إعداد:ذ/مصطفى اليرتاوي
وكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية بآسفي
الحداثة والعصرنة لقطاع العدل بمثابة المحرك الأساسي لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ، نظرا لحيوية وأهمية قطاع العدل ولمسه لمختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وكلمة التحديث أصبحت شائعة الاستعمال لدى مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية ، وكذلك في الخطاب السياسي أو في قطاع الأعمال والمقاولات ، هذا لا يعني أن مفهوم التحديث الإداري واحد لدى الجميع ، فقد يفهم من التحديث القطيعة مع الماضي ( بيروقراطية – مركزة القرار ) أو إنه تحسين أداء المؤسسة ، او الاستفادة من مستجدات التقدم والتطورات الأخيرة في ميدان التسيير والتدبير وتكنولوجيا الإعلام والاتصال وحتى في حالة إعطاء التحديث مفهوما متقاربا واعتباره عموميا ، فإن الأولويات والإجراءات المتخذة من اجل التحديث تختلف بحسب الدول والقطاعات وكذا الإمكانيات.ورغم ذلك فقلما تم الاعتناء بمفهوم التحديث في حد ذاته وتم بالمقابل التركيز على مقاربة براغماتية لموضوع التحديث تتمثل في البحث عن :
1- الدوافع الخارجية التي تلجئنا إلى التحديث .
2- المجالات التي يتعين تحديثها.
3- الإجراءات الواجب اتخاذها لضمان مردودية وجودة أكثر.
فمن حيث الدوافع الخارجية، تعتبر مبادرات التحديث وسيلة اندماج إيجابي في تيار التكيف مع صيرورة العولمة والمنافسة الحادة ، ومن تم فإن عوامل خارجية كثيرة تدفعنا إلى الانخراط في هذا الاتجاه مثل الاستجابة للمتطلبات الملحة والمستجدة للمواطنين للحصول على منتوجات وخدمات ذات جودة عالية.
على صعيد المجالات التي يتعين تحديثها،فتختلف الأولويات والاختيارات ، فقد كان القطاع الخاص الصناعي من أولويات التحديث في عدة بلدان ، ومن هذا القطاع انتقلت مناهج وطرق التحديث إلى قطاع الخدمات ، لتحل أخيرا في قطاع الخدمات العامة ومنها قطاع العدل.
أما على صعيد الإجراءات المتخذة فهي متنوعة ومتطورة،غايتها توفير الجودة مثل تجديد الهياكل واتخاذ أساليب التدبير والتسيير والتقييم وابتداع مناهج التكوين والتأهيل واستخدام أحدث تكنولوجيا المعلوميات والاتصال.
– الإدارة القضائــــــــــــــــــــــية
1. ما هي الإدارة القضائية ؟
2. هل يمكن الحديث حقا عن إدارة العدالة ؟ والتعامل معها وفق طرق الإدارة العمومية ؟
3 . ما هي أوجه تحديث الإدارة القضائية ؟
فميدان العدالة يتميز بخصوصية وبتعدد المتدخلين فيه ، إذ يتمثل جهاز العدالة على قسمين يضم كل منهما فرعين .
أ – قسم أول يتعلق بالإطار ويشمل :
مكونات العدالة الأساسية : ( المحاكم – القضاة – الموظفون – باقي المهن القضائية – محامون – مفوضون قضائيون..)
النظام القانوني للعدالة : ( التنظيم القضائي – النظام الأساسي لرجال القضاء – الأنظمة القانونية المتعلقة بالمهن القضائية )
ب – قسم ثاني يتعلق بالنشاط القضائي
ممارسة السلطة القضائية : ( مساطر قضائية – أحكام قضائية )
حدود هذه الممارسة ( حقوق دستورية للمتقاضين كالطعون وتنفيذ الأحكام..)
ولذلكفإنهعندما يجري الحديث في تعريف الإدارة القضائية فإنها تعرف من خلال المعنى المرتبطة بقطاع العدالة التي تساهم يوميا في إدارة العدالة : القاضي – المحامي – الخبير – المترجم – كاتب الضبط – المفوض القضائي – الموثق – العدل.
أما وزارة العدل فإنها منظمة إدارية وفق هيكل محدد على مستوى الإدارة المركزية وفروع إدارية ، وتقوم بمهام إدارية مرتبطة بالوظيفة القضائية وتعمل على تمكين الجهاز القضائي بالوسائل المادية والبشرية لعمله.
إن جزءا مهما من الإدارة القضائية موكول للقضاة على صعيد المحاكم ، لكن باقي الفاعلين لهم دور لا يمكن إغفاله ، بحيث طرحت تساؤلات حول ما إن كان هناك اتجاه لإيجاد القاضي المسير Magistrat gestionnaireوإخضاع عمل القاضي في إدارته للملفات لتنظيم معين . على أن تبقى سلطته في الحكم والتي يتمتع فيها بكامل الاستقلال خارج عملية التنظيم ، وتجد هذه الفكرة أساسها في أن عمل القاضي في إدارة الملفات يعتبر جزء من عمل مجموعة أخرى من المتدخلين تؤدي خدمة عامة ، خاصة وأنه ونتيجة لتعدد المتدخلين في العمل القضائي يوصف حكم أو قرار القضاء بأنه نتيجة عمل عدة فاعلين يؤثر سلبا أو إيجابا في جودة العدالة.
أوجه تحديث الإدارة القضائية
إن التحديث يعتبر مرحلة متقدمة في عملية الإصلاح القضائي لأنه ينتقل بالإصلاح إلى مرحلة أعلى ، ويندرج في الاهتمام بالأساس بمقاربة التسيير والتنظيم ، وبالنظر إلى طبيعة وبنية الإدارة القضائية ، فإن مجال تحديث الإدارة مجال واسع يشمل مكونات العدالة في جهاز قضائي ومهن قضائية وعلى هذا الأساس فإن وزارة العدل اعتمدت على منهجية دقيقة جدا للمكننة الشاملة لجميع الإجراءات والمساطر القضائية تنبني على سبع (07 ) محاور متكاملة ومترابطة تتجسد فيما يلي :
1. تبسيط وتوحيد المساطر والإجراءات.
2. حوسبة الإجراءات.
3. اعتماد تقنية التواصل عن بعد.
4. ضمان الأمان والثقة الرقمية.
5. توفير لوحات القيادة.
6. ضمان جودة الخدمات.
7. تسهيل الولوج إلى المعلومة.
** فيما يخص تبسيط وتوحيد المساطر والإجراءات.**
المكننة أو استعمال التكنولوجيات الحديثة في تدبير العمل اليومي للمحاكم يقتضي تنظيم المساطر وترميزها مع العمل على تبسيطها وتوحيدها وذلك من أجل :
+ توفير نفس الخدمة ونهج نفس الأسلوب في التدبير.
+ تسهيل العمل على الموظف وكذا القاضي في معالجته للملفات والبت فيها .
+ تحسين الأداء وتسريع الإنجاز.
+ تسهيل الحصول والوصول إلى المعلومة
** حوسبة الإجراءات**
1.تسجيل جميع الملفات والطلبات المقدمة أمام المحاكم في البرنامج والنظام المعلوماتي.
2. المعالجة الإلكترونية الشاملة للملف بما في ذلك أداء الرسوم القضائية بواسطة بطاقة الائتمان.
3. إلغاء السجلات الورقية واستبدالها بدعائم معلوماتية.
4. إدارة الملف القضائي عبر الحاسوب.
5. استخراج وتسليم نسخ الأحكام والقرارات إلكترونيا.
6. اعتماد التبليغ الإلكتروني.
7. تفعيل التبادل الإلكتروني بين المحاكم لإحالة الملفات والوثائق إلكترونيا بينهما بكل أمان.
8. الحصول على الإحصائيات ومختلف بيانات الإنتاجية.
* تفاعل الإدارة القضائية ومحيطها إلكترونيا
Δ المحامون : خلق مكتب افتراضي عبره يتواصل المحامي بالمحكمة إلكترونيا : تقديم المقالات ومختلف الطلبات ، التوصل بالاستدعاء ومختلف الاجراءات.
Δ الضابطة القضائية ومختلف محرري المحاضر :
• التبادل الإكتروني للمحاضر ومختلف الإجراءات الأخرى بين النيابات العامة ومختلف محرري المحاضر.
• مختلف مساعدي القضاء.
• تبادل الوثائق والبيانات والملفات إلكترونيا بين المحكمة ومختلف مساعدي القضاء.
Δ الخبراء : التواصل بأمر إجراء الخبرة إلكترونيا.
• إرسال تقارير الخبرة إلكترونيا إلى المحكمة
• توجيه الإنذارات والتذاكير إلى الخبير
Δ العدول : التواصل إلكترونيا بين العدول وقسم قضاء الأسرة
Δ المفوضون القضائيون : التوصل إلكترونيا بطيات التبليغ والإفادة بالتوصل أو عدم التوصل إلكترونيا بالاستدعاء وكذا نفس الشيء بالنسبة لملفات التنفيذ.
**استغلال نظام كيفية التواصل السمعي البصري للمؤتمرات**
Δ الاستماع إلى الشهود والمصرحين : استغلال نظام تقنية التواصل السمعي البصري للمؤتمرات للاستماع إلى الشهود والمصرحين من طرف المحكمة انطلاقا من قاعة الجلسات في محكمة أخرى الأقرب إلى الشاهد أو المصرح ، مما سيمكن من ربح الوقت وتوفير عناء التنقل للشاهد والمصرح .
Δ الاستماع إلى المعتقلين : استغلال هذا النظام كذلك للاستماع إلى المعتقلين الموجودين في السجون خارج دائرة المحكمة انطلاقا من قاعة جلسات المحكمة لتفادي تنقل المعتقلين وتأمين نقلهم.
**الأمان والثقة الرقمية**
الإطار القانوني
1. تم تجريم الولوج دون وجه حق لأنظمة المعالجة الإلكترونية للمعطيات الفصول 3-607إلى 11-607من القانون الجنائي ويشار إلى أنه جرى تكوين مجموعة من قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق حول الجريمة الإلكترونية .
2. تم الاعتراف بالمحرر والتوقيع الإلكترونيين بنص القانون رقم 35.05الصادر بتاريخ 30 نونبر 2007 كما هي منظمة بمقتضى قواعد الالتزامات والعقود في فصوله 417 إلى 426 .
3. القانون رقم 09.08المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
4. تم تحديد الإطار القانوني للتوقيع الإلكتروني من حيث الاعتماد والترخيص والمسؤولية ، تم الترخيص لبريد المغرب لتوفير خدمة التوقيع الإلكتروني في السوق الوطنية منذ 2011 .
5. هناك المدونة الرقمية ، قيد الإعداد حاليا من طرف الحكومة لتأخذ مسارها التشريعي ، متضمنة قواعد ونصوص تساير ما هو جار به العمل دوليا ، على مستوى المعايير الأوربية أساسا في مجال المعاملات الرقمية.
قيمة مضافة للمجتمع والاقتصاد
• توفير خدمة عامة للمتقاضين بمواصفات عالية من حيث الجودة ، السرعة ، الدقة وخفض التكلفة من خلال إعفاء المتقاضي من التنقل إلى المرفق.
• توفير خدمة عامة للمتقاضين عن بعد ، عبر وسائط إلكترونية آو رقمية يعني أقصى ضمانات قيم الشفافية والنزاهة والمساواة أمام المرفق العام.
• تخفيف صفوف الانتظار داخل المرفق العام يؤدي إلى ربح مجهود إضافي بالمرفق .
• ربح في التكلفة بالنسبة للإدارة ، لأنه كلما تم التبليغ أو النشر بوسائط رقمية إلا وقابله تقليص مصاريف الورق والبريد.
• تبادل المعطيات بمحررات إلكترونية مؤمنة بين المحكمة ومختلف المتعاملين ومساعدي القضاء وباقي المهن القضائية يعني ربحا في المجهود والتكلفة ، والوقت اللازم للتبليغ مما يعني تقليص أمد البت في القضايا وهذا سيرفع من جودة الخدمة القضائية.
المخاطر
• مخاطر تتعلق بالملكية الفكرية ، وما يرتبط بالقرصنة المعلوماتية.
• مخاطر ترتبط بالتزييف الذي يمكن أن يمس المعلومات المتبادلة إلكترونيا ، وهنا تظهر أهمية التوقيع الإكتروني لكونه يسمح بالتأكد من كون الوثيقة لم يلحقها تغيير بين المرسل والمرسل إليه.
• مخاطر تتعلق بالجريمة القضائية.
**لوائح القيادة مع أنظمة للإخطار بمشاكل تسيير الإجراءات**
أنظمة تمكن من ضبط :
– مراقبة العمر الزمني للملف القضائي داخل المحكمة.
– الإطلاع على مجمل الإجراءات المنجزة في الملف.
– مراقبة إجراءات بعض المصالح ( الضابطة القضائية ، المفوضون القضائيون ) في مدة إنجاز محضر، مسطرة قضائية ، مراقبة التأخيرات في الإجراءات ، مراقبة آجال التبليغات
– ضبط بعض الإجراءات : الاعتقال الاحتياطي مثلا بالاطلاع على العدد الإجمالي للمعتقلين يوميا .
** جودة الخدمات **
لضمان جودة الخدمات يتعين اعتماد نظام مرجعي يتضمن مجموعة من الالتزامات تعتمد على ما يلي :
– ترميز المساطر في إطار نظام مرجعي.
– تكوين القضاة والموظفين على أعمال المكننة واستعمال الحاسوب.
– مسايرة التطور التكنولوجي .
– تبسيط إجراءات التقاضي.
** تسهيل الولوج إلى المعلومة القانونية والقضائية **
تسهيل الولوج إلى المعلومة القانونية يقتضي :
• تبسيط المساطر وشرحها عبر مطبوعات ومطويات توزع على المواطنين .
• تطوير البوابة القانونية والقضائية ” بوابة عدالة ” بإغنائها بقوانين محينة واجتهادات قضائية.
تسهيل الولوج إلى المعلومة القضائية يقتضي :
• الاستقبال من طرف مكاتب الواجهة بالمحكمة.
• الاستقبال من خلال آلات الاستشارة بالمحاكم .
• استقبال عن بعد وعلى الخط بواسطة الإنترنت.
الخاتمـــــــــــــــــــة
إن المجهودات المتميزة التي تقوم بها الوزارة لمكننة هذا القطاع وتحديث إجراءاته يظل عالقا بمجموعة من التساؤلات والملاحظات المتعلقة بهذا الموضوع والقابلة للنقاش.
1. ماهي عوامل النجاح؟
2. هل استعمال التكنولوجيات الحديثة سيفرض الفصل ما بين العمل القضائي والعمل الإداري بالمحاكم وبالتالي يصبح تواجد مسؤول إداري بالمحاكم أمر لابد منه ؟
3. جميع التجهيزات المستعملة الآن بالمحاكم دائمة العطب مع عدم وجود فرق للصيانة معتمدة ومختصة ورهن إشارة السادة القضاة والمسؤولين.
4. أعطال دائمة في البرامج المعلوماتية وعدم مواكبة صيانتها.
5. هل يمكن استعمال التواصل بواسطة Vidéo conférenceفي مخافر الشرطة وتسجيل الاستنطاق بواسطة الفيديو وإرفاقها في أقراص مدمجة رفقة المحاضر.
6. هل يمكن ربط الزنازن بواسطة كاميرات رقمية بالنيابات العامة للتأكد من أنسنة الاعتقال وتسهيل مراقبة ظروف الحراسة النظرية.
7. ماهي ضمانات الأمان والثقة الرقمية في تبادل الوثائق ؟
8. كيف يمكن تجاوز ازدواجية العمل الإلكتروني واليدوي في المحاكم؟
اضف تعليقا