ير ما نبدأ به هذه المقالة هو ديباجة قانون التوثيق العدلي كمقدمة .
” الديباجة
تعتبر خطة العدالة محورا أساسيا في المنظومة القضائية ، لكونها من المهن القانونية والقضائية التي تزاول في إطار مساعدي القضاء ، هدفها الأساسي توثيق الحقوق والمعاملات ، والحفاظ على أعراض الناس وأنسابهم ، وتحضير وسائل الإثبات ، التي تمكن القضاء من فض النزاعات والفصل في الخصومات ، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية العقارية والاقتصادية والاجتماعية ، وتحصيل الموارد وضبط الواجبات المفروضة على المعاملات العقارية وغيرها ، وقد كان لها طيلة قرون دور فعال فيما يتعلق بتوثيق بيعة الملوك والسلاطين في علاقتهم مع رعاياهم ، وفيما يتعلق بتوثيق جلسات القضاء وضبط الأحكام وحفظها وتدوينها.
ونظرا لأهمية خطة العدالة ، فقد حظيت بعناية كبيرة ومكانة رفيعة في الفقه الإسلامي ، وأولاها الفقهاء والعلماء اهتماما كبيرا ، خاصة فقهاء المغرب والأندلس ، حيث جعلوها مهنة شريفة وارتقوا بها إلى مصاف المهن المنظمة ، التي تخضع في مزاولتها لمراقبة القضاء وتحت إشرافه ، كما امتهنها كثير من أكابر العلماء والفقهاء والقضاة والمفتين وغيرهم ، وأولاها ملوك الأمة وأمراؤها اهتماما خاصا واعتبارا متميزا ، ولاسيما ملوك الدولة العلوية الشريفة ، الذين ما فتئوا يصدرون ظهائر شريفة ومراسيم جليلة لتنظيمها ، راسمين لها قواعد شرعية وضوابط مرعية مستوحاة من نصوص الشريعة وروحها ، وواضعين لها مسطرة خاصة سواء من حيث الانخراط فيها أو من حيث ممارستها وكيفية تطبيقها ، ومن الظهائر الشريفة التي اهتمت بتنظيم خطة العدالة الظهير الشريف الصادر في 7 يوليو 1914 والظهير الشريف الصادر في 23 يونيو 1938 والظهير الشريف الصادر في 7 فبراير 1944.
أما القانون رقم 81-11 القاضي بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها ، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 332-81-1 بتاريخ 6 ماي 1982 والمرسوم التنظيمي له ، فرغم الإيجابيات العديدة التي تضمناها ، والتعديلات المدخلة عليهما ، فقد تبين أخيرا أنهما تكتنفهما بعض الثغرات ، ولم يعودا كافيين لمعالجة جميع المشاكل التوثيقية المطروحة.
وسدا لهذه الثغرات ، ومن أجل دمج خطة العدالة في المحيط الاقتصادي والاجتماعي ، والرقي بها إلى مصاف المهن القانونية ، والقضائية المتطورة ، وجعلها مهنة العصر ، تتماشى مع التطورات والتغيرات التي يعرفها الوقت الراهن في شتى المجالات ، خاصة مجال التوثيق”.
انطلاقا من الديباجة اعلاه و التي شددت على أن من أهداف و مهام العدول الموثقين هو توثيق الحقوق و المعاملات وعليه سنناقش أهمية التوثيق العدلي و اختصاصات العدول الموثقون التوثيقية و مقارنتها بالانظمة التوثيقية الأجنبية ومدى صلة مهام العدول بالتوثيق و نعرج على اشكالية رسمية العقود العدلية وذلك للرد على بعض الحملات المغرضة للخصوم المبنية بالأساس على الديماغوجية كالقول بكون العدول مجرد شهود و القاضي هو الموثق و ذلك قصد تعطيل تطور مهنة التوثيق العدلي . وعليه سنطرح أسئلة مستفزة للمهنة و محاولة الأجابة عنها من قبيل
ماهي اختصاصات العدول الموثقون ؟ و هل يمكن القول فعلا ان العدول هم موثقون ام فقط مجرد شهود ؟ وهل فعلا حمل صفة العدل الموثق انتحال صفة ؟و هل فعلا تكوين العدول اقل شانا من المهنيين الاخرين ؟ وماذا التضارب بين الفقه الإسلامي و ق.ل.ع ؟ واين تبدأ رسمية العقود؟ وماذا عن اللغط حول صفة العدل الموثق التي طالبت بها هيئة العدول و استجابت لها اللجنة المعينة من طرف وزارة العدل و التي اثارت حفيظة المهنيين الاخرين ؟.
لكل تلك الأسئلة سنناقش موضوعنا وفق التصميم التالي.
المبحث الاول صلة مهنة العدول الموثقون بالتوثيق وفق القانون المغربي والقانون المقارن
المطلب الاول اختصاصات العدول الموثقون
المطلب الثاني علاقة العدول الموثقون بالتوثيق.
المبحث الثاني رسمية العقود و العدول الموثقون
المطلب الاول مهام العدول بمنظور قانون الالتزامات و العقود.
المطلب الثاني اشكالية خطاب القاضي المكلف بالتوثيق و رسمية العقود العدلية
المبحث الأول صلة مهنة العدول الموثقون بالتوثيق وفق القانون المغربي و القانون المقارن
المطلب الأول : اختصاصات العدول الموثقون
حددت المادة 32 من قانون التوثيق العدلي في إطار ما يمكن اعتباره اختصاصا نوعيا أو موضوعيا للعدول الموثقون ، حيث يفهم منها أن العدول الموثقون مختصون في تلقي وتحرير كل العقود والتصرفات وإثبات كل الوقائع والنوازل إلا ما كان موضوعه خارجا عن دائرة التعامل الشرعي أو القانوني.
ونظرا إلى أن القانون الجديد سار على منوال القانون السابق فيما يتعلق باختصاصات العدول الموثقون النوعية والموضوعية، ولم ينص على حصر هذه الاختصاصات واكتفى بالنص في المادة 1 على أن خطة العدالة (التوثيق العدلي ) بصفتها مهنة حرة تمارس حسب الاختصاصات والشروط المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة، ونص في المادة 32 هذه على منع تلقي الشهادة التي يكون موضوعها خارجا عن دائرة التعامل، والحال أن العدول الموثقون يمارسون اختصاصات متعددة، مما يعني أن الإطار العام الذي يزاول فيه العدول مهامهم يتجلى مبدئيا في تلقي الشهادات وتحريرها وفق الكيفية المنصوص عليها قانونا، شريطة أن تكون موضوعاتها مما يجوز التعامل به، سواء تعلقت هذه الشهادات و العقود بموضوعات الزواج والطلاق والميراث وما ارتبط بها من نسب واستلحاق ورضاع وغيرها، أو بموضوعات المعاملات التجارية والمدنية على اختلاف أنواعها من بيع وشاء وكراء ووكالة وكفالة وقسمة وشفعة وغيرها، أو تعلقت بالتصرفات العقارية المختلفة، حيث كان كان نوع هذه العقارات.
مع ملاحظة أن من هذه الاختصاصات ما هو محتكر لهم وحدهم دون غيرهم، أي يشترط فيه إشهاد وتوثيق العدول الموثقون ، أو إثباته بواسطتهم عن طريق شهادتهم العملية أو شهادة اللفيف، ومنها ما هو مشترك بينهم وبين جهات أخرى، بحيث يسوغ توثيقها من طرف غيرهم، أو إنشاؤها بواسطة ما يسمى بخطوط اليد، أي بواسطة الورقة العرفية.
1- اختصاصاتهم في قضايا الأسرة والميراث:
فمن أهم قضايا الأسرة والميراث التي يختص الموثقون وحدهم بالإشهاد عليها أو إثباتها يعني توثيقها بواسطتهم –تحت طائلة وقوعها غير صحيحة أو ناقصة إذا لم يشهدوا عليها – و يوثقوها نذكر ما يلي:
v توثيق عقود الزواج بواسطة الشهادات الأصلية، بما في ذلك الإشهاد و التوثيق على توكيل الزوجة لوليها أن يعقد عليها، وعلى رضاها بالزواج وتلقي توقيعها بمذكرة حفظ العدل الموثق للشهادة، أو إثبات هذا الزواج فيما بعد – أي إثبات أو ثبوت الزوجية – بواسطة شهادات استرعائية، أعني شهادات علمية أو شهادات اللفيف في حالات خاصة، وكذا الشهادة على عقود الرجعة أو المراجعة، (شهادات اللفيف في حالات خاصة، وكذا الشهادة على عقود الرجعة أو المراجعة، (المواد 12-13-16-65-67-124- من مدونة الاسرة)، و (المادتان 26 و 27 من المرسوم رقم 2.29.665 الصادر في 2 شعبان 1423 – 9 أكتوبر 2002 – لتطبيق القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.239 الصادر في 25 من رجب 1423- 3 أكتوبر -2002).
والظاهر أنه سواء تعلقت هذه الشهادات بالمغاربة المسلمين وغير المسلمين من دون اليهود، أو تعلقت بالأجانب المسلمين، فرنسيين كانوا أو غيرهم.
v الشهادة على اتفاق الزوجين على تدبير واستثمار وتوزيع الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية و توثيقه (المادة 49 من المدونة).
وبهذا الخصوص أشير إلى أنه ونظرا إلى أن المادة 49 من مدونة الاسرة إنما تحدثت على العدلين الموثقين وعلى عقد الزواج الذي يختص فيه العدول الموثقون وحدهم بتوثيقه والإشهاد عليه، وأوجبت عليهما إشعار الزوجين عند زواجهما بأحكامها ومقتضياتها، مشيرة في نفس الوقت إلى أنه لا يجوز لهما كتابة هذا الاتفاق في وثيقة عقد الزواج، ولارتباط وثيقة تدبير واستثمار وتوزيع الأموال المشتركة بين الزوجين بالقضايا الشرعية في الأسرة التي هي من صميم عمل العدول الموثقون وحدهم، يبدو بوضوح أن الاختصاص في كتابة هذه الوثيقة والاشهاد عليها، إنما يعود إلى العدول الموثقون أنفسهم، لا إلى جهة أخرى، ولا إلى الزوجين أنفسهما بتوثيقها عن طريق الورقة العرفية، كما أن المدونة دأبت على أنها حينما تريد إسناد الاختصاص الموضوعي إلى جهات أخرى، فإنها تنص على ذلك صراحة، وذلك مثلما فعلت في المادة 17 فيما يخص تحرير وكالة عقد الزواج، وفي المادة 162 فيما يتعلق بإثبات لإقرار بالبنوة، وفي المادة 296 فيما يخص الإشهاد على الوصية بالمال، وبالتالي ينبغي أن لا يقبل في الاشهاد وتوثيق الاتفاق على تدبير أموال الزوجية إلا الوثيقة العدلية.
v الشهادة على الطلاق بمختلف أنواعه و توثيقها ، أي سواء كان طلاقا رجعيا أو طلاقا خلعيا أو مملكا أو طلاق المحكمة المسمى بالتطليق، (المواد، 79-138-139 من مدونة الأسرة)، أقول هذا وإن كان المجلس الأعلى على أن التطليق لا يتوقف على إشهاد العدول. ولكن الواقع أن المرأة المغربية لا تطمئن الا بالوثيقة العدلية كسبب لانحلال الزوجية و ايضا الإدارات السيادية بما فيها ادارة الدرك الملكي و الأمن الوطني و مختلف السفارات الأجنبية التي لا تعتد الا بوثائق العدول فيما يخص الطلاق.
v الشهادة أو تلقي شهادات و توثيقها فيما يتعلق بإثبات بحرمة الزواج بين المخطوبين أو الزوجين، أو لإثبات أسباب التزويج أو التطليق أو غيرها، مثل الشهادة بثبوت الرضاع بين المخطوبين أو الزوجين، والشهادة على سبب اليتيمة المهملة و توثيقها ، والشهادة بإثبات ضرر الزوج لزوجته و توثيقها ، أو غيبته عنها، وذلك بحسب ما يجري به العمل من المذهب المالكي (المادة 400 من مدونة الأسرة).
v الشهادة على مختلف نسخ الرسوم العدلية – سواء تعلقت بالزواج أو الطلاق أو التركات أو العقار أو المختلفة -، أي بمطابقتها لأصولها وثبوتها كذلك لدى القاضي المكلف بالتوثيق، وذلك بعد استنساخها من طرف أحد النساخ (المادة 37 من هذا القانون الآتية بعد، والمادة 9 من المرسوم التطبيقي لقانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النسخة المشار إليه سلفا).
v الشهادة على اعتناق الإسلام ومراقبة ثبوت الأهلة أو عدم ثبوتها، وذلك لطبيعة هذه الشهادات الدينية المحضة. (المادة 13 من قانون خطة العدالة السالفة الذكر).
v توثيق أو إثبات عدة الورثة وإقامة إحصاء التركات، وذلك إذا تعلق الأمر بتركات المغاربة المسلمين أو المغاربة غير المسلمين وغير اليهود، الموجود داخل أرض الوطن، (بعض مقتضيات مدونة الأسرة، و241 ق.م.م وقانون التوثيق، وخاصة المواد 252-394 – من مدونة الأسرة، و241 ق.م.م، و 14 من قانون التوثيق العدلي).
وبهذه المناسبة أشير إلى أن السفراء أو القناصل أو الأعوان الدبلوماسيين أو الموظفين العاملين تحت إمرتهم بسفارات أو قنصليات المملكة بالخارج، ليسوا مختصين موضوعيا بتلقي شهادات الإراثة للمغاربة المقيمين والمتوفين بالخارج ولو توفوا هناك، وذلك تنفيذا للمنشور الوزيري عدد 876 الصادر عن وزارة العدل بتاريخ 14-2-1980 المتعلق بتركات المواطنين المتوفين بالخارج، الذي يلزم عدول الداخل بأن ينصوا في رسوم هذه الإراثات على مناب كل وارث حسب علم الفرائض، بالإضافة إلى البيانات الأخرى، ليتمكن السفراء أو القناصل من القيام بالواجب في شأن تصفية تركات أصحاب الشأن، وإلا فما جدوى هذا المنشور؟
وقد أكدت الدورية المشتركة عدد 7/د/07 الصادرة بتاريخ 7-9-2007 عن وزراء الشؤون الخارجية والتعاون، الداخلية ، العدل، المالية، التشغيل، والتكوين المهني، المتعلقة بالمسطرة التي يجب اتباعها في تصفية وتعويضات المغاربة المتوفين بالخارج.
v تلقي شهادات الإرث المتعلقة بالمسلمين ولو كانوا فرنسيين أو من أعطي حكمهم، وكذا برسوم الزواج والطلاق المتعلقة بهؤلاء، وذلك على الرغم من أن الرسالة الدورية عدد 32975-2 الصادرة عن وزارة العدل بتاريخ 13-9-1982، المتعلقة بتصفية تركات الأجانب، والتي مفادها أن المختص بتلقي التصريحات بشأن هذه التركات هم الموثقون المسمون “العصريون” ظلما وكأن في الجانب الاخر موثقون للعصور الوسطى ، لأن المقصود بهذه الرسالة الأجانب غير الفرنسيين المسلمين. بالرغم من ذلك فلا شيء يمنع العدول الموثقون من توثيق تلك الشهادات مادام ان المنشور لا يرقى الى قانون
2- اختصاصهم في شؤون القاصرين:
وفيما يتعلق بشؤون القاصرين، فإن أهم القضايا التي يختص بها العدول الموثقون بالإشهاد عليها و توثيقها وحدهم نذكر منها ما يلي:
v الشهادة على الوصي أو المقدم بإحصاء مال القاصر، والإشهاد عليه كذلك عند تقديم الحساب السنوي المتعلق بذلك، (المادة 252 من م.أ. و241 من قانون المسطرة المدنية).
v الشهادة على المصفي بإحصاء جميع ممتلكات الهالك طبقا لقواعد الإحصاء الجاري بها العمل، (المادة 377 من م.أ و الفصل 249 من ق.م.م.).
v الشهادة أو إثبات ما يوجب استمرار الحجر على قاصر إذا بلغ سن الرشد وهو في حالة جنون أو يفه، (المادة 222 من م.أ).
غير أنه بالنسبة إلى اختصاص العدول الموضوعي فيما يتعلق بالأحوال الشخصية والميراث، فمقيد بما نصت عليه المادة 2 من مدونة الأسرة، وما ينص عليه الفصل 3 من قانون الجنسية المغربي، واللدان مفادهما أن العدول الموثقون مختصون بالشهادة أو تلقي شهادات الأحوال الشخصية والميراث المتعلقة بالمغاربة المسلمين وغير المسلمين، إلا أن العدول لا يجوز لهم تلقي الشهادات الخاصة بالمغاربة غير المسلمين إذا تعلقت بتعدد الزوجات، أو الرضاع أو الطلاق، إلا أن تصرح المحكمة بالتطليق بينهم، فيجوز لهم حينئذ الإشهاد عليه.
v تلقي مطلق شهادات اللفيف بحسب ما يجري به العمل (المادة 400 من المدونة فيما يخص الأحوال الشخصية).
3- اختصاصهم في توثيق العقار المحفظ وغير المحفظ والذي في طور التحفيظ:
v يختص العدول الموثقون أيضا في تلقي الشهادات المتعلقة بالعقار المحفظ والذي في طور التحفيظ، سواء تعلق الأمر بالشهادات المشتملة على الاعتراف بالملك العقاري أو على تفويت عقار أو حقوق عقارية، أو المثبتة للالتزامات من قبيل البيع و الشراء و الرهن الرسمي ورفع اليد عنه و الرهن الحيازي ورفع اليد والوعد بالبيع و التواعد بالبيع و بيع العربون و الهبة و الصدقة و النحلة و التمخي و التصيير و الجعل و تقديم العقار كحصة عينية لانشاء الشركات ……..
v و هكذا نصت قوانين الأصفار المتعلقة بالمجال العقاري كالقانون: 00.18المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، والقانون: 00.44 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، والقانون: 00.51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على أهلية العدول الموثقون في توثيق التصرفات العقارية بشكل صريح ويواصل المشرع المغربي تعميم رسمية التصرفات العقارية في قانون مدونة الحقوق العينية في المادة 4 .
v أما بالنسبة إلى استئثار العدول بالشهادة أو تلقي الشهادات و توثيقها بشأن العقار غير المحفظ، فيؤخذ عن طريق مفهوم المخالفة للفصل الخامس من قانون التوثيق الفرنساوي الذي ظل معمول به الى سنة 2011 وايضا لكون المشرع المغربي في المادة 1 من قانون رقم 39.08 يتعلق بمدونة الحقوق العينية نص على انه ما لم يوجد نص يرجع الى الراجح و المشهور و ما جرى به العمل من الفقه المالكي ، وبطبيعة الحال بالإضافة إلى أن ذلك مأخوذ من باب أولى وأحرى مما جرى به العمل، وكذا من الأصل العام في التوثيق العدلي الذي هو ذا مرجعية اسلامية هو الإباحة والجواز لتلقي كل الشهادات، استنادا إلى المادة 32 المذكورة، حتى يرد مانع قانوني أو شرعي يحول دون ذلك.
غير أن اختصاص العدول موضوعيا وحدهم في توثيق الشهادات المتعلقة بالعقار غير المحفظ، لا يعني اشتراط إشهادهم عليه تحت طائلة عدم الاعتداد بتوثيق عقود هذا العقار من طرف غير العدول، وإنما يعني فقط أن سواهم ممن لهم الصبغة الرسمية في تلقي العقود، لا حق لهم في تلقي الرسوم المتعلقة به إلا بنص خاص.[1]
كما يستأثر العدول الموثقون بإقامة رسوم ملكيات للعقارات التي لا يتوفر اصحابها على سندات بناء على شروط الحيازة الإستحقاقية و الإدلاء بشواهد إدارية من السلطات المحلية تنفي الصيغة الجماعية أو الحبسية.
كما انه يستأثر العدول الموثقون بتوثيق عقد الحبس و هكذا نصظهير شريف رقم 1.09.236 صادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) يتعلق بمدونة الأوقاف في المادة 25 منه على اهلية العدول الموثقون على تلقي عقود الحبس.
كما يستأثر العدول الموثقون بتوثيق عقد الاتفاق بين نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها و ذلك طبقا للمادة 42 من ظهير شريف رقم 254-81-1 صادر في 11 من رجب 1402 بتنفيذ القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت (ج. ر. بتاريخ 3 رمضان 1403 – 15يونيه 1983).
كما يستأثر العدول الموثقون بالحضور إلى مكان تنفيذ عقوبة الإعدام على مسلم وتوثيق تنفيذ العقوبة طبقا للمادة 603 من قانون المسطرة الجنائية المغربية
4- اختصاصهم في شهادات مختلفة:
يختص العدول في الشهادة على تصرفات وعقود أخرى أو تلقي الشهادات لإثبات انعقادها، غير أنه لا يشترط في إنشائها أن يكون بواسطة الإشهاد العدلي، إذ لا يمكن أن تنشأ بواسطة الورقة العرفية أو غيرها، ونذكر من ذلك ما يأتي:
v الشهادة أو تلقي الشهادة بإثبات النسب و توثيقها ، (المواد: 158-160-162- من م.أ).
v الشهادة على الوصية أو التنزيل والرجوع فيهما، أو تلقي الشهادة لإثبات ذلك، (المادتان280-296- من م.أ.).
كما يختص العدول الموثقون ايضا بتوثيق الأصول التجارية طبقا للمادة 81 من مدونة التجارة و ايضا تقديمه كحصة في شركة و توثيق رهن الاصل التجاري وايضا توثيق عقد التسيير الحر للأصل التجاري و على العموم تخضع المادة التجارية لحرية الإثبات. غير أنه يتعين الإثبات بالكتابة إذا نص القانون أو االتفاق على ذلك. بمعنى ان العدول الموثقون لهم الصلاحية في توثيق مختلف العقود و الإتفاقات التجارية التي يريد اطرافها إضفاء طابع الرسمية عليها و خاصة ذلك الطابع الإسلامي الذي يبدأ بالبسملة و الحمدلة لجلب التيسير و البركة
كما انه يختص العدول بتوثيق إنشاء الشركات كيفما كان نوعها شركات الأشخاص او شركات الأموال و ايضا تفويتها او إدماجها و مهما كانت جنسية أطرافها شريطة احترام البنود الخاصة في هذا الميدان
5- اختصاصات إدارية مرتبطة بمهامهم:
من هذه الاختصاصات ما نصت عليه المادة 17 من قانون خطة العدالة المذكورة ( التوثيق العدلي )سالفا، اي قيامهم بالإجراءات المتعلقة بالتسجيل والتنبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية او القيام باجراءات الشهر و التبليغ وغيرها من الإدارات والمؤسسات العمومية أو الشبه عمومية أو الخاصة، وذلك في حالة ما إذا كلفوا بها من طرف المتعاقدين و في هذا المجال حرصت الهيئة الوطنية للعدول الموثقين لضمان تقديم خدمة معنوية عامة لمستهلكي القانون و أيضا تكريسا للأمن التعاقدي على تقديم مقترح لوزارة العدل و الحريات جاء فيه(يجب على العدل الموثق أن يقدم نظائر العقود التي تلقاها بمكتب التسجيل المختص لاستيفاء إجراءات التسجيل وأداء الواجبات في الأجل المحدد و إنجاز الإجراءات الضرورية للتقييد بالمحافظة العقارية و أداء الضريبة و كذا الإجراءات البنكية و غيرها وتودع المبالغ التي تسلمها العدل الموثق على سبيل الوديعة في حساب مفتوح في اسمه بصندوق الإيداع و التدبير أو الخزينة أو البريد و الذي سينظم تسييره بنص تنظيمي)
بقي أن أشير هنا إلى أن المشرع المغربي أناط بعض اختصاصات العدول[2]، بالنسبة إلى المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، بالسفراء والقناصل والأعوان الدبلوماسيين المنتمين إلى السلك الديبلوماسي المغربي العاملين بالخارج، وذلك طبقا لموجبات ومقتضيات الفصل الثاني من ظهير الشريف رقم 421.66 الصادر في 8 عبان 1389-20 أكتوبر 1969 – المتعلق باختصاصات الأعوان الديبلوماسيين والقناصل العاملين بالخارج، وكذا الفصول من 38 إلى 51 من المرسوم التطبيقي له رقم 2.66.646 بتاريخ 21 ذي القعدة 1389- 29 يناير 1970-
إن خير ما يمكن أن نختم به هذا المطلب هو تشريف العدول بتوثيق عقد البيعة الذي يجمع ما بين أمير المؤمنين و المواطنين المغاربة و إنه لشرف عظيم للسادة العدول الموثقون.
بعض سرد عينة قليلة من اختصاصات العدول الموثقون لأنه يصعب نظريا حصر اختصاصات العدول الموثقون لكون لهم الولاية العامة في التوثيق الرسمي للتصرفات و المعاملات المنصبة الأحوال الشخصية أو المدنية أو العقارية أو التجارية و أيضا إتباث وقائع و تحضير وسائل الإتباث.. يمككنا أن نقارنها باختصاصات الموثقين في الدول الأجنبية و هكذا و بحسب بعض مواقع زملائنا الموثقين في فرنسا نجد ان اختصاصهم يتوافق مع اختصاصاتنا نحن العدول الموثقون
Le notaire, conseil des familles
Mariage, donations, successions, le notaire est un spécialiste du droit de la famille. Il conseille à tous les moments clefs de la vie personnelle et familiale : mariage, Pacs, achat à deux, adoption, séparation, divorce, partage des biens, protection des personnes vulnérables, donations, successions…
Il est toujours utile d’avoir recours à ses conseils, même quand bien même son intervention n’est pas obligatoire. En effet, en fonction de la situation familiale ou patrimoniale de chacun, le notaire aide les particuliers à choisir les bonnes solutions, et à les mettre en œuvre, en toute sécurité.
Le notaire spécialiste de l’immobilier
Le notaire est un professionnel particulièrement averti de l’immobilier. Il conseille ses clients et rédige des actes de la vente immobilière la plus courante, à la transaction immobilière la plus complexe.
En matière immobilière, le notaire est seul habilité à dresser des actes authentiques et à pouvoir effectuer les formalités de publicité foncière au Bureau des Hypothèques.
Cette mission spécifique confiée aux notaires implique des contreparties importantes, à la charge de la profession, notamment la création et à la diffusion d’informations statistiques sur la situation du marché immobilier.
Il intervient autant en matière de droit immobilier, que de copropriété, d’urbanisme, de construction, de société civiles immobilières, de fiscalité immobilière, de droit rural
و انطلاقا مما سبق يمكن القول أن العدل في المغرب هو الموثق الحقيقي طبقا للانظمة القانونية في العالم فكيف يحرم من صفة العدل من صفة موثق و الحال أن المهني الأخر في المغرب قاصر على تعميم خدماته إلى مجالات حيوية و التي تعتبر هي الأس الذي جاء التوثيق الرسمي لحفظها
المطلب الثاني :علاقة العدول الموثقون بالتوثيق
كما هو معلوم لقد شنت بعض الفئات المحسوبة حملة عشواء على السادة العدول الموثقون و رفع يافطة التكوين كون ان المهني الأخر تكوينه أكثر صرامة من العدل الموثق و الحال أنها كلها تبريرات واهية لا تستند إلى دليل كون تلك الجهة المعروف عنها في ظل القانون القديم و لا الحالي انه لم يسبق لها خضعت لتكوين أكاديمي من طرف معهد عمومي معترف به بل يمكن القول ان تكوين بعض المهنيين في الجهة الأخرى كان أقرب إلى نظام السخرة منه إلى تكوين أكاديمي كون المتمرن السيئ الحظ يقضي سنوات في خدمة مهني يستغله أيما استغلال في قضاء مصالحه المادية ورغامه على التنقل إدارة إلى إدارة لمدة فاقت في بعض الحالات عشرات السنوات فإذا ما تم اعتبار سنوات السخرة كمعيار للكفاءة فيمكن القول أن مأمور الإجراءات الذي استغل مدة عشرون سنة أكثر كفاءة من مهني ممارس تمرن أربع سنوات .
 بينما في المقابل خضع العدول المتمرنين لتكوين أكاديمي في المعهد العالي للقضاء على أيدي فقهاء قضاة مشهود لهم بالكفاءة و قد كان الهدف من هذا التكوين على لسان منسق التكوين الوكيل العام السابق لمحكمة الاستئناف أن يتم تكوين العدول لتقديم خدمات توثيقية ذات جودة عالية تتماشى مع معايير الأنظمة العالمية بذلك تم التنسيق بين المعهد العالي للقضاء و مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل و الهيئة الوطنية للعدول برمجة مجموعة من الحصص التكوينية تتمحور حول ما يلي
 المحور العام : مرتبط باعداد العدل بصفته مساعدا للقضاء ( التعريف بخطة العدالة ، أحكامها العامة طبيعتها و كيفية ممارستها ، شروط الانخراط فيها وواجبات العدول
 المحور القانوني و المسطري ( انظر قائمة المواد المدرسة للعدول المتمرنين )
 مواضيع التكوين
 بلغ عدد المواضيع المبرمجة 132 موضوعا وهي كالتالي:
 التنظيم القضائي
 هيكلة المحاكم (الرئاسة)
 هيكلة المحاكم (النيابة العامة)
 الاختصاص المكاني والنوعي للمحاكم
 خصائص المحاكم المختصة
 المبادئ العامة للتقاضي
 القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحاكم
 الاختصاص النوعي لأقسام قضاء الأسرة
 قاضي التوثيق والقاضي المكلف بشؤون القاصرين
 الاختصاص المكاني لأقسام قضاء الأسرة
 النيابة العامة بأقسام قضاء الأسرة
 الطبيعة القانونية للعدل – مهام العدل مكانيا ونوعيا-
 مهام الناسخ
 فقه التوثيق
 مصطلحات علم التوثيق
 التعريف بالرسوم العدلية
 الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية لنظام التوثيق
 المقتضيات القانونية المنظمة لخطة العدالة
 التوثيق العصري والتوثيق العبري
 العدل والمهن القانونية والقضائية
 مهام العدل والإدارة العمومية
 العدل والشهادة العدلية الأصلية
 العدل والشهادة العدلية الاسترعائية-( الشهادة العلمية، شهادة الاستغفال)
 شهادة اللفيف، قواعدها الفقهية والتوثيقية
 كيفية تلقي الشهادة وقواعد الاعتذار وإصلاح الأخطاء
 القيود القانونية في تحرير الرسوم العدلية
 الإجراءات الإدارية في الوثيقة العدلية
 إجراءات منح الشهادة الإدارية وحرص العدول على تضمينها
 ديباجة الوثيقة العدلية
 بيان الوثيقة العدلية(موضوعها، محل الشهادة مستندها،هوية الأطراف،مستند علم الشهود..)
 بيانات مذكرة الحفظ (رقمها، ماسكها، عدد الشهادة، الصفحة…)
 مسطرة العطف والإشهاد بين العدول –العوارض والمسطرة المتبعة-
 قواعد ومراحل تضمين الشهادة العدلية وحفظها بسجلات التضمين
 التعريف بشكل العدل من خلال مذكرة الحفظ ومذكرة التضمين
 إجراءات الخطاب على الشهادة العدلية وصيغها
 نظير الشهادة العدلية ونسخها واستخراجها
 العدل وقاضي الأسرة
 وثيقة عقد الزواج فقهها وقواعدها التوثيقية- (الإجراءات الإدارية والشكلية)
 عقد الوكالة في الزواج ،الزواج المختلط- زواج حاملي السلاح: بيان فقهها وقواعدها التوثيقية، الإجراءات الإدارية والشكلية
 وثيقة الاتفاقات المرتبطة بالزواج -(تدبير الأموال، الشروط الخاصة…)
 أنواع الطلاق والتطليق
 وثيقة الطلاق: الإتفاقي، الخلعي، المملك… فقها وتوثيقا
 وثائق النسب وبيان فقهها وقواعدها التوثيقية
 وثيقة الإقرار ببنوة وبيان فقهها وقواعدها التوثيقية
 المواريث فقها وقانونا
 شروط وموانع الإرث وأصناف الورثة
 تأصيل الفرائض وتصحيحها
 وثائق الإراثة، فقهها وقواعدها التوثيقية
 إحصاء المتروك، فقهه وقواعده التوثيقية
 تصفية التركة، مسطرتها، قسمتها، تسليمها
 وثائق العول والرد
 المسائل الخاصة ( مسألة المعادلة، مسألة الأكدرية والغراء…) تطبيقات
 وثائق الأهلية والنيابة الشرعية- فقها وتوثيقا
 الأهلية والحجر والرقابة القضائية
 الوصية والوصية الواجبة والتنزيل
 وثيقة الإيصاء، فقها وتوثيقا
 العمل الإرثي في الوصية الواجبة
 المناسخات- العمل الإرثي في المناسخات
 العمل القضائي بشأن الأحكام والرسوم الأجنبية -المتعلقة بالزواج وفسخه، الإيصاء والإرث
 أحكام العقار في الفقه الإسلامي
 أحكام العقار في القانون الوضعي
 التصرفات المتعلقة بالعقار بين الشكلية وقواعد الموضوع
 توثيق التصرفات العقارية
 أحكام العقار العادي
 أحكام العقار في طور التحفيظ
 أحكام العقار المحفظ
 الحقوق العينية الإسلامية (- حق العمري – حق الزينة – الجزاء- حق الهواء والتعلية – حق السطحية)
 الأحكام الخاصة المتعلقة بالوقف – قراءة في مدونة الأوقاف
 الأحكام الخاصة بأراضي الجموع وأراضي الكيش
 أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي
 أحكام عقد الشفعة وكيفية تلقي الشهادة وعوارضها
 أحكام عقد البيع بالصفقة
 الأحكام العامة للتبرعات (الصدقة-الهبة)
 القواعد الشكلية والموضوعية لرسم الهبة والصدقة (العمري، الرقبي المنحة، والعرية )
 الوديعة، القرض، الوكالة …
 القواعد الشكلية والموضوعية لرسم العمري…
 التبرعات بين العقار العادي والعقار في طور التحفيظ والعقار المحفظ
 العمل القضائي حول الحيازة في عقود التبرع
 الحيازة مصدر من مصادر الملكية
 الحيازة التصرفية والحيازة الاستحقاقية
 الشروط الشكلية المتطلبة في إقامة الوثيقة العدلية في الحيازة
 شروط الحيازة في العقار العادي، العقار غير المحفظ، العقار المحفظ
 تطبيقات حول الحيازة في العقار
 لحقوق العينية المتفرعة عن الملكية -حق الانتفاع، حق الإرتفاق
 حق الاستعمال والسكنى والكراء الطويل الأمد…
 الحقوق العينية التبعية: الرهن الرسمي الحيازي العقاري، الرهن الحيازي العقاري …
 مسطرة التحفيظ العقاري
 الشكليات المتطلبة لتقديم مطلب تحفيظ عقار
 خصوصية تقديم مطلب للتحفيظ
 أطراف مسطرة التحفيظ العقاري
 القيود الواردة على تقديم مطلب تحفيظ عقار
 التحفيظ العقاري والضمانات القانونية
 تطبيقات: الحقوق العينية على عقار غير محفظ – على عقار في طور التحفيظ
 تطبيقات: الحقوق العينية على عقار محفظ
 العدل والقانون المتعلق بالتعمير
 العدل والقانون المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات
 العدل والأملاك الفلاحية القروية والأملاك المخزنية
 العدل والتصرفات المتعلقة بالملكية المشتركة للعقارات المبنية
 العدل ومسطرة بيع العقارات في طور الإنجاز
 العدل وعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار وعقد البيع النهائي
 مسطرة تفويت العقارات للأجانب
 العدل والسجل الوطني للأملاك العقارية
 حقوق العدل في النصوص المنظمة لخطة العدالة
 واجبات العدل في النصوص المنظمة لخطة العدالة
 سلطة الوصاية، سلطات المراقبة والتفتيش الأعمال والإجراءات المباشرة من العدل
 مظاهر مراقبة القاضي المكلف بالتوثيق لخطة العدالة
 علاقة العدول فيما بينهم
 المجلس الوطني للعدول وأجهزته المختلفة
 المجلس الجهوي للعدول، تركيبته، الإختصاص والمهام
 قواعد السلوك
 حماية خطة العدالة
 الإجراءات الحمائية للعدل عند التلقي
 المسؤولية المدنية والجنائية للعدل
 العمل القضائي بخصوص مسؤولية المرفق العمومي عن أخطاء العدل
 تأديب العدل
 مسطرة التأديب، جهة التظلم، جهة الطعن
 العمل القضائي بخصوص تأديب العدول
 طرق التواصل
 المنهجية والخصوصيات
 لعدل وتقنيات التواصل مع المحاكم
 العدل وتقنيات التواصل مع مساعدي القضاء
 العدل وتقنيات التواصل مع الإدارات العمومية
 العدل وتقنيات التواصل وطالبي الشهادات
 العدل والتقنيات الحديثة للتواصل
 تطبيقات عملية حول التقنيات الحديثة للتواصل
 تقنيات تدبير وحفظ الوثائق والمستندات
 مسؤولية العدل على الوثائق والمستندات
 تقنيات ضبط ومعالجة المراسلات الرسمية
 مسك الحسابات بمكتب العدل
 تصفية وتسيير مكتب العدل
 خطة العدالة والقوانين الخاصة- (الضرائب، التسجيل…)
 المناشير والدوريات المتعلقة بالتوثيق وخطة العدالة .
بعض التطرق إلى تكوين العدول الموثقون بقي التساؤل مطروح هل العدل هو موثق أم أن القاضي المكلف بالتوثيق هو الموثق ؟ لأنه كثيرا ما يتم ترويج عبارة أن العدل مجرد شاهد و خير ما يمكن الاستشهاد في هذا المجال إدراج حكم صادر عن محكمة النقض حيث جاء في القرار عدد 1458 الصادر بتاريخ 22 ابريل 2009 في الملف عدد1797/1/3/2008 ( باسم جلالة الملك حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم 2534/2007 الصادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 11/07/2007 في الملف رقم 1477/2006/1 أن المدعية حروقي فاطمة بنت حدو أصالة عن نفسها وبصفتها مقدمة عن محجوزها ابنها بوضاض مصطفى تقدمت بمقال تعرض فيه أن زوجها بوضاض موحى توفي وخلف لها ولباقي الورثة الفدان البوري المسمى ….. من تفلالت وأن المدعى عليه وكحي محمد بن حدو ترامى على الفدان المذكور وكان قد أقام دعوى ضدها بالإشهاد بالبيع انتهت بصدور قرار استئنافي قضى بعدم قبول دعواه وبأنه لا زال ……. الفدان المذكور ملتمسة الحكم بإفراغه هو ومن يقوم مقامه وتعيين خبير لتحديد قيمة استغلاله وحفظ حقها لتقديم مطالبها أجاب المدعى عليه بأنه يجوز ويتصرف فيما انتقل إليه عن طريق الشراء من موروث المدعية ومن معها المرحوم بوضاض موحى الحسين والتمس رفض الطلب وفي مقاله المضاد الحكم على المدعية أصالة عن نفسها ونيابة عن محجوزها بوضاض المصطفى وفي مواجهة يطو الحاج وبوضاض موح وسكور بأن يشهدوا له ببيع الفدان موضوع النزاع وبعد إجراء خبرة وتعقيب الأطراف عليها قضت المحكمة بإفراغ المدعى عليه وبأدائه استغلال الفدان المذكور عن السنوات من 18/03/1983 إلى 18/03/1995 ورفض الطلب المضاد استئنافه المحكوم عليه بسبب أن الحكم لم يجب عن كونه الحائز والمالك والمتصرف في البلاد موضوع النزاع منذ أن كان موروث المستأنف عليهم قيد الحياة ولم يناقش حجته المتمثلة في الاعتراف بالبيع والذي حرر على إثره القاضي المكلف بشؤون القاصرين محضرا بتاريخ 13/03/1995 وبعد انتهاء الإجراءات قررت المحكمة رفض الطلب الأصلي طعنت فيه حرقي فاطمة بالنقض فقضى المجلس الأعلى بنقض القرار بعلة أن الكتابة شرط لصحة البيع في العقار لا وسيلة لإثباته وبعد الإحالة وإدلاء الطرفان بمستنتجاتهما وانتهاء الإجراءات قررت المحكمة تأييد الحكم المستأنف وهذا هو القرار المطعون فيه بمقتضى مقال طلب النقض.
بشأن الوسيلة الأولى
حيث يعيب الطاعن على القرار خرق مبدأ نسبية الأحكام ذلك أن إحالة القضية للبث فيها من جديد على المحكمة لا يعطيها حق إسقاط أحد الأطراف الرئيسيين وهو ابن المطلوبة بوضاض المصطفى الذي أصبح راشدا من جهة ومن جهة أخرى فإن ما عابته المستأنف عليها من إدخال شريكتها زوجة الهالك الأولى وهذا خرق يضر به وكذا بأطراف التنفيذ.
لكن حيث من جهة فإن إغفال ذكر أحد الأطراف بديباجة القرار هو خطأ مادي يخول للمتضرر منه طلب إصلاحه طبقا للفصل 26 من قانون المسطرة المدنية ولا يعد سببا من أسباب النقض والثابت من القرار المطعون فيه أنه أشار في تعليله أن النزاع بعد الإحالة أصبح محصورا بين السيد ركاحي محمد مستأنفا والمستأنف السيدة حروقي فاطمة بنت حدو والسيد المصطفى بوضاض وبذلك فإنه لم يسقط الطرف المذكور من الدعوى وإنما أغفل فقط الإشارة إليه في ديباجة القرار من جهة ثانيةفإن الوجه الثاني للوسيلة مبهم وغامض ولم يتبين منه وجه النعي على القرار مما تبقى معه الوسيلة غير مقبولة في هذا الشق ولا ترتكز على أساس في الوجه الأول.
بشأن الوسيلة الثانية
حيث يعيب الطالب على القرار خرق مقتضيات الفصل 489 ل ع ذلك أن تعليل المحكمة جانب الصواب كما لو أنه لا يتوفر على محرر مكتوب ثابت التاريخ ذلك أن القاضي الخطاب وهو قاضي التوثيق نفسه أشهد المطلوب ضدها الأولى أصالة عن نفسها ونيابة عن محجوزها ببيع أرض وورثتهما له ومحضر الإشهاد المحتج به ورقة مكتوبة وادرة عن جهة أعلى من الجهة المنتصبة لإشهاد وقاضي التوثيق هو الذي يخاطب على عقود العدول والقرار المطعون فيه لم يكن في محله لما غفل محضر السيد قاضي التوثيق وهو محرر مكتوب ثابت التاريخ صادر عن قاضي يعتبر ضابطا ساميا ومختصا للتصديق على عقود العدول وبذلك يكون القرار قد أساء التعليل.
لكن فطبقا للفصل 369 ق.م.م لإذا بث المجلس الأعلى في قراره في نقطة قانونية تعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف أن تتقيد بقرار المجلس الأعلى في هذه النقطة وأنه إذا كان من اختصاصات قضاة التوثيق المخاطبة على الرسوم التي يتلقاها ويحررها العدول حتى تكتسب الصفة الرسمية فإن ذلك لا يعني أن قاضي التوثيق يمكنه ممارسة خطة العدالة وبالتالي تلقي الاتفاقات وتحرير الشهادات والاشهادات وطبقا للفصل 423 ق.ل.ع فإن الورقة التي لا تصلح لكي تكون رسمية بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة، ولما كان الثابت من وثائق الملف أن قرار المجلس الأعلى عدد 784 بتاريخ 08/03/2006 قضى بنقض القرار الاستئنافي الصادر عن محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 27/05/1997 في الملف عدد 1965/96 بناء على أن الكتابة المنصوص عليها في الفصل 489 ق.ل.ع شرط لصحة العقد ونفاده بين الطرفين المتعاقدين لا وسيلة إثبات، والثابت كذلك أن المحضر المستدل به من طرف الالب لإثبات الشراء أنجز من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين بمحضر كاتب الضبط والذي تضمن حضور الطالب والطالبين وتصريح حروقي فاطمة وباقي ورثة بوضاض موحى والحسين بأن الفدان المسمى نقلالت القباب تم بيعه للطالب تم توقيعه من طرف القاضي فقط ولا يحمل توقيع الطرفين وبذلك لا يصلح لا ورقة رسمية ولا عرفية، والمحكمة لما استنتجت مما ثبت لها أعلاه أن المحضر مجرد إذن بإشهاد عقد البيع هذا الإشهاد الذي لم يتم فاعتبرت تبعا لذلك عدم قيام عقد البيع طبقا للفصل 489 ق.ل.ع تكون قد طبقت القانون والتزمت ما بت فيه المجلس الأعلى وركزت قضاءها على أساس فجاء قرارها معللا تعليلا سليما ويبقى ما بالوسيلة على غير أساس.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
السيد أحمد اليوسفي العلوي رئيسا والمستشارون السادة: سمية يعقوبي خبيرة مقررة وجميلة المدور ومحمد بن يعيش ومحمد تيوك أعضاء، وبضور المحامية العامة السيدة آسية ولعلوي وبمساعدة كاتب الضبط السيد بوعزة الدغمي.)
فانطلاقا من الحكم أعلاه يتجلى أن القاضي المكلف بالتوثيق ليست له صلاحية التوثيق و تلقي الاتفاقات مباشرة من الأطراف و بالتالي فان صلاحية التوثيق هي من اختصاص العدول الموثقون لان المشرع كلفهم بخدمة معنوية تتمثل في تحرير العقود وفق شكليات معينة و التحقق من كون التصرف لا يخالف النظام العام و أنه يوافق و يستجمع الشروط و الأركان المتطلبة لصحته كما أن للعدول الموثقون صلاحية التحقق من هوية و أهلية الأطراف و تصحيح إمضاءاتهم امام عينه مباشرة .
فإذا ما كانت ليست للقاضي المكلف بالتوثيق صلاحية التوثيق فهل يمكن القول أن العدل هو الموثق ؟ و بالتالي صلاحية حمل صفة العدل الموثق .
بناء على ما ذكر يعتبر العدول عندنا في المغرب شهودا وموثقون في آن واحد، إذ أنهم يكتبون العقود والاتفاقات التي يتلقونها ثم يشهدون عليها، فهم شهود من حيث إنهم يشهدون على عقود الأطراف واتفاقاتهم بواسطة ما يسمى بالشهادات الأصلية، أو يشهدون من علمهم لإثبات تصرفات ووقائع حصلت أمامهم بواسطة ما يسمى بالشهادات العلمية، وهم في نفس الوقت موثقون لذلك كله، من حيث إنهم يكتبون ما يشهدون به في مذكرات وسجلات ووثائق ومحررات وفقا لأشكال خاصة حددها الفقه والقانون، وكذا من حيث إنهم إنما يكتبون – ولا يشهدون – ما يشهد به أمامهم شهود من عامة الناس على ما يعرف بشهادة اللفيف.
لأجل ذلك سموا في التاريخ الإسلامي بالعدول الشهود، كما سموا بالموثقين، وقد جرت التسميتان معا على لسان فقهائنا وعلمائنا، وذلك من خلال كتاباتهم ومؤلفاتهم التي مازالت تعد ليومنا الحالي مرجع مهم للعدول الموثقين و القضاة و سائري المهتمين بالتوثيق ، ولذلك فتسمية العدل بالموثق تسمية فقهية تاريخية بدون منازع، ولا يستطيع أحد أن ينازعه فيهاما دامت كتب علمائنا مليئة بهذه التسمية.
غير أنه بالرغم من ذلك وبحكم الضغوط و اللوبيات المساندة للجهة الاخرى هذا الضغظ
هو الذي حدا بوزارة العدل إلى إصدار المنشور عدد 18693/2 وتاريخ 25-5-1987، في موضوع عدم جواز إطلاق تسمية “الموثق” على “العدل”، هذا بالإضافة إلى أن تسمية “الموثق” أصبحت تطلق على من يعين للتوثيق في إطار التوثيق الفرنساوي ي بالمغرب، وذلك لتتميز كل فئة باسم خاص ليتم التخاطب معها بشكل واضح، مع العلم أن هذه التسمية لا تخول امتياز للموثقين، بدليل أن بعض هؤلاء أنفسهم يطلقون على أنفسهم تسمية “عدل موثق أو موثق عدل”، اعتقادا منهم أن إضافة صفة “عدل” إلى تسميتهم ستزيدهم شرفا وشهرة.
ومن باب إحقاق الحق ، أرى أنه كان من الأجدر أن يمنع هؤلاء من إضفاء هذه صفة عدل عليهم .
اما بخصوص العدول فالمشرع المغربي يشير إلى شيء من جواز أن يطلق العدول على أنفسهم هذا الاسم، وذلك من خلال التنصيص على أن العدول يمارسون مهام توثيقية، أو أنهم يزاولون مهنة التوثيق، (المادة 9 من المرسوم التطبيقي لقانون خطة العدالة)، ولذلك نجد الإعلام و رجال القانون يسمون العدول تارة بالعدول الشهود، وتارة أخرى بالعدول الموثقين، هذا مع العلم أن التسميتين لا تكاد تكون إحداهما مترادفة للأخرى من حيث المعنى اللغوي والمقاصدي، فكلا التسميتين تشير إلى عنصري الثقة والائتمان، وإن كان بينهما عموم وخصوص، فكل عدل موثق وليس كل موثق عدل، وذلك لأن العدل يشهد ويكتب، بينما الموثق يكتب ولا يشهد. و هذا ما حذا بهيئة العدول الى تقديم مقترح لوزارة العدل و هو ما توا فقت عليه لجنة العدول المشاركة في الحوار مشكورة و اللجنة المعينة من طرف وزارة العدل و التي تضم قضاة رؤساء أقسام و رؤساء محاكم الاستئناف و الوكلاء العامون و بعض الأطر العالية المنتمية إلى وزارة المالية و صندوق الإيداع و التدبير حيث جاء في جدول مراجعة القانون رقم 16.03 على ضوء توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة و ما صاغته اللجنة في المادة 1( تمارس مهنة التوثيق العدلي بصفتها مهنة حرة حسب الاختصاصات والشروط المقررة في هذا القانون و في النصوص الخاصة, و يعتبر العدول الموثقون من مساعدي القضاء.)
و بعيدا عن التسمية و هي العدل الموثق والتي هي تحصيل حاصل لأنها مكسب تاريخي و واقع ملموس يثار سؤال اخر حول هل تتنافى مهنة العدل الموثق مع الموثق الخاضع للقانون 32.09 إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي سرد النصوص القانونية و قراءتها بتمعن و هكذا نجد أن المشرع المغربي نص في المادة 4 من القانون رقم 32.09
(تتنافى مهنة التوثيق مع كل نشاط من شأنه أن يمس بطبيعتهاوخاصة:
– جميع الوظائف الإدارية والقضائية.
– مهن المحامي والعدل والخبير المحاسب والمفوض القضائي ووكيل الأعمال والوكيل العقاري.
– مهام الخبرة القضائية.
– كل نوع من أنواع التجارة سواء زاولها الموثق مباشرة أو بصفة غير مباشرة.
غير أنه يمكن للموثق التوقيع على الأوراق التجارية لأغراض مدنية:
– مهام مدير شركة تجارية وحيد أو عضو مجلس إدارتها المنتدب أو مسيرها أو شريك في شركة التضامن.
– كل عمل يؤدى عنه أجر باستثناء النشاطات العلمية والأدبية والفنية.
يتعرض للعقوبات التأديبية كل موثق يمارس وهو في حالة التنافي) بمعنى أن المشرع المغربي حظر على الموثقين ممارسة مهام العدول بينما نجد أن المشرع المغربي نص في المادة 22 من خطة العدالة ( التوثيق العدلي )
(تتنافى خطة العدالة مع الوظائف العمومية، ومهام المحامي والعون القضائي والوكيل العدلي ووكيل الأعمال والمستشار القانوني والخبير والترجمان والناسخ والسمسار، ومع كل نوع من أنواع التجارة يتعاطاه العدل شخصيا.
تتنافى الخطة بصفة عامة مع كل عمل يؤدى عنه أجر، باستثناء المهام الدينية والأنشطة العلمية المأذون له بها من قبل وزير العدل.
إذا تحققت حالة التنافي أسقط العدل من الخطة بقرار لوزير العدل. ) أي أن المشرع سكت عن حالة تنافي العدل مع مهام الموثق وهذا ما يعني الجواز و الإباحة بل أن المشرع المغربي نص في المادة 9 من مرسوم رقم 2.08.378 صادر في 28 من شوال 1429 (28 أكتوبر 2008)
بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة
( يقضي العدل المتمرن فترة التمرين المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة المشار إليه أعلاه، بالمعهد العالي للقضاء وبتنسيق مع مديرية الشؤون المدنية؛
تشتمل هذه الفترة على:
‌أ) طور للدراسات والأشغال التطبيقية بالمعهد العالي للقضاء مدته ستة أشهر ، ويرمي إلى تأهيله لمزاولة مهنة التوثيق بواسطة تعليم خاص ؛ يشمل على الخصوص المقتضيات القانونية المنظمة لخطة العدالة ؛ وكيفية تلقي وتحرير مختلف الشهادات ؛ والإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتمبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية ؛ والتعمير والأراضي الفلاحية ؛ مع القيام بزيارات ميدانية إلى المؤسسات المعنية .
‌ب) تدريب بقسم قضاء الأسرة مدته….. …….) و أسطر هنا بخط عريض على عبارة مزاولة مهنة التوثيق و بالتالي فلا حجة للقول للجهة الأخرى أن العدول الموثقين يتطاولون على إختصاصهم مادام أن المشرع هو من أسند مهمة مزاولة مهنة التوثيق للعدول ولا يعني هذا الكلام الشك في الموثق والنيل من كفاءته . فحسن الظن بالخلق و النظر إليهم بنظرة التعظيم من الأسس التي تبنى عليها عقيدة المسلم و إنما المسالة تفوق ذلك بكثير إلى ما هو أسمى متعلق بالدين و الوطن كون نظام التوثيق العدلي كان هو السائد وحده سائدا في المملكة المغربية و يستمد سموه من المرجعية الإسلامية – إلى جانب العمل ببعض العقود التي كانت تكتب بخط اليد في حالات نادرة إن ثبت الخط على صاحبه – في ربوع بلدنا، شمالها وجنوبها شرقها وغربها وفي تخوم صحرائنا، إلى أن ابتلينا ببلية الاستعمار الغاشم، وفرضت فرنسا حمايتها على المغرب، ولما كانت للسلطة المستعمرة أطماع في تمليك الأراضي الفلاحية المغربية للأجانب عامة والفرنسيين خاصة بغية ترسيخ وتعميق الاستيطان بالمغرب، ولما كان العدول الموثقون المغاربة يرفضون للمستعمر إقامة رسوم الملكيات على هذه العقارات، فكرت السلطة المستعمرة في استحداث أنظمة بديلة تواجه بها هذا النظام الأصيل، وتساعدها في آن واحد على تحقيق مرادها وبسط يدها الغاصبة على خيرات البلاد، وتعطي لرعاياها الفرنسيين الامتيازات الخاصة على جميع المستويات، فلم يكن أمامها من سبيل سوى وضع قانون التحفيظ العقاري، ادعت –ظاهريا- أنه يقضي على تناقضات الرسوم العدلية ويعطي للملكية العقارية حماية مطلقة. [3]
فكان هذا القانون أقوى صفعة وجهها المستعمر للتوثيق العدلي ولكن بطريقة غير مباشرة، لأن نظام التحفيظ العقاري في حد ذاته له إيجابيات وحسنات متعددة لا يستطيع أحد إنكارها، وبالتالي لم تكن الرغبة في مضايقة التوثيق العدلي هي وحدها التي دفعت المستعمر إلى سن التحفيظ العقاري.
ثم بعد ذلك توالت ما سميت أنداك بالإصلاحات التشريعية والقضائية -والتوثيق العدلي جزء منها بطبيعة الحال- إلى أن صدر ظهير 4 مايو 1925 يتعلق بتنظيم شؤون محرري الوثائق “الفرنساويين”، الذي استمر العمل به في بلادنا على أساس أنه ينظم مهنة الموثقين الفرنسيين بالمغرب، وبعد الاستقلال وصدور قانون التوحيد والمغربة والتعريب سنة 1965 أصبح يسمى بالتوثيق “العصري”، واقتصر عمليا على الموثقين المغاربة، فصار بذلك لبلدنا المغرب ازدواجية في التوثيق الرسمي.[4]
وقد شكل هذا القانون – الذي وضعه المستعمر لحماية مصالحه وأهدافه الاستعمارية-، الضريبة القاسية للتوثيق العدلي في محاولة لمضايقته والظهور عليه بمظهر التفوق والتنظيم والسرعة في الإنجاز والعصرنة ومسايرة التطور والتحديث أولا، ثم إلغائه واستبداله به في الفق ثانيا، وذلك على غرار ما فعل بغيره من الأنظمة القضائية الإسلامية العربية المغربية الأصلية الأخرى، ولكن المحاولة لم يكتب لها النجاح- على الأقل لحد الآن- لتبقى المنافسة بينهما على أشدها، البقاء فيها للأنفع والأصلح للمجتمع المغربي المسلم الأصيل، في انتظار إلغاء ما هو غير شرعي ووطني، أو التوفيق بينهما على الأقل في إطار منظومة متكاملة شاملة تقوم على الأسس والمقومات الشرعية والوطنية الأصلية.
التوثيق “العصري”[5]
إذا كان التوثيق العدلي يتميز بكون قواعده العامة والخاصة مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الفقه الإسلامي على المذهب المالكي وفق التقاليد المغربية الأصلية، فإن التوثيق “العصري” على العكس من ذلك، حيث إن قواعده العامة والخاصة مستمدة من الفكر البشري المحض وخاصة الفكر الغربي الفرنسي، ولا يعكس الأصالة المغربية في شيء، وبالتالي فقواعده تختلف كلية عن القواعد التي تحكم التوثيق العدلي من حيث المرجعية والتطبيق العملي، ويتجلى ذلك على الخصوص فيما يلي:
أولا: تسميته ب”العصري” وأبعاد ذلك:
قبل أن أدخل في تبيان الفروق الجوهرية التي تميز التوثيق “العصري” عن التوثيق العدلي بشيء من التفصيل، لا بد من الإشارة إلى أن لفظة “العصري” كلمة براقة جذابة، من أبعادها تلميع وتجميل هذا النظام المستورد وتزيينه للناس، عساهم يقبلون عليه ويفضلونه عن التوثيق العدلي الأصلي، إضافة إلى أن كلمة “العصري” تنطوي – في بعدها الاستعماري- على خدعة مكشوفة، لأنها توهم أن هذا التوثيق هو وحده القادر على مواكبة العصر ومسايرة المستجدات والمتغيرات.
هذا مع العلم أن مهنة التوثيق “العصري” هي نفسها أصبحت الآن تقليدية وقديمة قدم فرنسا من جهة، وقديمة في المغرب لأن لها أكثر من 83 سنة.
ومع الأسف الشديد يلاحظ على بعض الباحثين الأفاضل[6]، أنهم ساروا في هذا الاتجاه وكرسوه أكثر فأكثر، وصاروا يصفون التوثيق العدلي بوصف يقابل تلك التسمية ويناقضها، إذ باتوا ينعتونه ب “التوثيق التقليدي”، وهي تسمية محملة بعدة معان جلها يقلل من قيمة التوثيق الشرعي وينقص من مكانته، من هذه المعاني أنه أصبح توثيقا متجاوزا لا يقدر على التطور والمواكبة للمستجدات والمتغيرات، ومنها أنه إنما يوثق الأمور والقضايا التقليدية القديمة، ومنها معنى التقليد الذموم الذي يعطل الفكر ويجمد العقل، ويبعث على القدح والنقد، وذلك على الرغم مما قد يقال بأن ليس كل تقليدي مذموم، وكل عصري محبوب، لأن العبرة بالمعنى لا بالمبنى، والعرف الثقافي والمهني السائد في أوساط المهتمين والفاعلين، على أن التعبير بالتقليدي في مجال التوثيق العدلي هدفه التقليل من شأنه والتنقيص من قيمته، وعدم قدرته على مسايرة التطورات ومواكبة المستجدات، وهو في ذلك ليس مثل التعبير بالصناعة التقليدية في مقابل التعبير بالصناعة العصرية، لعدم وجود خلفيات في مثل هذه الحالة.
ولذلك يتمنى العدول الموثقون أن يتفطن الباحثون والمهتمون لهذه المعاني ويحجموا عن هذه التسميات، ويسموا كل واحد منها باسمه الحقيقي، كما يأمل أن ينتبه المشرع المغربي لهذه الأبعاد ويعمل على تجنبها في كل تقنين
المبحث الثاني: رسمية العقود و العدول الموثقون
المطلب الأول مهام العدول بمنظور قانون الإلتزامات و العقود
ز- وجد المسؤولون – المغاربة خاصة على ما يبدو – في نظام العدلين الكاتبين الشاهدين في آن واحد ما يخلصهم من الاضطرار إلى تعيين فئتين مشتركتين في عمل واحد، فئة الشهود وفئة الكتاب بالعدل ـو الموثقين، وفضلوا العمل بنظام العدلين الكاتبين الشاهدين في آن واحد، وأبقوه على شاكلته الأصلية، إلا أنهم مع الأسف تبنوا النظام التوثيقي الذي خلفه المستعمر وحافظوا عليه، بل كرسوا له الامتيازات الوافرة على حساب النظام التوثيقي الأصيل الذي بإمكانه أن يستوعب كل جديد، ويقبل أن يصبح متطورا ومسايرا للمستجدات ومواكبا للمتغيرات مهما كانت ظروف التطور والتجديد التحديث.
من المعلوم أن رسمية العقود التي ترتبط بمهام العدول لا تسند للوثائق العدلية إلا بعد خطاب القاضي طبقا للمادة 35 من خطة العدالة و معلوم ان للقاضي في الفقه الإسلامي له اختصاصين فالاختصاص الأول: قد نص عليه الفصل 418 من ق.ل.ع في فقرته الثانية على ما يلي: “وتكون رسمية أيضا: 1- الأوراق المخاطب عليها من القضة في محاكمهم …”، ي أنه أسند إليه مهمة الخطاب على الرسوم العدلية، وهذا غير صحيح ذلك أن النص الأصلي الصادر باللغة الفرنسية تضمن ما يلي:
« sont également authentiques : 1 : les actes reçus officiellement par les cadis ont leur tribunal … » فقد نص على تلقي القضاة لا على خطاب القضاة ونصت الفقرة الأولى من الفصل على تلقي الضباط العمومين لا على الموظفين العمومين، وقد ورد المصطلح في الفقرتين معا بمعنى واحد ويفيد استقبال الأطراف ومناقشة وتحرير وتلاوة العقد والتوقيع أي كل ما يتعلق بإنجاز الوثيقة ، وبعبارة أخرى أناط ق.ل.ع مهام إنجاز الوثيقة بالقاضي وحده، أي أنه خالف ما يجري به العمل في التوثيق العدلي، فما سبب هذا الموقف؟
لفقه الحماية رأيان في الموضوع:
– الأول لـ L.Milliot ففي نظره: الموثق في الإسلام هو القاضي.
– الثاني لـ J.Luccioni في نظره فقد وقع خلط للمشرع بين دور القاضي بالجزائر ودوره بالمغرب. ففي الجزائر يتلقى القاضي الشهادة شخصيا ويتولى إعداد المرسوم بمساعدة العدول الذين يقومون بدور الشهود فقط وهو ما كرسه الأمر الصادر بتاريخ 26/09/1842 الذي منح القاضي صفة الضابط العمومي ليضفي الصفة الرسمية على الوثائق التي يحررها. وبما أن التلقي ليس من اختصاص القاضي، فقد عوضت اللجنة التي كلفت بتعريب ق.ل.ع سنة 1965، المصطلح بكلمة الخطاب ليكون ملائما لاختصاصاته.[7]
الاختصاص الثاني: أناط الفصل 441 من ق.ل.ع بالقاضي مهمة الإشهاد بمطابقة النسخ لأصولها، ولم يتعرض في هذا الشأن لمهام العدلين والناسخ.
: الوثائق العدلية في النصوص الخاصة وق.ل.ع
لا تقتصر الاختلافات بين النصوص الخاصة و ق.ل.ع على الممارسين واختصاصاتهم بل إنها تشمل كذلك الوثائق الصادرة عنهم وخاصة ما يتعلق بطبيعتها القانونية وحجيتها.
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للوثائق العدلية في النصوص الخاصة وقانون الالتزامات والعقود:
يقصد بالطبيعة القانونية للوثائق العدلية مكانتها ضمن وسائل الإثبات في كل من النصوص الخاصة و ق.ل.ع.
الفرع الأول: الطبيعة القانونية للوثائق العدلية في النصوص الخاصة
ميز الفقه الإسلامي بين نوعين من الشهادات العدلية: شهادة أصلية وشهادة استرعائية:
يقصد بالأولى ما يمليه المشهود عليه على العدلين ويطلب منهما الإشهاد به.
وتفيد الثانية ما يمليه عليه الشاهد من حفظه ويسندها إلى علمه.
تناول الفقه الإسلامي النوعين معا في باب الشهادات، وكذلك الأمر بالنسبة للفقه الحديث[8] وتؤدى شفويا أو كتابة.
وعبر القانون رقم 16.03 وقبله القانون رقم 11.81 عنها بالشهادات، والعدول بالشهود، والأطراف بالمشهود عليهم محافظا بذلك على مفهومها الفقهي، إلا أنه اعتمد الأداء الكتابي دون الأداء الشفوي. وعن هذه الشهادة يقول أحد المختصين في الفقه الإسلامي:” وإذا كان المرسوم المؤرخ في 18 أبريل 1983 قد أوجب أن يضع المشهود عليه توقيعه أو بصمته في آخر الشهادة المكتوبة في مذكرة الحفظ، فإن ذلك لا يطعن في بالعدول، ولا يخرج شهادتهم عن مفهومها”
واعتبر الفصل 30 من القانون السابق المنظم لخطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها، الوثيقة العدلية التامة شهادة رسمية، ويختلف عنها في المفهوم كذلك، فقد نص عليها في الفرع الثاني من الباب الأول (القسم السابع) المتعلق بالإثبات بالكتابة. علما أنها تعتمد على الإقرار استنادا للفصل 516 من ق.ل.ع
المبحث الثاني: حجية الوثائق العدلية في النصوص الخاصة وق.ل.ع
لم يتعرض القانون رقم 16.03 لحجية الوثائق العدلية إذ أنه اعتبرها وثائق رسمية، فهل تخضع بسبب ذلك للمبادئ التي نص عليها ق.ل.ع في الموضوع أم أنها تخضع للمبادئ التي نص عليها الفقه الإسلامي باعتبارها شهادات؟
المطلب الأول: حجية الوثائق العدلية في النصوص الخاصة والفقه الإسلامي:
قسم الفقه الإسلامي الشهادات إلى شهادة أصلية وأخرى استرعائية.
تتضمن الأولى بيانات لها حجية تامة ومنها ما يشهد به العدلان بوقوعه في مجلس العقد بمحضرهما، وما يشهد به غيرهما ممن يقوم مقامهما وتاريخ التلقي والتحرير، وتتضمن كذلك بيانات أخر لا تتوفر على حجية كاملة وتشمل ما يعرف بالتلفيق وتصريحات الأطراف. واعتمد الفقه المذكور اللفيف باعتباره شهادة استرعائية للضرورة وخصه بقواعد متكاملة ومنها الاستفسار وتزكية الشاهد وتجريحه والرجوع في الشهادة وقواع الترجيح بين البيانات، وله دلالة ظنية.
ولم يتعرض القانون 16.03 لحجية الوثائق العدلية اكتفى بإضفاء الصفة الرسمية عليها بعد استكمال إجراءاتها لتكون بذلك خاضعة للمقتضيات الواردة ب ق.ل.ع، ولا يعني ذلك استبعاد النصوص التشريعية التي اعتمدها قانون توحيد القضاء وتعريبه ومغربيته، وهو ما يطرح إشكالية الجمع بينهما لاعتمادهما على مفاهيم مختلفة.
الفقرة الثانية: حجية الوثائق العدلية في ق.ل.ع
منح ق.ل.ع للوثائق العدلية كغيرها من الأوراق الرسمية الحجية المنصوص عليها بالفصول من 419 إلى 433 لتشمل بذلك نوعين من البيانات والوقائع:
– الأولى لها حجية قاطعة ولا يمكن استبعادها إلا بسلوك مسطرة الزور، وهي البيانات التي أثبتها الموظف العمومي كتاريخ الورقة ومكان تحريرها وتوقيعها.
– الثانية لها حجية عادية وقابلة لإثبات عكس ما ورد بها وهي البيانات والوقائع الصادرة عن الأطراف اعتمادا على إقرارهم والتي ليس في وسع الموظف العمومي أن يتحقق من صحتها، علما أن الطعن في الورقة الرسمية بسبب إكراه واحتيال أو تدليس أو صورية أو خطأ مادي، يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات ودون حاجة لسلوك مسطرة الزور.
– يستنتج من هذه المقتضيات أن ق.ل.ع نظم حجية الورقة الرسمية على أساس أنها كتابة ومنح بعض البيانات والوقائع الواردة بها حجية قاطعة وأخرى لها حجية عادية. ولا تتلاءم هذه المبادئ مع المقتضيات المنظمة للشهادات العدلية في النصوص الخاصة.
– وبالإضافة إلى ذلك نص الفصل 422 من ق.ل.ع على بطلان شهادة الاستغفال والورقة التي تتضمن تحفظا أو استرعاء مخالفا بذلك موقف الفقه الإسلامي منها. وعارض الفقه الحديث هذا الموقف اعتقادا منه أن المشرع قصد بالاسترعاء كل الشهادات الاسترعائية إنما فيها اللفيف الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة لإثبات العديد من الحقوق. ومعلوم أن لمصطلح الاسترعاء في الفقه الإسلامي مفهومان:
الأول واسع يقصد به كل الشهادات الاسترعائية.
الثاني ضيق ويفيد إيداع الشهادة عند عدلين على سبيل السر.
لم يستعمل ق.ل.ع الاسترعاء بالمفهوم الأول وإنما بالمفهوم الثاني بدليل النص الفرنسي الذي نص على: “Protestation secrète” أي البينة السرية.
يتضح مما سبق أن التوثيق العدلي يخضع بالإضافة إلى النصوص الخاصة به لقانون الالتزامات والعقود، ويختلف هذا الأخير عن الأولى في الأولى في الأشخاص الذي لهم صلاحية التوثيق واختصاصاتهم وفي الطبيعة القانونية للوثائق العدلية، وهو بالإضافة إلى ذلك يعاني من بعض الأخطاء التي لحقته بسبب سوء فهم للتوثيق العدلي أو بسبب تعريبه لم يكن دائما وفيا للنص الصادر بالفرنسية.
عموما إذا كانت النصوص الخاصة مقدمة على قانون الالتزامات والعقود باعتباره نصا عاما وبالتالي لا تأثير للاختلافات بينهما على الممارسين واختصاصاتهم، فإن الأمر يختلف بالنسبة للوثائق العدلية التي تخضع لقانون الالتزامات والعقود باعتبارها النص الوحيد الذي نظم حجية الأوراق الرسمية علما أنه اعتمد على المقتضيات التي نص عليها والتي تختلف عن مقتضيات النصوص الخاصة. وبعبارة أخرى نظم التوثيق العدلي بنصوص مختلفة وغير منسجمة بل ومتعارضة أحيانا. ونصوص من هذا النوع لا يمكن إلا أن تؤدي إلى ا يعرفه هذا التوثيق من تطبيقات وتحليلات غير منسجمة ومتعارضة. ويكفي الرجوع في هذا الشأن إلى مواقف القضاء والفقه من شهادة اللفيف للتأكد من ذلك. لذا لا بد ن مراجعة هذه النصوص مراجعة تكفل الانسجام فيما بينها خدمة للتوثيق العدلي والمتعاملين معه وللأمن التعاقدي عامة لكل تلك الأسباب فإن المشرع المغربي مطالب بالتدخل لملائمة قانون التوثيق العدلي مع قانون الالتزامات و العقود و رفع هذا التضارب و الغموض وهذا ما تسعى له لجنة العدول المشاركة في الحوار لولا فقاعات الخصوم الإعلامية والتي نتمنى أن لا تأثر على سير الحوار الجاد للارتقاء بالمهنة
المطلب الثاني . اشكالية خطاب القاضي المكلف بالتوثيق و رسمية العقود العدلية
.
تطرقت المادة 33 من خطة العدالة (التوثيق العدلي) إلى بيان كيفية تحرير الشهادة، ونصت على أنها تحرر تحت مسؤولية العدلين معا في وثيقة واحدة، أي أن العدلين يشتركان في تحرير الشهادة في ورقة واحدة فقط، لا أن يستقل كل واحد منهما بوثيقة، ولا أن تحرر الشهادة في وثيقة واحدة دون نظير أو نظائر كما قد يتبادر، لأنه قد يفهم البعض أنه لما أجاز القانون التلقي الانفرادي في حالة التعذر، فإنه يكون من الجائز للعدلين تحرير الشهادة في وثيقتين اثنين إذا كان تلقيهما لها في وقتين مختلفين،
1- لا ريب (كما تقول ديباجة القانون 16.03 بشأن خطة العدالة، المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 1.06.56 الصادر في 15 محرم 1427 الموافق 14 فبراير 206)، في أن خطة العدالة تعتبر محورا أساسيا في المنظومة القضائية، باعتبارها من المهن القانونية والقضائية التي تمارس في إطار مساعدة القضاء، بهدف توثيق الحقوق والمعاملات والحفاظ على الأموال والأنساب، بما يساعد القضاء من الفصل في الخصومات، وأنه من أجل ذلك حظيت خطة العدالة بعناية كبيرة ومكانة رفيعة في الفقه الإسلامي، ثم اعتم بهال المشرع فقنن أحكامها في عدة قوانين أخرى القانون 03.16 المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 1.06.56 الصادر في 15 محرم 1427 الموافق 14 فبراير، 2006 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5400 الصادرة في 2 مارس 06 الصحفية 566/575، وهذا العرض يستهدف تأصيل “الخطاب” ومحاولة تحديد المرحلة التي يصبح فيها الإشهاد العدلي وثيقة رسمية.
2- ومن المعلوم أن الشهادة يتلقاها ويحررها العدول تتصنف إلى صنفين:
الصنف الأول: شهادة أصلية تتضمن ما يتلقاه العدلان مباشرة وأمليا من عندهما، مثل
الشهادة العلمية بالإراثة أو بشيء آخر، والإشهاد بيع أو بتوكيل أو برهن أو بزواج أو بغير ذلك من المعاملات.
الصنف الثاني: شهادة استرعائية بتلقي العدول بموجبها تصريحات وإشهادات من الغير، ويدخل ضمن هذا الصنف شهادة اللفيف/ والتلقيات وهنا يلاحظ أن الصنف الأول من الشهادات، وهو الشهادة لأصلية هي من صميم مهمة العدول، باعتبارهم شهودا موثوقا بهم ومؤهلون لذلك قانونا. أما الصنف الثاني وهو الشهادة الاسترعائية، فهو ليس من الوظيفة الأساسية للعدول، وإنما يتولونه، حسب الرأي الفقهي السائد، نيابة عن القاضي، الذي هو المختص لتلقي شهادات الشهود، وتقييمها، وهو ما تنبئ عنه الصيغة الفقهية المتعارف عليها لخطاب القاضي على الشهادات اللفيفية التي هي “الحمد لله”، أدوا”(أي أدى الشهود شهادتهم) لدى من قدم لذلك (أي أمام العدلين المتلقيين) لموجبه (وهو تعذر أو صعوبة الاستماع إلى الشهود المعنيين من قبل القاضي مباشرة). فثبت (أي الأداء)، وأعلم به (أي أن القاضي الذي أناب عنه العدول في سماع الشهادة، أعلم بها غيره، من القضاة وممن يعنيه الأمر من السلطات، بقصد الاعتدال بالشهادة المتلقاة من قبل العدلين)، مع ملاحظة أن مرسوم الوزير الأول رقم 378/03 بشأن تطبيق أحكام القانون 16.03 جعل في مادته 38 صيغة الخطاب الملكي كما يلي “الحمد لله أعلم بأدائها ومراقبتها”.
3- والمعروف فقها، المستقر عليه العمل قضاء، أن خطاب القاضي على شهادة العدلين الأصلية، أو على تلقيهما من اللفيف/ هو –أي الخطاب- الذي يعطيها القوة المعترف لها بها، لدرجة أن الفقهاء أجمعوا على أن “الخطاب هو روح الشهادة العدلية”، وقد عبرت الفقرة الأخيرة من المادة 33 من القانون 16.06 عن المعنى السالف الذكر بقولها “لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب، وتعتبر حينئذ وثيقة رسمية”.
غير أن قيمة الخطاب هذه ينبغي أن تقتصر على الشهادات الاسترعائية بمعناها المتقدم، دون الشهادات الأصلية، كما سيأتي التعرض لتأصيله وتبريره.
4- ذلك أنه إذا علمنا أن إعداد الشهادة العدلية يمر بعشر خطوات:
أولها: طلب الشهادة م العدلين من قبل من يهمهم الأمر،
ثانيها: تلقي العدلين لتلك الشهادة، أو أدائهما شهادتهم العلمية، بعد استئذان القاضي في ذلك، وفق ما تن عليه المادة 27 من القانون المذكور،
ثالثها: إدراج موجز ومضمن الشهادة، المتلقات أو المؤداة، في مذكرة أحد العدلين، إن تم التلقي في مجلس واحد، أو في مذكرة كل واحد منهما إن تم التلقي في زمنين مختلفين، وفق ما تنص عليه المادة 28 من القانون سالف الذكر، مع ملاحظة أن القانون 16.03 لم يوجب بصفة صريحة توقيع العدلين على مذكرة الحفظ وإنما أشار – عرضا – في المادة 12 منه، الواردة في الفرع الثاني من الباب الأول من القانون المذكور، المتعلق بالحديث عن اختصاصات العدول وواجباتهم إلى أن “يتقاضى العدل مباشرة من طالبي الشهادات الأجور المحددة حسب نوعيتها، بمجرد تلقيها وتوقيع الأطراف على ملخصها بمذكرة الحفظ”.
رابعها: توقيع الأطراف المعنية، إلى جانب العدلين، أو العدل المتلية في حالة التلقي الانفرادي (إن تم لموجبه)، طبقا للمادة 12 من القانون المنظم لخطة العدالة، السالف الذكر،
خامسا: تحرير الشهادة المتلقاة أو المؤداة في وثيقة سالمة من أي بشر أو إصلاح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو إضراب، وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 33 من القانون المشار إليه،
سادسا: تذييل الوثيقة المحررة بتوقيع العدلين واسميهما، وتاريخ تحريرها، وفق ما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 33 السالفة الذكر،
سابعا: أداء العدلين للشهادة أما القاضي المكلف بشؤون التوثيق (ويتم هذا الأداء عادة بتسليم القاضي نسخة من الشهادة المحررة، وقد يصحب ذلك أداء شفاهي يوضح فيه العدلان للقاضي فحوى الشهادة وظروفها)، وفق ما تنص عليه المادة 34 من القانون المذكور،
ثامنها: تقديم الوثيقة المكتوبة إلى مصلحة التسجيل لاستخلاص الواجبات المترتبة عنها، وفق الفقرة الثاني من المادة 35 من القانون المذكور، وفق ما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 35 من القانون السالف الذكر.
تاسعها: خطاب القاضي على الوثيقة، وفق ما تنص عليه الفقرتان 1و3 من المادة 35 من القانون المشار إليه، والمادة 38 من المرسوم التطبيقي المشار إليه.
عاشرها: تضمين الشهادة في سجل التضمين المعد لها، بحسب نوعها.
وبعد هذه المراحل العشرة، تكتمل الشهادة العدلية، وتصبح مودعة في السجل المعد لها، حسب نوعها، وتظل رهن إشارة كل من له مصلحة في أخذ نسخ منها، تكون لها نفس قوة أصلها، وفق ما تنظمه المادتان 36 و37 من القانون المنظم لخطة العدالة، والنصوص المكملة أو المتممة.
5- هذا، وإن مفهوم عبارة “وتعتبر حينئذ وثيقة رسمية” الواردة في الفقرة الأخيرة من المادة 33 من القانون 03.16 المنظم لخطة العدالة، التي تنص على أن “لا تكزن الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب، وتعتبر حينئذ وثيقة رسمية”، يطرح سؤالا حول طبيعة الوثيقة العدلية، وحول قوتها الثبوتية قبل الخطاب عليها.
كما أن الخطوات والمراحل التي يتم فيها إعداد الوثيقة العدلية، كما هي كبينة في المادة 27 وما يليها من القانون المذكور، بشأن مراحل إعداد الوثيقة العدلية، تطرح سؤالا فقهيا وقانونيا وإداريا وقضائيا حول المرحلة التي تصبح فيها الشهادة العدلية مكتملة ملزمة لأطرافها متمتعة بقوتها، وهل يتم لها ذلك بمجرد تلقيها وتدوين موجزها في مذكرة الحفظ وتوقيع العدلين والأطراف المعنية على تلك المذكرة، أو بعد تحريرها في صيغتها الكاملة وتوقيع العدلين عليها، أو بعد أداء واجب التسجيل الذي قيد تتطلبه، أو بعد خطاب القاضي عليها، أو بعد تضمنها هذا السؤال، حول معرفة المرحلة التي “تولد” فيها الوثيقة العدلية، تترتب عليه آثار قانونية. هامة، وسواء من حيث القيمة الثبوتية للوثيقة، أو من حيث الجزاء الذي يترتب عن العبث بها، أو عن التكييف الذي ينبغي أن يعطى للمتابعات التي قد تثار في مواجهو متلقيها، أو شهودها، أو محررها، أو مستعملها.
6- إن الجواب عن السؤال السالف الذكر يقتضي تعريف “الوثيقة الرسمية”، وبيان المرحلة التي تصبح فيها الوثيقة العدلية مشمولة بهذا التعريف، وتتصف انطلاقا منها بصفة الورقة الرسمية.
أ‌- 1) لقد عرف الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود الوثيقة الرسمية بقوله:
“الوثيقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون”.
وتكون رسمية أيضا:
1- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في المحاكم.
2- الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، …”.
أ‌- 2) وعرفها القانون المدني المصري بأنها “هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه”.
ب‌- وعرفها الأستاذ أحمد نشأت بأنها “كل ورقة صادرة من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عمومية مختص بتحريرها من حيث نوعها ومن حيث نوعها ومن حيث مكان التحرير حسب القواعد المقررة قانونا يثبت فيها ما تلقاه من ذوي الشأن أو ما تم على يديه” (رسالة الإثبات، دار الفكر العربي، ط، 7، ج1ص182).
7- في ضوء ما سلف يمكن القول إنه يجب التميز، بشأن الوثائق التي يحررها العدول، بين الوثائق التي تولون فيها الشهادة كعدول شهود، وبين الوثائق التي ينقلون فيها شهادة غيره، نائبين في ذلك عن القاضي، وينبغي أن يدرج ضمن القسم الأول: جميع العقود، ورسوم الزواج، والشهادات التي يشهدها العدول من عندهم، وأن يشمل القسم الثاني ما يتلقاه العدل من غيره، ويعمم ذلك التلقيات والشهادات اللفيفية، والشهادات المثلية، التي تتلقى من عدل وستة من اللفيف.
8- ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى أن السبب التاريخي والفقهي لتطلب الخطاب، وتأصيل هذه المسألة، يبرر التمييز السابق:
ذلك أن المفروض في الشهادة أن يتلقاها القاضي في مجلس القضاء، غير أنه لما كانت الوقائع والأحداث التي يحتاج الناس إلى توثيقها ولإثباتها قد تقع صدفة، وفي أمكنة وأزمنة، لا يتأتى للقاضي حضورها، فقد أبيح للعدلين، استثناء، أن يستمعا إلى اللفيف، نيابة عن القاضي، ثم يرفعا إليه مضمن ما سمعاه ويؤداه أمامه، من جهة.
ثم فإن المعروف فقها وتوثيقا أن القاضي يتمتع بسلطة واسعة في التجريح والتعديل، أي أنه يقبل شهادة من يريد من الناس، ويرد شهادة من يشاء، وإذا قبل شهادة الشاهد (العدل) أضفى عليها صبغة الرسمية، بخطابه عليها.
ولهذا فإن أصل الخطاب بالنسبة للشهادات اللفيفية إنما يرجع إلى أن العدول إنما تلقوا الشهادة المخاطب عليها بصفتهم نائبين عن القاضي، لا بصفتهم أصولا، من جهة، ثم عن القاضي ونظرا لأن خطة العدالة لم تكن منظمة – كان “يعدل” من يشاء و”يجرح” من يريد، وينصب للقيام بمهمة العدالة والإشهاد من يراه أهلا لذلك، ولو بمناسبة واقعة معينة، ومن هنا كان خطابه، في هذه الحالة، يتضمن في ذات الوقت “تزكية” (وربما تسمية) العدل ولذلك كان الخطاب وقتئذ هو “روح الشهادة”.
وأما الشهادات الرسمية من يوع ورهون وزواج، وما شابه ذلك فإن العدلين يتلقيانها بصفتهما مؤهلين لذلك بموجب نص القانون، وليس بناء على توكيل، صريح أو مفترض، من القاضي، من جهة، ثم العدل يستمد صفة “العدالة” من قرار تعيينه، لا من تزكية القاضي له بمقتضى “خطابه” على شهادته، مما لا داعي معه لتوقف تمتم شهادته على الخطاب عليها من قبل القاضي.
وهذه القاعدة، التي يبررها الفقه والمنطق، وروح العصر، وتمليها ضرورات عملية لا بد من مراعاتها، ويبررها رفع التضارب عن “المفاهيم” القانونية لبعض الأوضاع التي تنجم عن تعليق إعطاء الصبغة الرسمية للشهادات العدلية الأصلية على الخطاب عليها من قبل القاضي، وذلك
– أنه ان اعتبر الخطاب هو الذي يعطي للوثيقة العدلية صبغتها الرسمية تعين القول ببطلان المتابعات التي تثار ضد بعض العدول من أجل جناية تزوير محررات رسمية، طالما أن ما ينسب إلى المتابع منهم عادة ما ينبني على وقائع مضمنة في مذكرات حفظهم، وليس بناء على تغييرات أدخلوها على الوثيقة العدلية بعد تحريرها والخطاب عليها.
– أنه لا يعقل أن تعتبر الشهادة العدلية مجرد ورقة عرفية، والحال أن الحياة العلمية تقتضي العمل بها، في بعض المجالات بمجرد تلقيها، وقبل تحريرها والخطاب عليها، كما هي الحال في رسوم الزواج التي جرت العادة والعمل على أن لا تتلقى إلا يوم الزفاف والدخول، مما يفتح المجال – إن كان الخطاب هو الذي يضفي الرسمية على الوثائق العدلية – للقول بأن الأمر يتعلق بزواج عرفي، مع أن هذا لم يقل به قائل، ونفس الشيء عن الإشهاد بالرجعة.
– أن بعض المعاملات، لا سيما في مجال العقار المحفظ، تحتاج إلى سرعة، تلافيا لضياع حقوق المتعاقدين، عملا بما هو معلوم ومقرر بنص الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري من أن كل ما لم يقيد على الرسم العقاري من المعاملات الإدارية المنشئة للحقوق العينية أو الناقلة أو المعدلة لها، يعتبر غير موجود إلى أن يقيد على الرسم العقاري، وانطلاقا من تاريخ التقييد، وذلك لأنه إن توقفت الوثيقة العدلية على اجتياز كل المراحل العشرة السابق ذكرها لتصيير رسمية، تعذر تقييدها، ولو احتياطيا، على الرسم العقاري، مما قد يفضي إلى ضياع حقوق أحد المتعاقدين، ونشوء منازعات عادية، والمساس باستقرار المعاملات.
وهنا يجدر التنبيه إلى أن صيغة الفقرة الأولى من الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود، التي تنص على أن “الوثيقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون”، تسمح بإضفاء صبغة الوثيقة الرسمي على الوثيقة العدلية، ولا يشوش على هذا الاستنباط ما ورد في صيغة المقطع 1 من الفقرة الثانية من الفصل المذكور، الذي جاء فيه “وتكون رسمية أيضا: 1 الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم”، وذلك لأن مضمون الفقرة الأولى سالفة الذكر إنما هي قسيمة ومقابلة لمضمون المقطع 1 من الفقرة الثانية، وليست مرتبطة بها، بمعنى أن رسمية الوثيقة لا تتوقف، في المبدأ العام، إلا على توفر عناصرها المستخلصة من التعريف القانوني الواردة في الفقرة الأولى من الفصل 418 والفقهي المتعارف عليه لدى عامة الفقهاء، وتلك العناصر هي: أن يتعلق الأمر بوثيقة مكتوبة، وأن تكون الوثيقة المذكورة متلقاة من قبل موظف عمومي له صلاحية التوثيق، وأن يكون ذلك الموظف مختصا مكانيا لذلك التلقي، وأن يحررها في الشكل المقرر قانونا. هذا بطبيعة الحال مع الأخذ بعين الاعتبار أن قانون الالتزامات والعقود نص عام وليس نصا خاصا.
9- وهكذا يبدو جليا أنه آن الأوان لفهم روح الفقه، والتطلع إلى وضع أفضل، وإلى حماية الناس من البطء الذي يتطلبه إعداد الوثيقة العدلية، إن ظل الأمر على العموم المشار إليه، وذلك بالقول بأن الشهادات العدلية الأصلية تعتبر منذ تلقيها وإدراج ملخصها بمذكرة الحفظ والتوقيع عليها شهادات رسمية، تنتج كافة أثار الورقة الرسمية، من يوم تلقيها وتدوينها بمذكرة الحفظ، يؤيد ذلك:
أ‌- أن القانون 16.03 المنظم لخطة العدالة أضفى في مادته الأولى على العدل صفة “مساعد القضاء”، وأكد في المادة 7 أن تعيبنه يتم بقرار من وزير العدل، وأوجب عليه في المادة 10 أن يؤدي اليمين القانونية قبل الشروع في مباشرة مهامه، وأوجب عليه في المادة 20 أن لا يتوقف عن ممارسة تلك المهام إلا إذا قبلت استقالته، وجعله بمقتضى المادة 21 مسؤولا عن حفظ الشهادات التي يتلقاها، وقارنه في المادة 22 بالوظائف التي تتنافى مع مهنته، ومتعه في المادة 26 بالحماية التي يخولها الفصلان 263 و 267 من القانون الجنائي لرجل القضاء والموظفين العموميين ورجال القوة العمومية، وهذه الصفات التي أضفاها القانون 03.16 على العدل، تجعله يتمتع بصفة الموظف المخولة له مهمة تلقي الاشهادات، مما يقتضي أن تخول له الاستقلالية للقيام بمهمته هذه، تحت مسؤوليته، أسوة بما عليه الأمر في كثير من القطاعات الأخرى، مثل قطاع التوثيق العصري، وقطاع المحاسبة، سيما أن قانون خطة العدالة يوجب التلقي الثنائي، خلاف القطاعات الأخرى، مما يشكل ضمانة كافية.
ب‌- وأن المشرع نفسه أقر برسمية الوثيقة العدلية عندما أوجب على العدلين، في المادة 28 من المرسوم التطبيقي رقم 378 تقديمها بمجرد تلقيها، إلى قابض التسجيل لاستخلاص الواجب المترتب عنها، وذلك لأن قابض التسجيل يحتفظ لديه بنسخة من الوثيقة “لمسجلة”، ويحق له أن يسلم نسخا منها ثابتة التاريخ للأطراف، كما هو معلوم، وهذه خاصية تجعل من الوثيقة العدلية المسجلة وثيقة رسمية ثابتة التاريخ ( علما بأن القانون 16.03 منع على القاضي، في المادة 35 منه، أن يخاطب على الوثيقة العدلية قبل أداء واجبات التسجيل عنها، وهو منع زكاه بما تضمنته المادة 38 من المرسوم التطبيقي 378 من لزوم توجيه الوثائق العدلية بعد الخطاب عليها إلى قابض التسجيل).
ج‌- وأن المرسوم التطبيقي 378 أجاز ، في المادة 35 استخراج نسخ من الشهادات العدلية غير المخاطب عليها وإحياءها، وهو ما يدل على الاعتراف بقيمتها.
د‌- وأن التأشير من قبل القاضي على مذكرة الحفظ، وفق المادة 17 من المرسوم التطبيقي 378، يضفي على المذكرة المذكورة صبغة الوثيقة الرسمية، الأمر الذي ينطبق على كل محتوياتها، من الشادات.
من هذا المنطلق وبناء على هذه المبررات، وحماية للأفراد والأشخاص المتعاقدة، يكون من المناسب تعديل القانون 16.03 واعتبار الوثائق العدلية الأصلية شهادات رسمية، دون أن تتوقف على الخطاب، ومن غير مساس بحق قاضي التوثيق في مراقبتها ومراقبة أعمال وتصرفات العدول.
10- وإلى أن يتحقق هذا المسعى، لا أقل من أن يعطى للشهادات الأصلية المتلقاة والمدونة بمذكرات الحفظ والمذيلة بتوقيع العدلين صبغة الوثيقة المثبتة للحق، وأن يفسح المجال أمام أطراف الوثائق المذكورة، وأمام العدول الذين يتلقونها لاستعمالها في حفظ حقوقهم، سيما إيقاع قيود احتياطية على العقارات المحفظة، في نطاق صدر الفقرة الثانية من الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، التي تخول لمن له سند مثبت للحق أن يطلب مباشرة من المحافظ على الأملاك العقارية وضع قيد احتياطي لمدة عشرة أيام حفاظا على حقوقه، ريثما يتأتى له استكمال شروط التقييد النهائي للحق موضوع السند المقيد احتياطيا.
11- وانطلاقا من التبرير والتحليل السابقين فإن الشهادة العدلية الأصلية التي يتلقاها العدلان مباشرة ويضمنانها بمذكرة الحفظ، ينبغي أن تعطى لها قوة الحجة الرسمية ولو قبل الخطاب عليها، نظرا لتوفرها على كافة أركان وعناصر الشهادة الرسمية، المتفق عليها فقها، حفاظا على حقوق الأطراف، ولا ضير على المحافظين على الأملاك العقارية ان اعتمدوها، في تدوين قيود احتياطية على العقارات محل التعامل، في نطاق السلطة المخول للمحافظ بموجب الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، لإيقاع تقييد احتياطي بناء على سند، لا يمنعهم من ذلك ما يوجبه عليهم الفصل 72 من الظهير المذكور، من التحقيق تحت مسؤوليته من هوية الأطراف ومن صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا.

[1] وذلك كما في المادة 12 من القانون الجديد المتعلق بنظام الملكية المشتركة، حيث أجازت إبرام التصرفات المتعلقة بالعقار ولو كان غير محفظ بمحرر رسمي أو عرفي، أنى كان محرر العقد الرسمي من العدول أو من غيرهم ممن يحررون الأوراق الرسمية.
[2] أهمها الزواج والوكالات والعزل منها، والصلح بين الزوجين أو عدمه.
[3] – عبد العزيز توفيق، القانون العقاري، سلسلة النصوص التشريعية المغربية ص 11/12، دار الثقافة للنشر والتوزيع بالدار البيضاء طبعة 1993.
[4] – شأن التوثيق في هذه الازدواجية شأن باقي الأنظمة الشرعية المغربية الأخرى التي خلق لها المستعمر الغاشم بديلا ونظيرا، وكان دائما يسميها بمثل هذه التسمية، تمييزا لها وتلميعها من صورتها وإظهارها بمظهر التطور والعصرنة، كإطلاقه المحاكم العصرية في مقابل المحاكم الشرعية، والتعليم العصري في مقابل التعليم الأصيل، والوكيل العصري أو المحامي في مقابل الوكيل العدلي … إلخ.
[5] – لم يسم ظهير 4 مايو 1925 هذا التوثيق ب “العصري”، ولم يكن يتسمى بهذا الاسم في بداية عهده، إلا أنه مع مرور الأيام والسنين بدأت تطلق عليه عرفا تمييزا له عن التوثيق العدلي الأصيل، إلى أن أصبح مؤخرا يتسمى بهذا الاسم في ديباجة عدة ظهائر بتعين موثقيها، منها الظهير الشريف رقم 93.1.252 صادر في 1993.9.10 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4229 بتاريخ 1993.11.17.
[6] – ينظر – مثلا – عبد الحق صافي، عقد البيع دراسة في قانون الالتزامات والعقود وفي القوانين الخاصة ص 185-184طبعة أولى 1998 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء المغرب.
[7] – أحدثت بمناسبة صدور قانون توحيد القضاء وتعريبه ومغربيته، لجان لتعريب النصوص التي كان معمولا بها في المحاكم المحدثة سنة 1913، ومنها ق.ل.ع. ولما عرضت أعمالها على الملك أمر بمراجعتها لتكون منسجمة مع وضع المغرب المستقل، وهكذا تم إدخال عدة تغييرات عليها ولم يصادق عليها، علما أن النص العربي لم ينشر نشرا رسميا وإلى حد الساعة.
[8] – انظر على سبيل المثال: د. ادريس العبدلاوي: وسائل الإثبات في التشريع المغربي. ج1 ص 150، حسن الفكهاني وسعيد الفكهاني: التعليق على ق.ل.ع المغربي في ضوء الفقه والقضاء، ج3 ص.2، محمد الحبيب التجكاني: النظرية العامة للقضاء والاثبات في الشريعة الإسلامية مع مقارنات بالقانون الوضعي ص 259.

المراجع المعتمدة

التوثيق العدلي بين الفقه المالكي و التقنين المغربي و تطبيقاته في مدونة الأسرة الجزء الأول و الثاني الطبعة 2009 لفضيلة الدكتور العلمي الحراق.
الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة الطبعة الأولى 2009 لفضيلة الدكتور العلمي الحراق.
مجلة السماط العدد الأول 1430/2009

مجلة المنتدى العربي للتوثيق دورة مراكش.

من عبد الحق سقري اقدم اعتذاري الى فضيلة الدكتور العلمي الحراق عن نشر مقال *فصل المقال فيما بين العدول و التوثيق من اتصال* والذي لم تتم فيه الاحالة الى مراجع كتاب فضيلة الدكتور استاذنا العلمي الحراق نظرا إلى أن المقال سقطت منه بعض الاحالات والاشارة الى المراجع، وبعد تنبيهي من طرف الزملاء، وحفاظا على مبدأ الأمانة العلمية، وتعميما للفائدة فإنني سأعيد نشر المقال متضمنا لكافة الاحالات والاشارة إلى المراجع و تنقيحه لغويا في اقرب وقت ممكن