لست أدري لماذا سن المشرع الجمعية العامة. لقد شغلتكم مسودة القانون المراد إصلاحه، وكثر بكاؤكم على الأطلال، وكثر العويل والضجيج هنا وهناك؟حتى أصبح كل واحد من زملائنا يغني بما يحلو له، وها أنا أرى بأم عيني أن السادة المهتمين بكثرة القال والقيل، والعجز عن القيام بأي عمل ملموس، وكل واحد منهم في طغيانه وجبروته يعمهون. عودوا لمؤسستكم العتيدة، التي لا تعرفون قيمتها ولاتقدرونها حق قدرها، ألا وهي الجمعية العامة للهيئة الوطنية للعدول، فهي المؤسسة ذات الشأن الكبير، والصلاحية المطلقة، فهي فوق المكتب التنفيذي، وفوق الرئيس وفوق كل شيء، ألم يخصها المشرع بكونها: أعلى جهاز يحدد التوجهات الكبرى للهيئة وتتكون من رئيس الهيئة و … وهي أعلى سلطة تقريرية.

الاستاذ البوريني يكرم بمراكش من قبل وزير العدل السابق الرميد

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا العويل والبكاء على الأطلال بدون فائدة؟ فالجمعية العامة في هذا الظرف الدقيق مسؤولة عن انتحار أو انتصار الهيئة، سيما وأنها انتخبت لجنة من خيرة أبنائها، فلماذا التقاعس والإنتظار؟ إن وزارة العدل لن تفرش لك الورود أبدا، بل ستقدم لك شجرة الزقوم والحنضل، وسوف لا ترى منها إلا ما يؤلمك، ويشدد عليك الخناق، وتحيطك بسياج من الفصول الشائكة التي تثقل كاهلك بالعقوبات المشددة، لأنها تعتبرك مجرما قبل ارتكابك الفعل.
خطابي موجه إلى اللجنة المنبثقة عن الجمعية العامة، أقول لها وبكل تواضع إذا لم تأخذوا زمام المبادة، بالعمل الملموس، وذلك بتفرغكم بمقر المكتب التنفيذي بالرباط للسهر على صياغة مشروع مسودة القانون وتنقيحه ، وترسموا التوجهات الكبرى التي تطمحون إليها لأن الأمر يهمكم ويهم السادة العدول الموثقين قاطبة، وبعد قيامكم بهذا العمل، تكون الجمعية العامة قد استيقظت من سباتها العميق الذي دام تسع سنوات، وبعد ذلك، يقدم المشروع إلى المكتب التنفيذي لتقديمه وفرضه على الوزارة فرضا. وهذه هي الوسيلة الوحيدة التي يجب القيام بها وجوبا. وإذا لم تفعلوا ما أشير إليه، فاعلموا أنكم فرطتم في القيام باختصاص الجمعية العامة. وإذا فرطتم في هذه المبادرة، فإنها خيانة للأمانة وسيتم بيع المهنة بثمن بخس، والجمعية العامة واللجنة المنبثقة عنها لا يشرفها هذا أبدا. وستكون الكارثة لا قدر الله.
ماذا ينبغي فعله ؟ على المكتب التنفيذي أن يخصص فورا ميزانية للجنة المنبثقة عن الجمعية العامة لمدة أسبوع أو أسبوعين للإعتكاف على دراسة مسودة القانون وتنقيحها وصياغتها، وتعليلها تعليلا علميا، مع وجوب الإستعانة بمن تراه اللجنة خير معين، وبذلك تكون اللجنة قد قامت بواجبها وأبرأت ذمتها وقدرت مسؤوليتها التاريخية، لأن اللحظات التي نعيشها تعتبر لحظة انتحار والموت البطيء خصوصا في ظل هذا العويل والإنتظار المقيت هو أصل الانتحار، أملي أن تجد كلمتي هاته الأذان الواعية والقلوب المنشرحة وبهذه المناسبة أحيي إخواني أعضاء اللجنة المنبثقة عن الجمعية العامة، وأقول لهم مزيدا من الحذر ولا إيخالها إلا فاعلة. وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.
*ذ/ عبد السلام البوريني

رئيس الهيئة الوطنية للعدول سابقا