مشاركة الهيئة الوطنية في حلقات الحوار التي نظمتها وزارة العدل والحريات
في إطار الاصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة :
إن مخطط الإصلاح الشــــامل لمنظومــة العدالة ، يندرج في إطار التنزيل الصحيح للدستور الجديد وفي إطار البرنامج الذي أعدته الحكومة وجعلته من أولوياتها ، بغية تعزيز المكانة الدستورية للقضاء كسلطة مستقلة وفي ظل الحكومة الجديدة التي انبثقت عن حركة التغيير ، وعقدت العزم نحو الإصلاح ، وتحسين الأوضاع والاهتمام بكل مكونات الشعب . ويأتي هذا المشروع كذلك الذي دعـــا إليه جلالة الملك محمد السادس ، ولا زال يؤكد عليه ، ويحرص على تنفيذه منذ أول خطــــاب للعرش سنة 1999 ، وخطاب مارس 2002 ، إلى تنصيب الهيئة العليــــا لإصلاح العدالة إلى الآن ، وتبنته وزارة العدل والحريـــــات ، بمشـــاركة كـــافة الأطراف المنتمية لهذا القطاع ، ومن بينها الهيئة الوطنية للعدول ، في إطار الحوار والمشاركة والتشـــاور الذي ينتظر منه تسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة والقـــانون ، وتوطيـــد الثقة والمصــداقية مع القضاء ، والرفع من جودة الخدمات القضـائية ، وتبسيط الإجــــراءات ، وتــأهيل منظــــومة العدالة ببلادنا وتحديثهــــا ، وتأميـــن شروط المحـاكمة العــادلة ، وتحقيق الحكامة الجيدة وفق قواعد حقـــوق الإنســـــــان والدستــــور ، خدمة للوطـن والمـــواطنين .
وفي هذا السياق فان الهيئة الوطنية للعدول علقت آمــالا عريضة على هذا الحــوار الوطني ، وأعلنت استعدادها للجهــــات المسؤولة ، للمســاهمة الفعـــــالة والايجــــابية فيه ، وننتظر من السيد وزيــــر العدل والحريــــات أن يعمل على تحييــــن وضعية هذه المؤسسة بإخراج الملف المطلبي للهيئة الوطنية للعدول إلى الوجــــود في القريــــب الممكن ، حتى لا يتعثر الـسير السليم لــهذا الجهـــاز العريـــــق في المغرب والذي يمتد لعدة قــــرون من الزمـــــن .
وإننــــــا نعتز بمشاركتنـا ضمن مختلف الفعاليــــــات في هذا الحوار، كمهنيين ومسؤولين ومواطنين حريصين كل الحرص على مستقبل بلدنـــا ونقدر هذه المبادرة الشجاعة من الوزارة الوصية الذي يعود الفضل الأول فيها لعاهل البلاد ، ونؤكد التزامنا وحرصنا الشديــد ومن موقعنــــا بالانخــراط اللامحدود في كـــل مـــا من شأنه أن يدعم سبل تقدم وازدهــــار بلدنــــا العزيـــز، سيمـــــا وأن الســــادة العدول مـــن مســـاعدي القضــــاء ، وتـــربطهم العلاقــــات الوطيـــدة مع القضـــــاء وأجهزته .
إن موضـــــوع إصلاح العدالـــة يبقى مسؤولية الجميع ، حــــاكمين ومحكــــومين ، فـــاعليـن وسيـــاسييــن ، وغيرهم من كل فئــــات المجتمع المدني بدون استثنـــاء ، ولا يجب أن يبقى محصــــورا بحدود القضـــاة وأسوار المحــــاكم ، فكلنا معنيــــون ومسؤولـــون بشكل مبـــــاشر ، وكل من موقعه وزاويتـــه . والإصلاح يجب أن يؤسس على إصـــلاح المجتمع كمنهجية ثقـــــافية تؤسس علـــى توعيته بحقـــــوقه وواجبـــــاته في إطــــــــار القـــانون عبـــر المؤسســات التعليـــمية كمرحلة أولــى ، وباقي القنوات الأخرى بمــــا فيها وســـــائل الإعــلام كمرحلة ثــــانية ، ونحن على ثقة تـــامة من قــــدرات وإرادة جميـــع الفعــــاليات فــي رفــع هــذا التحدي وكســــب الرهــــان .
وقد كـــــان الانخراط في هذا الورش منذ الاستقلال ، حيث كان للإلغاء التدريجي للازدواجية الموروثــة عن الحماية الفرنسية ، والاتجاه نحو النظام الجديد ، باستقلالية القضــــاء ، وفصل السلط ، دوره في هذاالشأن ، حيث تم إلغاء محاكم المخزن التي تم تعويضها بمحــــاكم القانون العام : ( قاضي الصلح ، المحاكم الابتدائية ، محكمة الاستئناف بالرباط . ) ، وتم إلغـــاء المحاكم العرفية ، وإحداث قضـــاء جديد : محـــاكم الشغل والمجلس الأعلى للقضاء ، فضلا عن إصدار النصـــــوص المؤسسة الأولى لهذا النظــــــام القــــانوني الجديد : كقــــانون الأحوال الشخصية والميـــــراث سنة 1957 ، وقـــانون الحريـــات العــــامة سنة 1958 والقـــانون الجنـــائي الموحد سنـــة 1962 .
وبالرجوع الى تلك الفترة ، نلاحظ أن القضـاء كان ضعيفـــــا ومرتبكــــا ، وفي حاجة الى التصحيح والتقويم ، بسبب المستوى الثقـــافي المتواضع لبعض الموظفين والمهنيين المنتسبين لجهاز القضاء آنذاك وغيرهم ، الشيء الذي دفع إلى ظهـــور بعض المظاهر السلبية وانتشارها ، كالزبـــونية والمحســــوبية ، والرشوة وغيرهـــــا ، مما أفقد القضـــــاء مصداقيته ، وجرده من درجة قوته ومكانته ، وكانت له انعكــــاسات أخرى ، وجــــاءت التوجهــــات الملكية الســـــامية على اثر النداءات التي كــــانت تصدر من منظمــــات دولية ، كتقريــــر البنك الدولي سنة 1995 ، وملاحظات الاتحاد الأوروبي ، وبرنـــــامج الأمم المتحدة للتنمية ، وصندوق الامم المتحدة لانشطة الشعــــوب ، وصنــدوق الأمم المتحدة للطفــــولة ، ولجنة حقـــــوق الإنســـان التــــابعة للامم المتحدة ، التي أقرت كلهــــا بوجــود خروقــــات يجب تصحيحهــــــا ومعالجتها .
وكان الاتجــــاه نحو الإصلاح وتخليق القضـــاء ، والتصحيح صريحا وواضحا ، تجلى ذلك على الخصـــوص في انشاء المحاكم الإدارية سنة 1994 ، والتجـــارية سنة 1996 ، ودعوة الملك المغفور له الحسن الثاني سنة 1995 إلى إصلاحا القضـاء ، بهدف تحسين وتكويـــن القضــاة ، وتحسين وضعيتهم المـــادية .
ومنذ ذلك بدأت تظهر بوادر الإصلاح ، بإعادة تأهيـــل القضاء ، عن طريق تجديد المساطر المهيكلة لهذا القطاع ، وضبط تدخلات السلطة التنفيذية في معالجة القضايا ، باعتماد برنامج إصلاح واضح على نطاق دقيق وعميق ، دعما لمبدأ سواسية الجميع أمام القانون ، وترسيخا لدولة الحق والقانون ، على أساس فصل السلط .
” إن إصـــلاح القضـــــاء نجده اليوم في صلب التغيير والحداثة ، ودمقرطة المجتمع ، وبنـــاء دولة الحق والقانون والتنمية ، وفي صلب الاختيــارات الإستراتيجية التي لا رجعة فيها ، والتحديـــات الكبرى التي يتعين على المغرب رفعها ، لذلك على القضاء وهو في طريق الاستقلالية أن يبرهن على مســـاهمة حاسمة ، يتعلق الأمر بورش في طور الانجـــاز ، ننتظر منه نتــــائج ملموسة وسريعة .” من خطــــاب صـــاحب الجلالـة.
و هنا أود أن أتطرق إلى خطة العدالة ومؤسسة التوثيق العدلي التي لها أهميتها ومكانتهــــا وخصوصيتهـــا داخل المنظومة القضــــائية ، نرجو أن يشملهـــا هذا الإصلاح المرتقب ، في عهد صـــاحب الجلالة الملك محمد الســادس ، والحكــومة الجديدة ، والدستور الجديـد .
لقد أصبـــح لازمــــا اليوم استرجــــاع الثقة والشفـــافية بين القضاء ، ومســــاعدي القضــــاء والمواطن ، ورد الاعتبــــار للمهن القضـــائية جميعهــا ، وتحديثهــا ، وتخليقهـــا ، ضمانــــا لأداء فعـــــــال وشفــــاف ، ومردوديـــة متميزة ، تستجيـب لـتطلعلات الجميـــــع ، وتستجيب للمعــــايير الدوليـــــة المعمــول بهـــا ، ودعـــما لأسس الحكــــــــامة الجيـــدة للبــــلاد ، وتثميـــنا لرأس المـــــــــال المؤسســــــــاتي .
إننـــــا وبكل صراحة نتوخـــى من هذا الإصلاح ، الذي بدأت بوادر جديته ، والانخراط فيـــه ، تلــــوح في الأفق ، أن يبــــادر السيد وزيـــر العدل والحريــــات ، بجديته المعهــودة الى دراسة الملف المطلبـــي للهيئـــــة الوطنية للعدول وتنفيــذه على أرض الــــواقع ، حتـــى تتمكن هذه المؤسسة من شق طريقهــــا بكل حــــزم وثبـــات ، وتتخطى مـــــا يعرقلهــــا مــن حواجز واكراهــــات متعددة ومتنوعــــــة ، كـــانت سببــــــا فـي تكبيلهـــــا وتقزيمهـــا وتقليص مردوديتهـــــا ، الى غــــد مشـرق بنـــاء ، في اطـــار تطويــــر الإطـــار القــــانوني المنظــــم لــهذه الـمهنـــة .
وفي هذا السيــــاق نرى أنه قد حان الوقت لمراجعة القـــــانون : 16.03 المنظم للهيئة وتعديله ، حتى يكون هذا التعديل ضمن الإصلاح المنشـــود ، ومنح هذه المؤسسة حماية قانونية ، يجسدها قانون تشريعي جديد ، يحفظ للســـــادة العدول كرامتهم وشرفهم ، ويحقق لهم الضمان من الدســــائس والمكائد ، وتملص المتعــاقدين من الالتزامات التي أنشأوهـــا ، – وهذا لا يخفى على أحد – ، بخلق وادعـــــاء الاتهامـــــات المغلوطة والكـــــاذبة ، ونهج الأساليب الدنيئة ، التي قد تكون سببا بطريقة أو بأخرى الى الدفع بالعدل البريء نحو قفص الاتهـــام ، – بالرغم من كونه رجل الثقة ، ورجل العدل ، كما أهله القــــانون لذلك – وإلى دهاليز الشرطة القضائية وغيرهــــا ، مع المنحرفيــــن والمجرمين ، سيما وأن المجتمع تطورت فيه الجريمة المنظمة وتكاثرت فيه أساليب النصب والاحتيال وهي في تصاعد .
لذلك نتمنى أن يواكــــب هذا الوضع تطــــور كذلك في الآليـــات القـــانونية والاجرائية والحمائية ، حتى يتمكن السيد العدل من القيـــــام بواجبـــه وتــــأدية رسالته علـــى الوجه المطلوب ، ونعلن رفضنا إحالة السادة العدول على الضابطة القضائية بسبب شؤون مهنية وغيرها ، وتعرضهم للمعاملات المهنية الضيقة ، وهو ما ذهبت إليه وزارة العدل سابقا وأكدته حسب المنشور المؤرخ بتاريخ : 20/08/1980 ، الذي تم تحيينه سنة 2002 .
وكـــان من الأنسب عدم تحريك هذه المساطر القضــــائية إلا بنـــــاءا على حجج دامغة مقبولة ومعقــــولة ، تعرض على القضــــاء ليقرر بصحتهـــا من عدمهـــــا ، والتعــــامل في إطار القــــاعدة الشرعية القـــانونية بأن الأصل هو البراءة ، حتى تثبت الإدانـــة ، وليس العكس .
وبذلك فإننـــا نتطلع مــن خلال هــــذا الإصلاح إلى إرجـــــاع الثقة لــهذه المهنــة عبـــر مسلســل إصــلاح شـــــــامل وجذري يتمثــل وبالأســــاس فـــــي :
1 – منح الســادة العدول الذيـــن مــــارســـوا المهنة فوق عشر سنوات ، والحـــاصلين على شهــــادة الإجـــــازة أو الدكتوراه الحق في ولوج سلك القضـاء ، حيث إن حرمانهم من هذا الحق ، لا يحقق العدالة ، وليس له مــــا يبرره الآن ، ونستحضر أن في المـــــاضي كان جل القضــــاة يقترحـون من العدول المبرزيـــن ، حتى قيــل : لا قــاضي إلا من السماط – أي مـن ديوان العـــدول – ، ولعلهم أصبحـــــوا يتوفرون الآن أكثر من الماضي على مــــا يؤهلهم شرعــا وقـانونــــــــــــا لهذه المهمـة
وبامتيـــــاز ، حيث سيكــــون لهم الدور الهـــــام في تقليص تراكــــم القضايــــا والبث فيهـــــا ، بحكم تكوينهم الشرعـــي والقـــانوني الواســـع ، ودرايتهم الكبيــــــــــــــرة التي راكموها من الممارسة المهنية ، حيث أن مكـــــاتب الســـــــادة العدول
تعتبــــر البوابـــة الأولـــى التــــي بواسطتهـا يلج المواطـــن بهــو المحــاكم ، قبل أن يصل إلـــى مكتـــــب المحــامي أو القـــاضي .
وهذا الاحتكــــــاك اليومي بقضـــــايا النـــــاس وشؤونهــم المرتبطـــة بالـعدل والعدالة ، من شأنه أن يكـــــون قيــمة مضافة متميزة في هذا الشـــــأن ، فضلا عن الخصـــاص الحـاصل من القضـــاة فــــي الكثيـــــر مـــن محــــاكم المملكـــة.
2 – إسنــاد التأديب للهئية الوطنية للعدول ، على غرار ما هو معمول به في هيـــــآت أخرى ، التي يخولها القانون هذه السلطة وهذا الحق ، حيث ان الهيئة الوطنية للعدول لا تملك من الادوات ما يمكنها من توفير السير السليم وتدبير شؤون هذه المؤسسة بشكل ايجابي ، وهذا يدخل في صلب الاصلاح ، وبهذه المبادرة سيقل عدد الملفــــات المعروضة على المحـــاكم المتعلقة بالعدول ، لأن أهل مكة أدرى بشعابهــــا ، والمواطــــن المشتكي لا يريد من خلال شكـــاياته إلا الوصـــــول الى حقه واسترجاعه وصيانته وليس شيئـــــا آخر ، وقد يمكـــن أيضا الهيـــأة عبر مجـــالسها الجهوية من الحفـــــاظ على السلـــوك المهني ، وأعــراف و تقـــــاليد المهنة وأصــــالتهـا. وتمنح به الدور الفعال في تأدية رسالتها ، كما يمنح الــــعدل الضمــانــات الكــــافية كذلك فــي ممــــارسة حقــــه في الطعـــن ضد كل قرار ، كما نعتبـــر قـــــرار توقيـــف العدل تأديبيــــــا قـــــرارا تعسفيا وجسيمـــــا فــــي حقه مـــن حيـــث الآثــــار والالتزامـــــات .
3 – تهييئ معــــــاهد للتكوين والتكويــــن المستمر ، للوقـــوف على المستجدات القـــــانونية ، والـــخبراتية ، والنهــــــوض بالمستـــوى المهني شكلا ومضمونــــا .
4 – تعديل القــــــانون 03-16 أصبح ضرورة ملحة لترميــــم بعض الثغرات التي تعتريـــه ، وجعلـــه يتلاءم وطموحــــات هذه الشريـــحة العريضة من الأســـاتذة العدول ، حيث تبين واتضح جليـــا بعد الممــارسة والتطبيق ، بــــأنه لا يستجيـــب للتطلعــــات ، ويعتريـه الخلل في مضامينه التي تعتبر وصايات وتحجير على العدول ، وأصبح لازمـــــا وبكل تأكيد إعـــــادة النظر في تعديله جملة وتفصيلا ، وإصلاح جوانبـــه لتتلاءم وتتجــــاوب مع التطورات الحــــاصلة ، والتحولات الـــراهنــة ، ومســــايرة العصــر ، والرقي بالمهنة .
5 – توسيع دائرة الاختصــــاص المكـــاني في الإشهـــــاد ، وجعله على الصعيد الوطني ، كمـــــا هو مخول للمهن الحرة التي نجدهــــا تمــــــارس مهامهــــا على صعيـــد ربوع المملكة ، وعلى المستوى الوطني . وأن يتم التلقي في مكتــــب العدل ، أينمـــا وجد موضـــوع التعاقد ، وأن تكـــــون التبعيــــة لمحكمة الاستئنــــاف في التعييـــن فقـط .
6 – إعــــادة النظر في أجور العدول ، بما يتلاءم والجهود والمسؤولية والخدمات والاستشارات وغيرها ،
التي يقدمها السادة العدول للمتعــــاقدين ، بما يضمن العيش الكريم ويحفظ الكرامة ، وتحديد تعويضـــــات مناسبة ومشرفة عن التوجهـــات ، خصوصا التوجهـــــات الليلية ، واستبدال كلمة – تعريفة الأجـــور – بالأتعاب عن الخدمات حيث أن كلمة أجر فيها حيف وتبخيس وإجحاف في حق المهني الذي لا يعتبره القانون أجيرا ، ولا تتناسب والخدمات والمهام التي ينجزها ، أو إبقاء مسألة تحديدهـــــا على الأقل خاضعة لاتفــــاق الطرفين ، على اعتبــــار ان المهنة حـرة ، وبالتـالي فمن المنطق والصواب أن تبقى الأتعاب حرة كذلك ، وبرضى وحرية الطرفين ، حيث إن طبيعة عمل العدل تستوجب عليه وفي جل أوقات عمله ، وقبل كل شيء ، إبداء النصح والإرشاد ، وشرح بعض المقتضيات القانونية والشرعية للمتعاقدين ، وليس تحرير العقد فقط . وإذا كانت الأنظمة القانونية نصت على الأجر والأتعاب ، فالأجر يمكن تحديده و لكن الأتعاب على الخدمـــات لا يمكن تحديدها ، وتبقى متروكة
للاتفاق ، وفي حـــالة عدم الاتفــــاق والاختلاف يرجع إلى قرار الهيئة ، وعندمـــا لا يرضى الزبون بذلك يرفع الأمر إلى السيد الوكيل العـــام أو غرفة المشورة لإستصدار قرار في الموضوع .
7 – استبــــــدال خطة العدالـــــة بالتوثيـــــق العدلي ، حيث أن كلمة خطــة فيهــــا نوع من التحقير لهذه المهنـــة ، وتصغيــــرا لحجمهــــا ومكانتها ، وهي المهنة العريــقة والأصيلة في المغرب ، أدت رسالتها منذ الفتح الإسلامي ولازالت صامدة ولها ريادة خاصة في حفظ الأنســـاب والأعـــراض ، والحقــــوق العقــــارية ، والتجــــارية وغيرهـــا .
8 – إلــــزام المؤسســـات البنكية التعـــامل مــع مؤسسة العدول على قدم المســــاواة مع الموثقيــن العصريين ، وتفعيـــــل القــــوانين الـــتي تنص عـــــلى ذلك ، ورد الاعتبـــار للعقـــود العدلية التــــي تحــــرر باللغة العربية ، وتمكيـــن الســــادة العدول من حق إيـــــداع الودائع ، ونبذ سيـــــاسة التمييــــز بين أبنـــاء الوطـــــن.
9 – العمل على إيجـــاد الحلـــول الجذرية والفورية ، للإشكال الذي يعاني منه الســـــادة العدول على صعيد التراب الوطني ، أثناء فصل الصيف ، وهي الفترة التي يتوافد خلالهــــا المهاجرون على بلدانهم للعطلة السنوية ، وقضـــاء المصـــالح التوثيقية ، وغـــــالبا ما تكتسي طــابع السرعة والاستعجــــال بسبب الإجــــازات المحدودة ، ويتزامن هذا بتواجد جل الســـادة قضــــاة التوثيق بدورهم في عطلة . مـمــــا يجعل معه ملفات الرســــوم العدلية في تراكم وبأعداد عديـــــدة في انتظــــــار توقيعها– وهو مـــا يصطلح عليه بخطـــــاب القــــاضي – . ممـــا يؤثر سلبــــا على أشغـــال العدول ، ومصداقيــة العقد العدلــــي ما يستوجب قطع هذه العلاقة بين السادة العدول ومؤسسة قاضي التوثيق التي لم يعد ما يبرر وجودها في الوقت الراهن لما ذكر ، وللمستوى الذي أصبح عليه عدول اليوم ، كما تمت الإشارة إليه سابقا ، فضلا عن التعثر والمضايقات المستمرة التي تمارس ضد السادة العدول من طرف هذه المؤسسة بشكل مستفز يفتقر للتعامل الحضاري الواجب ، فضلا عن إبعاد قضاة التوثيق عن كل مساءلة تتعلق بالعقد بالرغم من كونهم شركاء فيه . والمسؤولية مقرونة بمحاسبة الجميع .
10 – إخراج مدونة للتوثيــــق ، توحد التوثيقين بالمغرب بخصوص العقار ، في اطار منظومة توثيــــق واحــدة ، وفق ضوابط ومعـــايير محددة ، مع إلزامية تحرير كـــافة العقود باللغة الرسمية – اللغة العربية – سيما وان المشرع خطا خطوة شجــــاعة وجبــــارة بتكريس رسمية العقود ، وإخراج قانون مدونة الحقوق العينية : 39.08 للوجـــود ، محافظا بذلك على حقوق وأموال النـــاس ، وأعاد الثقة والطمأنينة للمواطن ، حيث كان هذا القــــانون فــــاصلا بين كل عشوائية في تحريـــر العقد المتعلق بالتصرفــات العقــــارية ، حسب مقتضيــــات المــادة الرابعة منه .
ونعتقد أنه آن الأوان كذلك للقضاء على هذه الازدواجية المقيتة ، ووجوب العمل بتوحيد نظـــام للتوثيق بالمغرب ،
والقضاء على كل تفرقة أو تمييز بين المؤسستين ، سيما وأن القـــانون الجديد رقم : 32.09 المتعلق بتنظيـــم مهنة التوثيق أزال عبــــارة مهنة التوثيق العصري ، واكتفى بعبــــارة التوثيق ، وهذا الطلب مطلب وطني منذ أمد بعيد وموضوع العديد من التوصيات للعديد من الندوات العلمية ، كالندوة التي انعقدت بمدينة مكنــــاس حول ” مدونة الحقوق العينية ، وندوة كلية أكــــادير ومنتدى مراكش وغيرهم . ولا نعتقد انه يـــوجد ما يمنع من دمج النظــــامين في نظام واحد يتميز بالعصرنة والحداثة ، خصوصا وأن السادة العدول أصبحوا مؤهليـــن أكثر من أي وقت مضى لممارسة كافة المهام المتعلقة بالتوثيق ، وبشيء من التقــــارب الصحيح بين المؤسستين يتحقق الهدف ، كما يمكن للطرف الآخر تجــــاوز كل نقص يمكن أن يعتريـــه من جــــانب اللغة العربية ، أو في طبيعة بعض العقــــود التي تقتضي فضلا عن الدراية بالعلـــوم القـــانونية والاقتصــادية التعمق كذلك فــي المــواد الفقهيـــة والشرعيـة .
إن تحقيــق هذه المطــــالب من شــــأنه أن يكــــون إنصـــافا جوهريــا لهذه المهنـــة ، وتحقيقا لإصلاح منظومة العدالة ، وأذكر مرة ثانية بأن مهنة التوثيق العدلي التي تضم شريحة اجتماعية عريضة من الأساتذة العدول ، وتجسد رمزا حضاريـــا أسـاسيـــا ببلادنـــا ، وتعتبر حضارة وتراث كل المغاربة ، وتستحق أن تمنح صراحة آليـــات حقيــقية للتعبيـــر عن آرائهــــا وتطلعاتهــــا وانشغــالاتهــــا ، وهو جوهـــر الإصـــلاح .
اضف تعليقا