لم يسبق أن عاش العدول ما يعيشونه اليوم من قلق مشروع على مصير مهنتهم , ولم يسبق لهم أن عاينوا مسلسلا إصلاحيا مهنيا يجري بإسمهم , بدون أن يكونوا قد قدموا رأيهم فيه أو استفتوا حوله .
وهو مسلسل رضيت قيادة الهيئة الوطنية للعدول الانخراط فيه , ضدا على ما سبق تقديمه من وعود و وما تم التعبير عنه في لقاءات عديدة , مع علمها أنها لا تتحكم في هذا الإصلاح ولا تؤثر في مساره , وليس لها بصدده من ادوار إلا ما احتفظ لها بالحق فيه مراعاة للقواعد الشكلية لمبدأ المقاربة التشاركية
لقد كان نصيب المهنة من عملية الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة صادما ومنذرا بدخول التوثيق العدلي دائرة التحليق في منطقة الاهتزازات الجوية , ولا يبدو الخروج منه متاحا إلا بالعودة إل نقطة البدء لتدارك المطالب التي لم يجر التعامل معها بالدرجة المطلوبة من الإلحاح والصرامة .
لقد حصلت مجموعة من الأخطاء في تناول تعديل القانون 03 – 16 منه على وجه الخصوص :
1 – الخطا المتعلق بعدم الذهاب إلى النهاية في طرح المطالب الضرورية لتحقيق تعديل جوهري في مضمونه , بحيث لم يستطع المكتب التنفيذي بلورة صيغة مطالب الحد الأدنى التي يعتبر التفريط فيها تنازلا عن مطلب إحداث التغيير الأساس المطلوب .
2 – الاستهانة بمبدإ المقاربة التشاركية وتهميش دور المجالس الجهوية والجمعية العامة .
3 – عدم تعبئة العدول واستحضار مختلف واجهات النضال وفق برنامج عام وشامل وواضح المفاصل والأركان .
4 – الارتكان إلى وهم استثمار العلاقات الشخصية وتغييب معركة النضال من اجل المطالب .
5 – إيقاف المكتب الحالي كل أشكال التواصل والتعاون مع لجنة الحوار السابقة .
6 – القبول بولوج المراة لمزاولة التوثيق العدلي وإجراء المباراة قبل تعديل الفانون 03 – 16 .
التمادي في الانصياع لوزارة العدل .

الوضع التنظيمي
10 دجنبر 2017 انتخاب رئيس الهيئة الوطنية ومصير الالتزامات الثمانية ؟
بعد إعلان نتائج التصويت بفوز الدكتور مولاي بوشعيب الفضلاوي رئيسا للهئة , ساد وسط العدول حماس حقيقي من الشعور بان ما قدمه في برنامجه الانتخابي , وحظي بثقة الأغلبية في الجمعية العامة , سيفرض عليه حتما البقاء وفيا لالتزاماته باعتبارها إشارة إلى مراجعة طريقة تدبير تعديل القانون 03 – 16 , وتدشين انطلاقة جديدة قوامها تصحيح الممارسة التنظيمية في الهيئة وأجهزتها .
كان هذا الأمل يجد أساسه في برنامجه الانتخابي الواضح والذي نستخلص من نصه الذي نحتفظ به , جملة من الالتزامات التي اعتبرها غالبية السادة العدول أرضية لبرنامج المرحلة .
لكن بعد مرور سنة , يحق لنا التساؤل بإلحاح عن الأسباب التي حالت دون الالتزام بها , لاسيما فيما يخص تعديل القانون 03 – 16 باعتباره محور الاهتمام والتتبع من قبل الجميع في هذه المرحلة , وإعادة طرج السؤال بصيغ متعددة :
– لمادا لم يفتح النقاش حول مضمون التعديل على كل المستويات التنظيمية للهيئة ؟
– ما مصير اللجنة المنبثقة عن الجمعية العامة لمواكبة الحوار ؟
– اين هي التجليات المهنية في تدبير الحوار؟
– من هم اعضاء لجنة الحواروما سبب هذا التأخير في تعيينهم ؟
– ما هي الوسائل التشريعية والتواصلية التي تمت الاستعانة بها ؟
– من له صلاحية التقرير في تعديل القانون 03 – 16 في اجهزة الهيئة ؟

المكتب التنفيذي

تساءل : ما هي الحالة التنظيمية للهيئة حاليا ؟ وما هي مظاهر وأسباب الخلل التي أصابت أجهزتها وتحكمت فيه ؟
المهيمن على أجهزة الهيئة هو المكتب التنفيذي , الذي كان يتعين عليه ان يبادرإلى إعلان خطة لإنقاذ أجهزة الهيئة من الشلل والجمود والفوضى , هو نفسه يشكو من الخلل والقصور , فلا احترام لتوزيع المهام إن وجدت , انعدام الثقة فيما بينهم , ولا يرتبط الاعضاء بقطاعات وقضايا محددة على أساس رؤية بعيدة المدى , ولا تنكب اجتماعاته في الغالب على تناول ودراسة متكاملة لبرنامج ما , بل تغرق في تفاصيل المشاكل الطارئة والقضايا الظرفية , ولا تشتغل بمد جسور التواصل مع العدول , بل يعيش أعضاء المكب التنفيذي في دائرة مغلقة لا ينصرفون فيها إلا إلى انشغالاتهم وأفكارهم , المفصولة عن مشاكل واهتمامات العدول , الذين لا يتاح لهم حتى معرفة تاريخ موعد الاجنماع وجدول أعماله ولا ماهي أهم المقررات التي تمخضت عنه .

الجمعية العامة

هي أعلى جهز تقريري للهيئة , أراد لها القانون 03 – 16 ان تحدد التوجهات الكبرى للمهنة , أي أن تمثل خلية وطنية للتفكير والتخطيط والاجتهاد والمحاسبة , وان تكون دائمة الحضور وعميقة الارتباط بأجهزة الهيئة وآراء العدول , فهي جهاز معطل عن أداء وظائفه الأساسية ومعلق في السماء .
لقد وقع نجميد الجمعية العامة ضمن خطة ترمي إلى مصادرة حق العدول في تحديد مصير مهنتهم , وأصبج أمر اجتماع الجمعية العامة أو عدم اجتماعها خاضعا لتوجهات ما في رؤوس أعضاء المكتب التنفيذي ورئيس الهيئة , بدون أي اعتبار للحقوق التنظيمية لأعضائها ولباقي العدول , ودونما اعتبار لتداعيات ذلك على تماسك البيت الداخلي للهيئة في مواجهة المخاطر المتربصة بها .
المجالس الجهوية

يعرف معظمها فتورا ورتابة , ليس هناك برنامج عمل , ناهيك عن الحديث عن مهام التأطير والتنظيم .
حرب أرزاق معلنة , وفوضى على مستوى الممارسة حاطة من قيمة العدول وشأن المهنة , وغض الطرف هو السائد حفاظا على المواقع وتثبيتا لها .

يتبع .

بقلم الاستاذ الطيب الازمي 

عدل باستئنافية فاس