع في هذا الفصل موضوع التعليل بين فرضيتين حسب ما يكون التقييد المطلوب إجراءه يتعلق بحق يتطلب إنشاؤه موافقة المالك المسجل اسمه والحائز لنسخة الرسم أو يتعلق بحق لا يتطلب إنشاؤه ذلك
ففي الفرضية الأولى والتي سبق أن أوضحناها كما في طلب تسجيل حق سطحية أو انتفاع أو رهن رسمي، يجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يرفض التسجيل ما دام طلب التقييد نظير الرسم العقاري لم يرفق بنظير الرسم البيع ويبقى لمن يعنيه أمر التقييد اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم بإلزام المالك على إيداع نظير الرسم في المحافظة العقارية.
وفي الفرضية الثاني، وفي غير ما سبق من الحالات، كما في تصرف أحد المشتاعين بحصته في العقار المشاع الذي يجوز نظيره مشاعا آخر مكلفا بإدارة العقار الشائع، أو في الحجوز التحفظية أو الرهونات الجبرية، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بالتقييد، ويبلغه إلى حائز الرسم العقاري مع إنذاره بوجوب تقديم النظير داخل أجل 20 يوما من تاريخ إجراء التقييد.
وهكذا، لا يمكن قبول إجراء أي تقييد آخر، ولو برضى حائز النظير قبل أن يجعل هذا النظير مطابقا للرسم العقاري ويمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن ينجز تلقائيا هذه المطابقة مستغلا لهذه الغاية جميع الفرص التي تتاح له.
وبحسب الفقرة الرابعة من الفصل 89 فإن نظير الرسم الذي لم يودع يصبح بعد انصرام أجل الإنذار مجرد من كل قيمة إلى أن تتم المطابقة بينه وبين الرسم العقاري، وتبلغ هذه الوضعية المؤقتة إلى العموم بواسطة إعلان مختصر يلصق على لوحة الإعلانات في مكتب المحافظة العقارية، وبكل الوسائل المقررة في القانون وذلك ليطلع على الإعلان ومضمونه جميع من يهمه الأمر
وقد خول المشرع من خلال الفقرة السادسة للمستفيد من التقييد بعد انقضاء أجل الإنذار الذي وجه إلى حائز نظير الرسم، اذا بقي هذا الإنذار بدون نتيجة أن يطلب نظيرا جديدا من الرسم العقاري وفقا للشروط المقررة في الفصول: 101 و102 و103 من ظهير التحفيظ العقاري، والمتعلقة بتسليم نظير الرسم العقاري وشهادة التقييد الخاصة لمن له علاقة بذلك. حيث تعرض هذه الفصول لحاله ضياع أو سرقة أو تلف نظير الرسم العقاري أو شهادة التقييد الخاصة وبين الأحكام الواجب إتباعها للحصول على نسخة بدل تلك التي ضاعت أو سرقت أو أتلفت وهكذا يتعين على صاحبهما أن يقدم للمحافظ على الأملاك العقارية الوثائق المثبتة وأن يدلي إليه بتصريح يتضمن هويته وظروف الضياع أو السرقة أو التلف وكل ما لديه من معلومات عن الحادث.
وإذا ما تأكد المحافظ العقاري من صحة وصدق التصريح يمكنه أن يسلم للمعني بالأمر نظيرا جديدا أو نسخة من شهادة التقييد الخاصة بعد انصرام أجل 15 يوم من تاريخ شهر إعلان بذلك بالجريدة الرسمية
وتكون للنظير الجديد أو لنسخة شهادة التقييد الخاصة المسلمين بهذه الكيفية نفس القيمة القانونية لأصلهما ويستعملان لنفس الأغراض
وهكذا تضاف لحالة الضياع والسرقة أو التلف التي نص عليها الفصل 89 وهي حالة الامتناع عن الإدلاء بنظير الرسم العقاري بعد انصرام أجل الإنذار، حيث يحق للمستفيد من التقييد في هذه الحالة أن يطلب نظيرا جديدا من الرسم العقاري
وقد أكد المشرع بهذا الخصوص على أن النظير الأول في هذه الحالة يعتبر باطلا بصورة نهائية ويتعين أن يبلغ بطلانه للعموم، ويتحقق ذلك بواسطة إعلان يعلق في لوحة الإعلانات بإدارة المحافظة العقارية
وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أنه، فضلا عن كل ما ذكر، يبقى لمن يعنيه أمر طلب التقييد واستعمال حقه، اللجوء إلى المحكمة الابتدائية قصد الحصول على حكم بإلزام حائز النظير بإيداعه بالمحافظة العقارية وهذا بصريح الفقرة الأخيرة من الفصل 89.
بقي أن نشير إلى أن الفصل 88 والفصل 60 وكذا الفصل 89 يظهر جليا من خلالهم أن التقييدات الواردة بالرسم العقاري يجب تضمينها كذلك بنظير الرسم العقاري بكيفية منتظمة وصحيحة فهل من الممكن أن نجزم بأن جميع الحقوق التي تقيد بالرسم العقاري يتعين تقييدها بنظيره أم أن هناك استثناء يرد على هذا المبدأ !
بعدما أكدت الفقرة الأولى من الفصل 89 على أن جميع الحقوق التي يقتضي إنشاؤها موافقة المالك حائز نظير الرسم العقاري يجب أن تقيد بهذا النظير، فإننا نجد المادة 184 من مدونة الحقوق العينية والتي سمح المشرع بإمكانية تأجيل تقييد الرهون التي تهدف إلى ضمان قروض قصيرة الأجل، لا تتعدى مدة استردادها تسعين يوما، واكتفى بمجرد إيداع عقد القرض بالمحافظة العقارية وفقا لمقتضيات المادة 184 من مدونة الحقوق العينية
إلا أنه اشترط إلى جانب الإيداع ضرورة إجراء تقييد احتياطي للرهن المؤجل وفقا للمادة 185 من نفس المدونة وطبقا لمقتضيات هذه المادة أي 185 من 39.08 فإن تقييد الرهن المؤجل يضمن في شكل تقييد احتياطي بالرسم العقاري، ولا يشار إليه في نظيره، ويعتبر هذا المقتضى استثناء من القاعدة المقررة في كل من الفصل 60 والفصل 88 وكذا الفقرة الأولى من الفصل 89 من ظهير التحفيظ العقاري هذه القاعدة التي تؤكد على أن كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان تقييد احتياطي يجب أن يضمن بنظير الرسم العقاري
اضف تعليقا